أصبحت مشكلة سوء إستخدام الموارد الطبيعية , وتدهور البيئة من أكبر المشكلات التي تواجه البلدان النامية , وعلي الرغم من أن المشاكل البيئية التي نواجهها اليوم ليست جديده الا أننا لم نبدأ في فهم أبعادها الا مؤخرا بعد ملاحظة أثر التدهور البيئي في اضعاف التنمية الاقتصادية وتناقص امكانياتها , فلا يمكن أن تقوم التنمية علي قاعدة من الموارد الطبيعية المتداعية , كما لايمكن حماية البيئة عندما يسقط النمو من حسابه تكاليف تدمير البيئة , فالتنمية والبيئة وجهان لعملة واحدة.
وقد دخل موضوع البيئة مرحلة جادة , بعد أن دعا البنك الدولي إلي ضرورة إدخال المحاسبة البيئية ضمن حسابات الدخل القومي أوالناتج المحلي الإجمالي الذي يقيس النشاط الاقتصادي للمجتمع ككل . وقد كثرت الأحاديث والمقالات حول أقصي مقدار من الدخل المتواصل الذي يمكن لمتلقيه استهلاكه في فترة زمنية محددة دون تخفيض للاستهلاك الممكن في فترة مستقبلية. ويشمل هذا المفهوم العائد الجاري والتغير في الأصول الرأسمالية سواء التي تزيد الدخل أو تقلله . ووفق هذا المفهوم وجب علي الدول التعرف علي أقصي قدر يمكن أن تستهلكه دون نضوب أو تدهور رأسمالها البيئي . وهذا يتطلب تطور النظام المحاسبي الحالي للأمم المتحدة عاجز عن استيعاب أمرين وهما تكلفة حماية البيئة ما سمي بالإنفاق الدفاعي وتدهور الموارد الطبيعية. ويقصد بالإنفاق الدفاعي عن البيئة تلك الاجراءات التي تتخذها الحكومات ضد تعديات الأنشطة الاقتصادية علي البيئة وادخالها في المحاسبة القومية كأنشطة مولدة للدخل. فأي مورد طبيعي قابل للنضوب أو التدهور مثل الماء والتربة يجب أن يظهر كاستهلاك عند حساب الدخل القومي , مع مراعاة أن الفرق الجوهري بين الإنفاق الدفاعي وإهلاك رأس المال البيئي يظهر في الناتج المحلي الصافي وهناك فرق بين الانفاق لتقليل الأضرار البيئية والإنفاق لمنع حدوث الضرر والأخير هو مايسمي بالانفاق الدفاعي . ومازال هذا الموضوع يحتاج إلي المزيد من الدراسة والبحث حتي يمكن فصل المكونات عن بعضها البعض وتحديد المفاهيم بشكل مناسب. وفي إطار التنمية والبيئة ربط الاقتصاديون بين الاقتصاد والنظام البيئي , حيث لايمكن فصل الاقتصاد عن نظامه البيئي , وما يوجد من علاقات تبادلية بينهما. وفي هذا الاطار جاء الحديث عن مفهوم تكلفة الفرصة البديلة وهي مقياس للندرة. وتكلفة الفرصة الحدية البديلة وهي عبارة عن التكلفة الحدية المباشرة مضافاً إليها التكلفة الحدية الخارجية مضافاً إليها التكلفة الحدية للقائم بالإستخدام . ولحساب ذلك يتطلب الأمر جمع قدر كبير من المعلومات عن مختلف العلاقات بين الموارد الطبيعية والأنشطة الاقتصادية وتوقعات أنماط الاستغلال المستقبلية وتطور الطلب المستقبلي علي الموارد الطبيعية والمعروض منها , وهي معلومات تحتاج إلي تفاصيل غير متوفرة في الوقت الراهن لا في دول العالم المتقدم ولا في دول العالم النامي. وأخيراً فإن الإدارة البيئية هامة جداً للغاية , ولكن هذه العملية لها ارتباطاتها المؤسسية التي تفرض القيود عليها , فإدارة البيئة تحتاج إلي نظام معلوماتي متطور ونوعية إعلامية مناسبة ونظام مؤسسي يسمح بالتخطيط والمتابعة وتوفير كوادر مدربة لديها الخبرة الكافية بشئون البيئة وادارتها . وذلك ليس متوفراً , بل هناك العديد من القيود التي تعوق الادارة البيئية وفي مقدمتها مركزية الادارة ومركزية اتخاذ القرار مما يحول دون حل المشاكل , وتعدد المؤسسات التنفيذية وعدم وجود برامج تدريب مناسبة , وغياب استراتيجيات مستقرة للتنمية ممايعيق عمل الإدارة البيئية . ويحتاج الأمر إلي مزيد من المرونة وعدم مركزية العمل البيئي وضرورة وجود علاقات واضحة بين المؤسسات التي تخطط للبيئة وتلك التي تنفذ , وتوحيد برامج التدريب والتأهيل وجمع البيانات وتحليلها.
أعدته للنشر/ أمانى إسماعيل
ساحة النقاش