نظرية العمارة (Theory of Architecture) هو كتاب مثير للجدل إلى حد ما عن الهندسة المعمارية من تأليف نيكوس سالينكاروس (Nikos Salingaros)، نشر في عام 2006. هذا الكتاب هو إعادة عمل لمقالات منشورة سابقا استخدمت في الدراسات العليا للعمارة. أربعة من الفصول الاثني عشر كانت مكتوبة أصلا بالتعاون مع مايكل ميهافي (Michael Mehaff)، تيري ميكفين (Terry Mikiten)، ديبورا تيخادا (Debora Tejada)، و- هينغ سينغ يو (Hing-Sing Yu).
الكتابات الأكثر حداثة لسالينكاروس ركزت على البيوفيليا (حب الطبيعة) كعنصر أساسي من عناصر البيئة المبنية، وبذلك فهي تحمل أفكار إدوارد أوزبورن ويلسون تجاه المشروع المستدام. (Edward Osborne Wilson- عرف علم الاجتماع البيولوجي, أو السوشوبيولوجي, كدراسة منهجية للسلوك الاجتماعي) [1]
هذا الكتاب هو بداية هجوم مضاد منتظر ومتوقع : المؤلف، هو أستاذ في جامعة تكساس، يعرض نقد جذري لتدميرية أحدث الاتجاهات المعمارية. التفكيكية، أحدث موضة للمهندسين المعماريين، تكشف عن حقيقية جميع تيارات الحداثة، والتي هي مدمرة للمدينة ¨، والمجتمع والثقافة الإنسانية. في الواقع انتجت مدن غير صالحة للعيش, ضجيج متواصل، تدمير للمصفوفة الطبيعية، خطيرة، أنانية، وجميع الفظائع التي تلت عن ذلك، وبالتالي فإن المجتمع المتقدم أصبح كابوسا، المباني مشوهة وخطيرة. قراءة هذا الكتاب ،مهمة لأي شخص يهتم بالعمارة، ينبغي أن يكون إلزاميا في المؤسسات التي تُدرس التصميم والتخطيط وغيرها من مجالات البيئة المبنية.
المؤلف يتحدث عن الكتاب كالاتي: "هذا الكتاب يعرض بعض الأفكار التي بحثت في محاولة لاستكشاف أسس التصميم المعماري. قادني البحث إلى تطبيق العلوم والرياضيات في الهندسة المعمارية، هذا البحث احرز نتائج جديدة ومفيدة. معظم المعماريين يعرفون عن تطبيق المبادئ الرياضية في تاريخ العمارة القديم مثل العلاقات النسبية—ولكن ليس هذا هو النوع من الرياضيات الذي يحكم العمارة بشكل شامل. انها, بالأحرى، رياضيات الفراكتل (الهندسة الكسيرية- fractals)، ونظرية المعلومات والتعقيد (). لقد قدمت هذه النتائج في طريقة مبسطة أكثر ما يمكن، ليكون مفيدا للمعماريين، وكذلك لطلاب العمارة, حتى لأولئك الذين معرفتهم الرياضية متواضعة جدا.
كل فصل من فصول الكتاب يتكون من واحد من مقالاتي حول الهندسة المعمارية. هذا الموجز يمكن استخدامه كدليل للتصميم المعماري، أو كمواد تكميلية. بالفعل, الفصول المختلفة استخدمت في كثير من المدارس منذ بداية نشرها. المضمون هو ان العمارة ينبغي أن تستند إلى المبادئ التي يتم الاستدلال عليها من فحص دقيق للتجارب العلمية والتجريبية. أعرض النتائج الجديدة بطريقة أصلية عن التصميم المعماري ومبادئه الأساسية. تكويني المعماري هو نتيجة تعاملي الطويل مع كريستوفر ألكسندر ومساعدتة في نشر الكتاب طبيعة النظام ("The Nature of Order"), ولذلك، بطبيعة الحال، عملي متأثر بشكل عميق من عمل الكسندر". [2]
المعلومات الواردة في هذا الكتاب هي منجم من ذهب حقيقي حول تقنيات التصميم. يُعلم القارئ كيفية التصميم من خلال التكيف مع احتياجات وحساسية الإنسان، ولكن بمعزل عن أي نمط معين. هنا يوجد توحيد بين العمارة التقليدية ونوع جديد من الانضباط العلمي. يُفسر الكثير من المعرفة التي يفهمها الناس بشكل غريزي عن العمارة، ويضع تلك المعرفة لأول مرة في موجز وبشكل مفهوم. فصول الكتاب تتناول مواضيع حساسة للغاية: ما الذي يدفع المعماريين على إنتاج الأشكال التي يبنوها، ولماذا يستخدمون عدد ضئيل فقط من المفردات البصرية.
