يكاد يكون من المتعذر القول بأن هناك في العمارة الإسلامية والفن الإسلامى اتجاهًا عربيًّا أو فارسيًّا أو تركيًّا أو هنديًّا موحدًا؛ لأن إرادة الحاكم في تلك العصور كانت تلعب دوراً أساسيًّا، ولكن بالطبع نظراً لوحدة العقيدة، فقد كانت هناك سمات كثيرة مشتركة خاصة في عمارة المساجد.

   وفيما يلي جولة سريعة في عدد من البلاد الإسلامية ورؤية لمدى التوافق الفني المعماري في مختلف البلاد وفي فترات زمنية مختلفة أيضاً.

 الفن والعمارة في مصر

لقد غمرت روح الإسلام وحضارة العرب جميع البلاد المصرية ذات الأصالة التاريخية، وطرحت أمامها تلك الثروة المعمارية والفنية الضخمة من مدنية قدماء المصريين، وتسابقت في مجالات الفنون المختلفة حتى أصبحت هذه البلاد رائدة وقائدة للشعوب الإسلامية في مختلف العصور.

ومن الواضح أن يقترن تاريخ الفنون والعمارة في مصر بالتاريخ السياسى والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والروحي. وقد تعاقبت على مصر دول متعددة وحكومات مختلفة، وتغيرت كل واحدة منها وتغير أساليب الحكم فيها، مما كان له أكبر الأثر في تطور الفنون والصناعات المتعددة، وتجلى ذلك بصورة واضحة في تطور أساليب العمارة والبناء وخاصة ما كان لتغير المذهب الديني من أثر، فقد كان الفاطميون مثلاً شيعة انفصلوا عن الخلافة، ثم جاء صلاح الدين وظهر بعده فن آخر يختلف عن فن الفاطميين في طريقة البناء والزخرفة، وهكذا الحال في حكم المماليك ثم الأتراك.

والأمثلة المعمارية الرائعة في مصر كثيرة من أهمها مسجد "أحمد بن طولون" الذى يُعدّ تحفة معمارية حقيقية؛ حيث يتكون من صحن مربع مكشوف تحيط به أروقة من جوانبه الأربعة، وتقع القبلة في أكبر هذه الأروقة، وهناك ثلاثة أروقة خارجية بين جدران الجامع وبين سوره الخارجى تسمى بالزيادات.
وهناك أيضًا الجامع الأزهر ومسجد وضريح السلطان قايتباي.

 الفن والعمارة في المغرب العربي والأندلس

اهتم خلفاء بني أمية أمثال عبد الرحمن الناصر، وهشام، والحكم، وغيرهم اهتمامًا كبيراً بالغ الأثر بالفنون والعمارة. وأولوها حبهم ورعايتهم لدرجة أن كانت قرطبة العاصمة في وقتها ذات مكانة خاصة ومنزلة جامعية، وسُمِّيَت مدينة العلم والمال والجمال. واحتفظت الأندلس بأعظم تراث للفن الإسلامي خلده التاريخ بما له من سحر وجمال.

ويعتبر جامع القيروان وجامع الزيتونة في تونس من أشهر الآثار المعمارية الباقية للآن.

وغرناطة هي آخر المدن الإسلامية في أسبانيا، ويقرن اسمها دائمًا باسم أشهر تحفة معمارية بها وهي (قصر الحمراء) الذي يعتبر فخرًا للعمارة الإسلامية ومعجزة من معجزات الفن الإسلامى العريق.

شُيِّد قصر الحمراء في أوائل القرن الثالث عشر؛ حيث نجد شعار بني الأحمر "لا غالب إلا الله" منقوشاً على حوائط هذا القصر وعلى جميع مبانيه بالخط الكوفي والنسخ.

