يعد الحصول على مياه نظيفة حق لكل إنسان لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال ، وضمانة أساسية للتمتع بحقوق الإنسان الأخرى مثل: الحق في الصحة، والحق في الحصول على شروط سكن ملائمة ، والحق في المساواة والتمتع بالمصادر الطبيعية، و الحق في بيئة نظيفة، وهذا وفقاً لما أكدته الفقرة (1) من المادة ( 11 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي كفلت عدداً من الحقوق الناشئة عن إعمال الحق في مستوى معيشي كافٍ، والتي لا يمكن الاستغناء عنهالإعمال ذلك الحق، بما في ذلك "... ما يفي بحاجتهم من الغذاء، والكساء، والمأوى".
ويشير استخدام عبارة "بما في ذلك" إلى أن قائمة الحقوق هذه التي لا يراد منها أن تكون حصرية ، وبالطبع فإن الحق في الماء يقع ضمن فئة الضمانات الأساسية لتأمين مستوى معيشي كافٍ ، نظراً إلى أنه واحد من أهم الشروط الأساسية للبقاء.
و تأكيداً لما سبق فقد أكدت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن الحصول على الماء حق من حقوق الإنسان طبقا لما ورد في الفقرة ( 1) من المادة 11 من العهد .
و كذلك اعترفت مجموعة واسعة من الوثائق الدولية، بما فيها المعاهدات والإعلانات بالحق في الماء. فمثلاً، تنص الفقرة (2 ) من المادة (14 ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن تكفل الدول الأطراف للمرأة الحق في "التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق ب ... الإمداد بالماء"، وتطالب الفقرة (2 ) من المادة (24 ) من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بمكافحة الأمراض وسوء التغذية "عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية ".
وقد صادقت الحكومة المصرية على المواثيق الدولية سالفة الذكر ، وبرغم ذلك تفاقمت -ومازالت -مشكلة مياه الشرب في مصر خلال السنوات الأخيرة ، والأمثلة الدالة على ذلك لا حصر لها، حيث تعاني غالبية قرى الدلتا مشاكل في إمدادات مياه الشرب، وانقطاع المياه لشهوردفع بأهالي بعض القرى إلى التظاهر وقطع طرق سريعة تربط العاصمة بالمحافظات الساحلية، وهذا ما شهدته قرية "شورى" ببرج البرلس بمحافظة كفرالشيخ ،حيث تجمع بعض أهالى القرية منذ الصباح الباكر قرب الطريق الساحلى الدولى بين بورسعيد والاسكندرية وقاموا بإغلاق الطريق احتجاجا على انقطاع مياه الشرب لمدة 11 يوماً، مما تسبب فى ارباك حركة المرور واختناقها لعدة ساعات .
يذكر أن محافظات شهدت مؤخرًا مظاهرات واحتجاجات غير مسبوقة بسبب النقص الحاد في مياه الشرب ومياه الشرب المختلطة بالسموم، نتيجة استمرار العديد من المصانع في صرف مخلفاتها الصناعية في مياه النيل، بالإضافة لآلاف القرى التي ما زالت تصرف مخلفاتها في النهر. كما يشكل استخدام مواسير "الأسبوستس" المحظورة دوليًا في نقل مياه الشرب خطورة بالغة، بعد أن أثبتت الأبحاث أنها تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان.
وفي هذا الإطار يأتي تقرير المنظمة المصرية عن الحق في الحصول على مياه نظيفة تحت عنوان "ثورة العطاشى على ضفاف نهر النيل "، وذلك لبيان أبعاد ومخاطر مشكلة المياه ، وما تسببه من أضرار بشرية هائلة ، وصولاً لحلول سريعة وفعالة لهذه الأزمة التي تتفاقم يومًا بعد الآخر ، كما يتضمن التقرير حالات نموذجية و شهادات حية لمواطنين تعرضوا لانتهاكات في حقهم في الحصول على الخدمات و المرافق الخاصة بالماء، وقد بلغ عدد الحالات التي تلقتها المنظمة المصرية خلال الفترة من 2006-يوليو 2007 ما يقرب من 27 حالة .
أعدته للنشر/ أمانى إسماعيل
ساحة النقاش