"العمارة والتعمير تتطلب تواضع من الخالق الفردي للخلق المقدس للكون، فضلا عن حدس الجمال والوئام والعدالة، والحقيقة والخير "-- لوسيان ستيل (Lucien Steil).
الأصالة
هذا الكتاب ينضم إلى الحركة الأخيرة التي تفسر الظواهر الاجتماعية والثقافية من خلال النماذج العلمية. من الكُتاب الذين كتبوا عن العلوم الشعبية وبنتائج إيجابية, ريتشارد دوكينز (Richard Dawkins)، ستيفن بينكر (Steven Pinker)، وإدوارد أوزبورن ويلسون (Edward Osborne Wilson). منذ ذلك الحين بينوا ماندلبروت (Benoit Mandelbrot) قال ان العمارة التقليدية كانت أكثر ارتباطا بالفركتل من مباني القرن العشرين، وهذا أثار اهتمام الناس حول إمكانية فهم الشكل المعماري بلغة الرياضيات. طبيعة الفركتل للهياكل الطبيعية واضحة في التضاريس، والناس لاحظوا أن العمارة التقليدية تُمزج بشكل أفضل مع المناظر الطبيعية.
سالينكاروس كمَل عمل كريستوفر الكسندر، ووضع ملاحظات عن توليف الشكل (Synthesis of Form)، عن نمط اللغة (Pattern Language)، وعن طبيعة النظام (Nature of Order). نيكوس تعاون مع الكسندر لسنوات عديدة، وكان واحد من محرري "طبيعة النظام". فهو يقترح القوانين الرياضية للتحجيم، ودعم الدور الاساسي للفركتل (نمط هندسي ذات نمو متكرر) في العمارة، وقدم وصفا لقواعد التواصل بين التقسيمات الفرعية التي يمكن أن تساعد على إنتاج تصميمات أكثر جمالاً. في الواقع، القواعد الجمالية الأصلية تأتي من العلم وليس من أي مصدر فني عفوي. قال ألكسندر بأن هذه النظرية للتصميم تتوافق بشكل وثيق مع تطورات البشر التي تستحق التقدير. الكتاب يقدم العديد من الطرق العلمية المبتكرة للاقتراب من التصميم، وتعارض الأساليب المجردة والغير رسمية التي تعتمد فقط على القدرة على التصور (imageability). [3]
علم الرياضيات يكتب عن نظرية العمارة، ولكن هذا الكتاب لا يُقرأ مثل أي نص رياضيات (هناك عدد قليل جدا من المعادلات). كما أنه لا يشبه الكتب التي عادة ما تكتب عن نظرية العمارة، والتي تميل إلى الاعتماد بشدة على الفلسفة. بدلا من ذلك، أنه يعطي أدوات عملية عامة وأفكار جديدة للتصميم. موضحا التصميم كعملية تدريب عملي على العمل، والغريب في الأمر أن هذا النص هو أكثر جوهريه من العديد من كتب نظريات العمارة المعاصرة.
التأثير
الأمير تشارلز كتب في تمهيد هذا الكتاب : أن سالينكاروس هو مفكر جديد وقادر على إثارة الاهتمام والفضول. مثل الأمير تشارلز، سالينكاروس معجب كبير بالعمارة الإسلامية، ونظرية التصميم الذي يقدمه الكتاب يمكن أن تكون صالحة أيضا للعمارة الكلاسيكية والإسلامية، أو أي عمارة عامية أو تقليدية.[4]
'الكتاب يعرض وجهة نظر مختلفة جدا عن الهندسة المعمارية والتصميم, التي اخذت من النصوص التعليمية االمستخدمة في مدارس الهندسة المعمارية خلال العقود العديدة الماضية. الكتاب ينتقد التعليم الحالي للهندسة المعمارية لانة يستمر في الاعتماد على عدد محدود من النماذج دون التمحيص فيها, وهذا يؤدي تلقائيا إلى عدم القابلية على التكيف والاستدامة. يمكن للمرء أن يحصل من ردة فعل الطبيعية على العديد من الامثلة للتأكد من هذه الانتقادات والتي فيها سوف يجد المصممون الكثير من المواد المفيدة لعمل نهج جديد في تعليم العمارة.