ويتكون القصر من عدة عناصر معمارية هامة، نذكر منها قاعة الشورى، ومنها إلى ساحة الآس التي بها بِرْكة صناعية وبصدرها قاعة السفراء؛ حيث كان العرش، ثم ساحة الأسود العالمية المشهورة، والتي تجمع مع ما حولها من القاعات أروع ما في القصر من جمال وسحر، ويلاحظ أن أسقف الحمامات المخصصة للقصر من البلور على شكل قباب تصل إليها أشعة الشمس الضعيفة، وتنعكس داخل الحمامات فتضفي سحرًا خاصًّا على المكان.

وقد امتازت "إشبيلية" بشكل عام بسلامة التنسيق وحسن التخطيط، وساعد ذلك جمال الخضرة النضر ووجود المناظر الطبيعية، أما قرطبة فقد كانت عاصمة الأمويين القديمة في الأندلس، وأجمل مبانيها ذلك الجامع الكبير الشهير بأروقته وأعمدته المتعددة.

 الفن والعمارة في الهند

حينما استولى المسلمون على دلهي عام 1193م ظهر الفن الإسلامى في شمال الهند، ويمكن تقسيم الفن إلى عصرين عظيمين.

الأول هو عصر الباتان: وأهم ما يمتاز به هذا العصر أن العمارة كانت فيه تذكارية معبِّرة، وذلك بتقدم فن البناء وطرق الإنشاء باستعمال الحجر الرملي والرخام بمختلف أشكاله وأنواعه، ومراعاة مقياس الرسم المناسب في تصميمات هذه الأبنية، حتى أصبحت مدينة دلهي العاصمة بما حوته من مبانٍ ضخمة وآثار إسلامية تضارع أثينا أو روما أو القسطنطينية ولا تقل عنها من الناحية المعمارية.

أما العصر الثانى فيُسمَّى المغولي 1526م إلى 1857م، فقد كانت الفنون فيه متأثرة بالفن الهندي القديم، فتميزت العمارة والأبنية فيه بالنافورات والفساقي وخلجان المياه؛ مما أضفى على هذه الأبنية سحراً خاصًّا.

ولا شك أن تاج محل الذى أنشأه الشاه (جيهان) في أجرا هو أعظم وأشهر الآثار الإسلامية حتى لُقِّب بألمع جوهرة في تاريخ العمارة بالهند.

 الفن والعمارة في فارس

خصصت فارس للمسلمين أيام الخلفاء الراشدين، ومن أهم الآثار المعمارية الباقية الخالدة جامع أصفهان الكبير، ولعل من أهم المميزات هو كثرة استعمالات كسوة الحوائط في العمارة الفارسية بالأنواع المختلفة المتعددة من القيشانى ذي الألوان الزاهية والذهبية؛ حيث تفننوا في صناعتها، وكانت تسمى "بالكاش الفرفوري".

 الفن والعمارة في تركيا

من المعلوم أن العثمانيين سُلالة من الأتراك السلاجقة، وكان لهم فن تأثر بالفن الفارسي، فلما استولوا على القسطنطينية وضعوا أسس عماراتهم ومبانيهم على نفس الأسس الخاصة بالعمارة البيزنطية المزركشة، والتى كانت من أهم مظاهرها ومعالمها الواضحة كثرة القباب، وقد نجحوا في تحويل كثير من الكنائس إلى دور عبادة مسلمة، وهذا هو السبب في الاستغناء عن نظام الصحن المكشوف المحاط بالبواكي على جوانبه الأربعة كما هو متبع في جميع المساجد في البلاد الإسلامية.

وقد أصبح جامع "أيـاصوفيا" نموذجًا يُقتدى به في بناء الجوامع التركية، وقد كثرت استعمالات القباب حتى حملت على الأعمدة والعقود، أما الحوائط فكانت تُكسى من الداخل بألواح القيشاني الملون. وأبدع ما شيَّده العثمانيون من المساجد بالقسطنطينية جامع "بايزيد" وجامع "السليمانية"؛ حيث استعمل في جميع النوافذ الزخارف البديعة المصنوعة من الجبس المحلى بالزجاج 

  • Currently 168/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 1030 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

449,337