اعتبرت التراجيديا من المصطلحات الفنية التي تستخدم في القواميس الفنية التعبيرية وكان أول من صنفها فناً الفلاسفة الآغريق حيث وظفوها في إعمالها الفنية والمسرحية في ذلك الوقت لأن المسرح الإغريقي هو أول من قدم الأعمال التراجيدية من خلال مسرحيات تعكس حياة الإنسان وصراعه مع نفسه ومع الطبيعة ثم مع بني جنسه وقد قدمت مجموعة من الأعمال المسرحية ذات الطابع الدرامي الذي جسد مأساة لمواقف إنسانية مختلفة ومن هنا اقترنت التراجيديا بالفن الدرامي وأطلق عليها المأساة إضافة إلى المسميات التي تندرج تحت عنوان الدراما مثل الكوميديا والميلودراما . أصل كلمة تراجيديا هو يوناني ومعناه اللفظي حسب اللغة اليونانية أغاني الماعز وقد ارتبط هذا الاسم عندما قدمت مسرحيات دينية يقوم عناصرها أو المجموعة بعرض عدة رقصات وهم يرتدون جلد الماعز والتراجيديا وفق لمهمتها الفنية تحكي أحداث محزنة كثيرا ما تنتهي بنهاية مؤلمة مثل ما حدث مع روميو وجوليت وانطونيو وكليوباترا وغيرهم من الشخصيات التي يجدوا من يسجلهم في ذاكرة التاريخ ، إذن تبدأ الأحداث وتتصاعد وفق صراعات متتالية إلى ان تصل إلى نهاية مأساوية . لقد تطورت التراجيديا على يد الثلاثي الإغريقي المعروف وهم يوربيدوس وأسخيلوس وسوفوكليس حيت وصل المسرح الإغريقي وقتها إلى أعلى مستوى من العطاء الفني فقد جسد اسخيلوس التراجيديا وأرسى قواعدها حيت أضفى العديد من الملامح النفسية على الطابع التراجيدي مستمدا ذلك من عوامل فلسفية مثل التفكير والقدرة على التحليل وبذلك استطاع أن يرفع من قدرات الشخصية التراجيدية من حيت الأداء والانفعال والتعامل من الذات . لقد تباين فعالية التراجيديا في المجال المسرحي وكتبت عدة مسرحيات تراجيدية مثل مسرحية الفرس وهي نموذج لشخصية تراجيدية تبدأ حياتها في سعادة وشيئا فشيئا تنتقل من حالة السعادة إلى حالة الشقاء والبؤس نتيجة خطأ في دينامكية حياتها وتدخل في دوامة المأساة حتى تنتهي ويقضى عليها وهذه المسرحية قدمها اسخيلوس في ثوب شخصية بسيطة جداً تعيش حياة مستقرة وسعيدة ولكنها تتغير من خلال الفعل مما أوصلها إلى أن تصبح شخصية محزنة وبذلك استطاع اسخيلوس أن يبرع في توضيح الحدث الدرامي مقترنا بالفعل والتركيبة النفسية لشخصيته مما جعل مسرحيته تتقوقع في قالب تراجيدي بحت .. لقد اعتبر اسخيلوس من عظماء التراجيديا في التاريخ لأنه أول من أرسى قواعد ثابتة للتراجيديا الإغريقية حيت سبق أرسطو في هذا الميدان بفترة زمنية وصلت لقرن من الزمان وخلال فترة اسخيلوس استطاعت التراجيديا ان تصنع إضافات جديدة أثرت مكانتها بين الفنون فعمد على تقوية معالم الشخصية الداخلية من حيث اتساع الخيال والفاعلية وهنا نجد ان معظم المسرحيات التراجيدية تحمل حبكات درامية تدعو للتعاطف مع الحالة والإحساس نوع من الشفقة تجاهها مثل ما حدث مع هامارتيا الذي افتقر للمعرفة وعبر عنها بطريقة مغايرة لمعانيها الأمر الذي انعكس على حالته النفسية بالسلب وبذلك فرضت الحبكة حالة من التجاوب العاطفي تجاهه وقد وضح أرسطو سبب عدم المعرفة كون أن هامارتيا كان يجهل حقيقة ما وتسرع في تقديم وجهة نظره حيالها مما جعل نفسيته تصاب بحالة من الإحباط
صفاء السيد
صفاء السيد باحثة ماجستير قسم الإعلام - كلية التربية النوعية - جامعة المنصورة , اهتم بكل ما هو جديد ومثير فى مجال الاعلام عموما والصحافه على وجه الخصوص تم انشاء الموقع 2010/2/11 »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
553,406