علماء الأنثروبولوجيا K. Sorvig J. Quillien علقوا قائلين : "إن روح يعقوب برونويسكي (Jacob Bronowski) يتخلل أعمال نيكوس سالينكاروس. "إن نظرية العمارة" تقودنا مباشرة إلى قلب الأسئلة الصعبة. سالينكاروس يستكشف الطرق من أجل توضيح وإضفاء طابع رسمي على فهمنا للأشكال الجمالية في البيئة المبنية، وذلك باستخدام الرياضيات، الديناميكا الحرارية (Thermodynamics)، والداروينية (Darwinism)، نظرية التعقيد (complexity theory) والعلوم المعرفية (cognitive sciences). المسلمات الثقافية المستمدة من قواعد التحجيم هي التي تحكم الطبيعة البشرية في تقدير الهندسة المعمارية.[5]
المهندس المُدرس أشرف سلامة قال أن هذا الكتاب هو ذات قيمة كبيرة لمُدرسين العمارة. فهو يساعدهم على تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة الموروثة في تعليم الهندسة المعمارية... المعرفة عادة ما تُقدم للطلاب بطريقة ارتجاعية حيث التعميمات التجريدية والرمزية تستخدم لوصف نتائج البحوث دون بث الإحساس بالظواهر الموصوفة، وفي عام 1988 أكد دونالد شون (Donald Schon) هذا الرأي... بدلا من إعطاء الطلاب التفسيرات الجاهزة عن عمل المعماريين المشهورين، هذا الكتاب يقدم رؤية أعمق في فهم الجوهر الحقيقي للهندسة المعمارية. وأنا أقترح على مدرسين العمارة أخذة بعين الاعتبار في شرح نظريات العمارة سواء في برامج البكالوريوس وأيضاً في الدراسات العليا.[6]
الكثير من فصول هذا الكتاب ترجمت إلى لغات مختلفة.[7],[8],[9],[10]
المواضيع الأساسية
العمليات الداروينية
التصميم يتطور بطريقتين : في ذهن المعماري من أجل التوصل إلى تصور نهائي، وعن طريق متغيرات في تصنيف المبنى على قيد الإنشاء على أرض الواقع. وهناك العملية الداروينية تلعب دورا هاما في تصميم وتطور (أو استمرار) الأنماط المعمارية. سالينكاروس يخلق إطار لهذه الآليات حيث يحدد كيف تتطور التصاميم، والخطوط العريضة لنموذج مفصل. مفتاح قلقه الرئيسي هو في فهم معايير الاختيار بين البدائل المتنافسة : هل هو بدافع التكيف مع الاحتياجات الإنسانية، أو هو على أساس مطابقة بين صور عشوائية ؟ وما هو نوع العمارة من الناتجة؟
سالينكاروس يستخدم عمل ريتشارد دوكينز (Richard Dawkins)، وخاصة النموذج ميمي (meme -ميمي: الوحدة الأساسية للتطور الثقافي الإنساني مشابهة للجينات في الوراثة)، لشرح كيف أنماط العمارة وعناصر التصميم تنتقل في المجتمع. سالينكاروس يركز على النقد اللاذع للطرز المعمارية مثل الحداثة (modernist) وما بعد الحداثة (post-modernist)، والتفكيكية (deconstructivist). سالينكاروس يدّعي أن هذه العمارة هي غير تكيفية تُبث في المجتمع على طريقة إعلاناتجلجل (jingle)، وليس بسبب صفاتها الجديرة بالاهتمام.
التعقيد
سالينكاروس يستخدم نموذج معقد لتقدير "نوعية الحياة" في المبنى ،والكمية التي تقيس تنظيم المعلومات البصرية. وقال ان هذا النموذج مبني على مقارنة مع عمليات الفيزياء الحرارية، ويمتد من عمل سابق ل هربرت سيمون (Herbert_Simon) وارن ويفر (Warren_Weaver). المصطلحات تنشأ من التشابه مع الأشكال البيولوجية. سالينكاروس ميز بين التعقيد "المنظم" و"غير المنظم"، ومضى قدما في المطالبة (بالاستناد على البيولوجيا) بالمزايا الايجابية القديمة.
على الأقل بالنسبة لأولئك الذين يحبون المباني التقليدية، يوجد هناك علاقة بين تدابير "الحياة" وادراك قدرها العالي في المبنى. من ناحية أخرى في المباني التقليلية(Minimalist) والتفكيكية (deconstructivist)، ذلك المعدل منخفض جدا، وهذه هي نقطة خلاف مع معظم المهندسين المعماريين. كريستوفر الكسندر يستنسخ نتائج سالينكاروس في كتابة طبيعة النظام، قائلا : "يُقال ان معادلة حسابية بسيطة مبنية على أسس من اعتبارات عن طبيعة بنية الحياة، لا يهم كم هي بدائية، لكنها تقود إلى أنواع من النتائج المطلقة. وفي تحليلات أخيرة تبين أنه يمكنان تستخدم في قياس مستويات الحياة الكامنة في العمارة.. [11]
أدلة قواعد التصميم
سالينكاروس يصف العمارة (أو على الأقل تلك التي يعتبرها تكيفية) كظاهرة نمو مميزة. الفكر المعماري المعاصر في الآونة الأخيرة يتحرك في هذا الاتجاه، وهذا الكتاب يساهم في تقدمة إلى الأمام. في الوقت الحاضر, عموما, نظرية المعمارية تحولت إلى جهة نظر ضيقة، متجاهلة الفراغ المعماري ومعانية. [12] في نقاش أوسع، أصحاب النظريات المعاصرة يهتمون مرة أخرى بالظاهراتية (phenomenology- حركة فلسفية معاصرة للتصميم المعماري، تهتم في مجال علمي محدد قائم على دراسة مواد البناء وخاصيتها الحسية). كريستوفر الكسندر وسالينكاروس تجاوزوا الأدوات الفلسفية المحدودة القديمة للظاهرتية لاستخلاص نتائج مبنية على أدلة. بينات التصميم هي عملية اتخاذ القرارات بشأن البيئة المبنية بالاستناد على البحوث ذات مصداقية لتحقيق أفضل نتائج ممكنة, تستخدم حاليا في تصميم بيئات الشفاء مثل المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية.[13] وبالتوازي مع تطورات فكرية في مجالات أخرى هناك ثورة في مجال البحث العلمي في نهاية الألفية، كُتاب مثل سالينكاروس، الكسندر، وآخرون يسعون إلى بناء المعرفة النظرية في الهندسة المعمارية من النتائج التجريبية.
هذة المواضيع اعتمدت من قبل مجموعة من المهندسين المعماريين في تطبيق البيوفيليا، وهو مصطلح استخدمه ادوارد اوزبورن ويلسون لوصف الذاتية، والاستعداد الوراثي للكائنات البشرية نحو الهياكل الموجودة في الكائنات الحية الأخرى، مثل الحيوانات والنباتات. [14] مفتاح الباحثين الرئيسيين في التصميم البيوفيلي هو الرجوع إلى عمل سالينكاروس، وإلى فصول هذا الكتاب على وجه الخصوص. [15] [16]
لغات النمط
سالينكاروس طور لغات نمط (Pattern languages)، التي قدمت أصلا من قبل كريستوفر الكسندر، واستخدمت في الهندسة المعمارية، وكذلك في تصميم البرمجيات. في وقت سابق كتب سالينكاروس وثيقة مهمة عن "بنية لغات النمط "، واصفاً فيها توافقيات الأنماط اللازمة وفعالية استخدامتها. هذا ينطبق على كل من البرمجيات والتصميم المعماري والحضري. في "نظرية العمارة"، سالينكاروس بين كيف يمكن الجمع بين لغة النمط ولغة الشكل للحصول على طريقة تصميم قابلة للتكييف. المسالة هي أنة بينما التجريد المقبول, المرتبط بأسس علمية في التصميم, له الكثير من القواسم المشتركة مع تطورية الأجهزة (Evolvable hardware) وهو أكثر فعالية من المناقشات الفلسفية الموجودة في نظرية العمارة المعاصرة.
اسلوب الفركتل
هذا الكتاب يناقش كيف أذهاننا تتصور (perceives) وتدرك (conceives) الشكل المعماري، ويضع مسلمات بان الفركتل وغيرها من الآليات التنظيمية تلعب دورا رئيسيا في الإدراك الحسي. ثم يناقش مسالة أن البشر بطبيعة الحال يفضلون الفركتل والهياكل المنظمة، استنادا إلى الكيفية التي يعمل بها العقل. [17] معظم خبراءالبيولوجيا التطورية الحديثة تقبل فكرة أن التطور يعتمد على جيومتريةالبيئة الطبيعية، وبالتالي يجب أن تكون متسقة مع البنية المورفولوجية والبيولوجية. ومع ذلك، فإن الرأي القائل بأن الاصطفاء الطبيعي قد جعل العقل يفضل بعض الأشكال والتكوينات هو أكثر إثارة للخلاف والجدل.
الفركتل في العمارة الجديدة
في السنوات الأخيرة، تم تطبيق الطريقة العلمية في التفكير التحليلي للعثور على القوانين الأساسية للعمارة والعمران، بالتعاون بين سالينكاروس والمنظّر المعماري كريستوفر الكسندر. وتظهر النتائج أن المبنى أو المدينة، يخضع لنفس القوانين التنظيمية لاي كائن بيولوجي أو لاي برنامج كمبيوتر معقد. العمارة الجديدة تعتمد على قواعد علمية بدلا من أن تُملى من الأسلوبية. باستخدام هذه القواعد، يمكننا إنشاء مبان جديدة لها نفس إيجابية المباني التاريخية، دون نسخ لا الشكل ولا الأسلوب. [18]
المباني التاريخية الكبرى والعمارة العامية (الشعبية) في جميع أنحاء العالم، لها تشابه بالرياضيات. واحدة من هذه هي بنية الفركتل : التي يمكن ملاحظتها على كل مستوى من التكبير (magnification)، وبين المستويات المختلفة هناك ترابط قوي في التصميم. في المقابل، مباني الحداثة ليس لها صفات الفركتل، أي لديها عدد قليل من المقاييس، والتي لا ترتبط مع بعضها بأي شكل من الأشكال. في الواقع، يمكن للمرء أن يرى قاعدة غير مكتوبة في التصميم العصري وهي تجنب مقاييس التنظيم الفركتلي.
فإننا نرى هذا النوع من البنية الفركتلية في المباني التقليدية, وأيضاً في العمارة الشعبية هناك خصائص فركتلية.إعتقاد المؤلف هو أن الدماغ مصنوع لبناء الأشياء بطريقة معينة، لذلك فطرياً لا بد لنا أن نبني عمارة فركتلية. نحن بحاجة إلى توليد أنواع معينة من الأشكال والعلاقات الهندسية. ولكن بعد أن نتأثر بنمط معين نبتعد عن ما هو طبيعي بالنسبة لنا.
المدن—على الأقل تلك الأكثر جمالاً - مثل باريس والبندقية ولندن- عادة ما تتكون من الفركتل، أي من نمط هندسي ذات نمو متكرر. كل شيء، الطرق والشوارع واشكال الواجهات ووضع الأشجار هو فركتل. وقد تم قياس هذا رياضيا من قبل باحثين مثل بيار فرانكهاوزر (Pierre_Frankhauser) ومايكل باتي (Michael Batty).
الفركتل له سمتان ذات صلة: - يظهر تعقيد في كل تكبير، الحواف والروابط بينهم غير متجانسة، بل إما أن تكون مثقوبة أو مجعدة. الفركتل لديه هيكل رابط على مستويات مختلفة. المدن التاريخية منظمة بشكل جيد في كل تكبير، في حين أننا في المدن المعاصرة نرى هذا التنظيم على بُعد واحد فقط.
في الفركتل ليس هناك خطوط مستقيمة. السطح مستوي ليس لدية بنية جزئية. وبالتالي ليس فركتل. الأعمدة والأقواس، صفوف من المباني الضيقة مع العابرة مسارات, جميعها تتوافق مع نفاذية الأغشية بفتحات تسمح بالتبادل—هذا هو احدى نواع الفركتل.
عندما تتفاعل المناطق الحضرية النافذة، فإنها معقدة، مثل النهر المتعرج أو الستارة المطوية. حافة المبنى تتشابك مع الفراغ المجاور، ينشأ نوع آخر من الفركتل. هذا الطي العفوي هو نتيجة القوة الطبيعية للمناطق الحضرية، على سبيل المثال، أجزاء من المباني التي تنمو على الرصيف. على الرغم من التهديد الواضحة للأماكن العامة، يبدو أنها تمثل التطور الطبيعي للحدود إلى نوع كسري أكثر استقرارا.
من المؤكد اننا لا نفهم ما يحدث في نظام المدينة لان لة علاقة بمقاييس كبيرة، في حين أننا ندرك المقاييس الإنسانية التي هي بطبيعة الحال صغيرة. لذلك فان الهياكل المعمارية الأهم توجد على مقاييس صغيرة، من الدرج حتى تفصيل المواد.
أحد الأهداف المعلنة للحداثة هو عدم استعمال واجهات معمارية ذات بعد كسري. والتي استعيض عنها بواجهات مستقيمة وطويلة، وبالتالي بمباني صارمة ومصفوفة على نفس الاستقامة. السبب الذي قُدم هو لتنظيف فوضى المدن القديمة، ولكن هذة الفوضى كانت التعقيد المنظم الذي أعطى للمدننا الحياة.
لنتصور مجموعة من الواجهات الفركتلية أنشئت بواسطة نموذج ميكانيكي. خذ سلك وضغط بالتساوي عليه طوليا. سوف يتشبك ويتغضن، لخلق حدود فركتلية ذات بعد أكبر من واحد. (البعد هو أكثر من سطر واحد لأنة يملأ المنطقة بالتموجات، وسيكون البعد = اثنين إذا شغلت تلك التموجات كل المنطقة).
ثم إذا سحبناه من الطرفين لتعديله، فإن الخط سيُقوم أولاً، وبعد ذلك سينكسر إلى قطع صغيرة مصطفة على نفس الاستقامة. بهذا أنشئنا خط فركتلي ببعد فركتلي أقل من واحد (أي، خط مثقوب هو ,رياضياياً, أقرب إلى مجموعة من النقطة التي بعدها = صفر بالنسبة لخط متواصل طولة = واحد).
فركتل ناتج عن شد خط مستقيم وانكسارة
من جميع الخطوط الممكن انشائها بهذة الطريقة، الخط المستقيم له احتمال ضعيف في التغير، ولكن هذا ما يحاول أن يفرضوا المعماريين في كل مكان. القرى التقليدية تُظهر طائفة لا حصر له من التفاعل البصري بين والواجهات والشوارع. هناك، يجد المرء منحنيات لطيفة بمقاسات صغيرة، والتي تصبح خطوط تقريبا مستقيمة على نطاق واسع.
حتى في التخطيطات الرسمية أو الصرحية، البنية المنحنية مثل الدائرة والهلال تنتج من الضغط، ولذلك فهي مطوية على مقياس الإنسان. العكس هو الأعمدة والممرات، والتي تأتي من الشد ولذلك فهي مستقيمة. وإن كانت هناك أروقة مقوسة، مثل القديس بطرس (Piazza-San-Pietro)، فأنها أقل نجاحا من البنية التي تتبع نموذج الضغط. . الفراغات الأكثر من خمسة أمتار بين الأعمدة تنفر المستخدم. لهذا السبب المباني المستوية والناعمة، التي اصطفت على نفس الاستقامة وتباعدت بينها بمسافة تقارب العشرين متر، يمكن ان تشبه بخط فركلتي على الورق, ولكنها في الطبيعة تتجاوز مقاسات الإنسان وبهذا فهي غريبة ولا تعتبر فركتل بالنسبة لمقاس الإنسان.
العمارة الجديدة تساعد كثيراً في التخطيط البيئي. القوانين العلمية تربط الإنسان بما يحيط به بفضل نوعية البنية الفركتلية. الهياكل الطبيعية هي فركتلية كما هي أيضاً العمارة التقليدية. الحداثة علمتنا ان نتخلص من البنية الفركتلية في بيئتنا، والاستعاضة عنها بغير الكسري. هذه الفلسفة ليس لها أي احترام للشجرة، أو لبناء قديم. حالما ندرك أننا فقط مرتبطين عاطفياً بالهياكل الفركتلية، فإننا سوف نعكس أولوياتُنا، ونقدر شجرة أكثر من حداثية المكعب الزجاجي. عندئذ فقط، يمكننا ان نفكر مرتين قبل استبدال الأولى بالأخير.
اليوم العمارة والعمران وصلوا إلى طريق مسدود، لأن القواعد التي تعلمها الطلاب في المدارس تتعارض مع التنظيم البنيوي للأشكال الحيوية. فركتلية المدن القديمة تم محوها عن عمد، لفرض بعض القواعد الأسلوبية الاعتباطية. وقد أدى ذلك إلى فصل الفلسفية والنفسية، والصلة المادية بين البشر وبيئتهم. من هنا الاحتجاجات ضد المعماريين ومخططي المدن لانهم تعمدوا في تدمير البيئات المبنية المريحة والمغذية عاطفيا، يستمر بناء مدننا كأماكن غريبة عن الأنشطة البشرية. مثلاً, المدينة المعاصرة—فشلت فشلا ذريعا كبيئة للإنسان من سن الطفولة حتى المراهقة. البيئيون ينسبون مسؤولية هذا الضرر البيئي إلى المعماريين، ولكن في الواقع الضرر هو أكثر عمقا من ذلك بكثير.
التعصب الهندسي
عبارة "تعصب هندسي (geometrical fundamentalism)" في هذا الكتاب صاغها مايكل ميهافي (Michael Mehaffy) وسالينكاروس كطريقة استفزازية للتعبير عن هيمنة التجريد، وعن الاشكال المنليثية (monolithic) للعمارة الحديثة. كونها سهلة لبناء، هذة النماذج البسيطةانتشرت على مستوى عالمي وتهيمن حاليا على العمارة ككل. "واحدة من نقاط القوة في النمط الدولي (International Style) هو أن حلول التصميم تتم دون اعتبار الموقع والمناخ". ومع ذلك، من خلال عدم السماح لحرية الشكل المعماري للتكيف مع الظروف المحلية والبيئة المبنية اتجهت العمارة بعيدا أكثر فاكثر عن الاستدامة (Sustainability).
ثقافية التغليف
الكتاب صاغ أيضا مصطلح التغليف (encapsulation) لوصف الميمي المعمارية (architectural meme) المجمعة داخل ميمي الاجتماعية. هذا النموذج يشير إلى أن الثقافة الميمية تكرر النماذج البشرية، البناء ونماذج المناطق الحضرية تتكاثر ليس لفائدتها بل لأسباب أخرى. الزعم هو أن النماذج التي يحصل عليها عن طريق التغليف هي أكثر جاذبية. سالينكاروس وتيري ميكتين (Terry Mikiten) أقترح أن التغليف يساعد الميمي المعمارية على البقاء والتكاثر. [19] على وجه الخصوص، ظواهر مثل (ربما غير عملية) الموضات المعمارية، حيث العملاء لا يعززون مجال الصحة النفسية والشعور بالسعادة في الإنتاج، يمكن تفسيرها باعتبارها تلخيصات مغلقة للتكرار. العكس صحيح أيضا : وهو تصنيف العمارة التكيفية، مثل الأبنية العامية القديمة، كثيرا ما يجري تجنبها لأنها مغلفة ضمن علامات سلبية اجتماعيا (وليس "تقدمية" بما فيه الكفاية). عند النظر إليها من وجهة نظر التغليف الميمي والاصطفاء الطبيعي، العديد من الظواهر المعمارية التي كان من الصعب شرحها تصبح أسهل للفهم.
فصول الكتاب
- المقدمة كتبت من قبل صاحب السمو الملكي أمير ويلز (The Prince of Wales), ومن ثم يليها مقدمة أخرى من قبل كينيث ماسدين الثاني (G. Masden II)
[عدل]الفصل 1. قوانين الهندسة المعمارية من منظور فيزيائي
ثلاثة قوانين معمارية تم الحصول عليها عن طريق المقارنة مع المبادئ الأساسية المادية (basic physical principles). يمكن تطبقها على كل من البنية الطبيعية وتلك المصنوعة حِرفياً. قد تسخدم هذه القوانين لإنشاء مباني توفر الراحة النفسية والجمال, مثل المباني التاريخية العظيمة. قوانين تتماشى مع العمارة الكلاسيكية والبيزنطية والقوطية والإسلامية، والأرت نوفو (Art Nouveau)، ولكن ليس مع الأشكال المعمارية الحداثية التي انشئت في اخر سبعين سنة. يبدو أن عمارة الحداثية للقرن العشرين تناقضت عمدا مع جميع أنواع البناء الأخرى في تجنب النظام البنيوي (structural-order).
الفصل 2. الأساس العلمي لإنشاء الأشكال المعمارية
القواعد الرياضية تساعد على تحقيق الاتساق البصري من خلال ربط الاحجام (أو المقاسات) الصغيرة وتلك الكبيرة. هذا الكتاب يطور نتائج حققها كريستوفر الكسندر والمستمدة من الفيزياء النظرية والبيولوجيا. نحن نقترح التسلسل الهرمي للتحجيم مثل ذلك للكائنات الطبيعية, لايجاد عامل اختلاف = 2.7 من الأكبر وصولا إلى الصغير جدا. لإرضاء هذه القاعدة لا شعوريا يُنظر إلى المباني وكأنها اشكال طبيعية بيولوجية. ونتيجة لذلك، فأنها نفسيا تبدو أكثر راحة. زيادة الاتساق هي سمة من سمات العمارة التقليدية والعامية، وهذة السمة لا توجد في العمارة المعاصرة.
[الفصل 3. التعاون الهرمي في العمارة : ضرورة الرياضيات في الزخرفة
القضية هي أن التصميم المعماري يحتاج إلى تنظيم هرمي. وهناك طريقة وصيغة للقيام بذلك, مشتقة على أسس بيولوجية وعلم الكمبيوتر. فركتل البساطة، والتي يوجد فيها تماثل ذاتي تدريجي، تستبدل فكرة المستطيل القديمة. الوحدات المعمارية على مستويات مختلفة هي قادرة على التفاعل بطريقة فعلية لتحقيق خاصية مميزة، التي لا توجد في العنصر الفردي الواحد. نظرية النظم الهرمية تشرح كيفية ربط مستويات مختلفة مع بعضها البعض. في المباني، العلاقة بين المقاييس المعمارية يحدد ما إذا كان ينظر إليها كبنية متماسكة أو مفككة، بصرف النظر عن تصميمها الفعلي. هذا الفصل يعطي دليل علمي لماذا الزخرفة ضرورية للتفاعل الشامل بين الأشكال المعمارية، وبالتالي فهو مراجعة لإحدى المبادئ الأساسية في تصميم الحداثية.
فهرس المحتويات
- محاولات لإضفاء الطابع الرسمي على عملية التصميم
- أشكال مع ودون التقسيمات الهرمية
- المقاييس المعمارية
- البساطة ،الفركتل, والصورة الذهنية
- مقاييس مختلفة في التصميم
- التأثير العاطفي من المقاييس المعمارية
- التسلسل الهرمي وخصائص جديدة
- الضرورة الرياضية للزخرفة
- التناظر يُولد المقاسات الأكبر
- أساليب التفاعل بين المستويات المختلفة
- اعتبارات عملية للتصميم
- عامل التحجيم لبمثالي
- الخلاصة الفصل 4. العمارة، الأنماط والرياضيات
هذه النص يركز على أهمية النمط المعماري في التنمية الفكرية للإنسان، وعلى دراسة كيف ان مواقف القرن العشرين تجاه الزخارف والنمط المعماري افقرت تجربة الإنسان سواء في الرياضيات وفي البيئة المبنية.
- مقدمة
- علم النمط
- أنماط السكندرى كحلول معمارية موروثة
- الرياضيات والعمارة
- تناقضات العمارة
- الرياضيات الكلاسيكية والحديثة : هل هناك تقارب مع العمارة؟
- الحركة المناهضة للفركتل
- الأساليب المعاصرة في مرحلة ما بعد الحداثة
- النماذج الرياضيات للبيئة
- المعلومات والتعقيد (Information and complexity)
- استنتاج
- المراجع
مقدمة
إن العلاقة التقليدية الوطيدة التي تربط بين الرياضيات والعمارة قد تغيرت في القرن العشرين. ليس لدى طلاب العمارة اي خلفية بالرياضيات. على الرغم من هذة المشكلة، إلا أن
ساحة النقاش