دور اللعب في خفض الاضطرابات السلوكية والانفعالية لدى الأطفال



اللعب ظاهرة إنسانية يقوم به جميع الناس في مختلف مراحل نموهم ، ويبدو أن اللعب في المراحل الأولى من الحياة يتم بصورة دائمة عند الطفل ، فهو لا يكل ولا يمل من اللعب ، حيث يعمل على تحقيق مطالب النمو في تلك المراحل ، للتكامل مظاهره المختلفة : الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية واللغوية والحسية والأخلاقية ، فالطفل في مرحلة ما في صغره لا يعرف معنى للهدوء والسكينة والاستقرار ، فهو في لعب دائم ، والوقت الوحيد الذي يهدأ فيه هو وقت الأكل والنوم فقط ، وفيما عدا ذلك فهو ينتقل من لعبة إلى أخرى ، ومن شكل من أشكال اللعب إلى آخر ، وينتقل من مكان إلى آخر باحثاً عن لعب جديد ، ويبدع ويكتشف في العالم المحيط به مناشط جديدة للعب ، ربما أحياناً لا تطرأ على بال الكبار ، وهو بذلك يفرغ كل ما لديه من طاقة كبيرة في لعبه 0 (على الهنداوي ، 2003: 95) 0

فيحقق العلاج باللعب تفاعلا نفسيا لدى الطفل مع غيره،ولهذا نجد إن كثيرا من الأطفال يستمتعون ببعض الألعاب التي لها علاقة بتفريغ انفعالاتهم،فأكدت كثير من الدراسات على هذه الناحية بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبالذات على اثر ممارسة الألعاب فى مرحلة الطفولة المبكرة على تفريغ انفعالاتهم،وبالتالي يكون الأطفال منسجمين مع غيرهم،هذا يؤدى إلى النضج الانفعالي للطفل ويجعله أكثر تقبلا لواقعه وزملائه ويتخلص من كثير من التوترات النفسية والانفعالية التي يعانى منها.فالتفريغ الانفعالي يعتبر أمرا هاما لإيجاد صحة نفسية متكاملة عند الطفل وهذا لا يحدث بصورة عشوائية،وانما لا بد من تنظيم البيئة المحيطة.بحيث الاتزان لدى الطفل عن طريق اللعب ،وذلك عندما يتخلص من الكبت والتوتر(نبيل عبد الهادي،162:2004).

ويقدم العلاج باللعب خبرة فريدة فى نوعها للاطفال ،فاللعب فى حد ذاته ايا كان شكله هو علاج لانه فقط يتضمن اتجاه نحو اللعب(خالد عبد الرازق192:2003) ويعتبر العلاج عن طريق اللعب صورة من صور الإسقاط خلال نشاط اللعب الذي يقوم به الطفل ، وقد بدأ استخدام العلاج باللعب فيما بين الثلاثينيات والأربعينيات باستخدام لعبة العروسة (
Dull play ) وكانت أول عيادة للعلاج باللعب تستخدم الملاحظة الإكلينيكية ما بين سنة 1940 – 1950 وقد قام أريكسون بدراسة على الفروق الجنسية في ألعاب المكعبات وأظهرت دراسات عديدة على هذه النقطة أن الذكور والإناث أخذوا مناحي في تناولهم للعبة المكعبات، حيث أن موقف العلاج يوفر للطفل المجال والبيئة لأن يكون تلقائياً وطبيعياً في تصرفاته وفي هذا الوسط يمكن أن يلعب أدواراً متعددة من خلال اللعب لا يستطيع أن يلعبها خارج هذا الوسط 0 وهذه الطريقة تسمح له بزيادة فهمه لذاته بشكل واقعي فهو يقوم ببعض النماذج السلوكية التي يستخدمها في المستقبل مثل الشراء والبيع وعمل الزيارات وزيارة الطبيب أو السفر وركوب السيارة ( سلوى عبد الباقي : 1992 ).

ويركز شافر (
Shaefer, 1983 ) عند مناقشة العلاج باللعب على مسئولية المعالج في تحديد أكثر الأساليب العلاجية ملاءمة لكل حالة على حدة ويحذر من محاولة دفع الطفل إلى المنهج الذي يجيده المعالج ، وينادي بتفريد العلاج ليتناسب مع كل طفل كحالة خاصة .

وقد أثبت العلاج السيكودينامي التقليدي فعاليته وتأثيره على حالات الأطفال المضطربين سلوكيا ، وأكدت معظم الأساليب المقننة فعاليتها وتأثيرها مع الأطفال الذين يعانون من صعوبات في مواقف معينة ، وقد أكتشف المعالجون أساليب علاجية شجعت على استخدام العلاج باللعب في المدارس بالاستفادة من كل أنواع اللعب المتاحة بما فيها أجهزة المباريات ، والعرائس ، والدمى ، والمواد الفنية ، والموسيقى والطعام ، وبدأ عدد كبير من المهتمين بالإقناع بهذا النوع من العلاج وفعاليته كمدخل يسمح بالتعمق في حياة الطفل من خلال أوضاعه الدراسية (سلوى عبد الباقي ، 1992 ).

وقد توصــل العلماء إلى أن اللعب يشبع عدة أغراض ومن أهم هذه الأغراض ما يسمــى بالوظيفة العلاجيـــة والتي تعني استخدام نشاط اللعب بطريقــة مخطط لها بغية تحقيـــق تغيرات في سلوك الطفل وشخصيته (
Annunziata,2003 ).

ويعرف العلاج باللعب بأنه أسلوب علاجي لمساعدة الطفل الذي يمر بصعوبات انفعالية أو صدمة ، وهو يستخدم بفعالية مع الأطفال الذين مروا بصعوبات عائلية مثل حالات الطلاق ، والإساءة والعدوان (
Schen & Christopher, 2000 ).

حيث أن الهدف من العلاج باللعب هو إزالة الألم الانفعالي الناتج عن الإساءة من خلال الأدوات التعبيرية والخيالية المختلفة ، إضافة إلى أنه يساعد الطفل على التعبير الذاتي ، كما أنه يجعل الطفل يستحضر انفعالاته المخيفة ويواجهها (
Kaduson &Schaefer, 2000 ).

كما أن العلاج باللعب يسمح للأطفال بالتعبير عن مشاكلهم من خلال أدوات اللعب فمن خلالها يتمكن الطفل أن ينقل القلق ، والخوف ، والذنب إلى أداة اللعب أفضل من نقله إلى الأشخاص وفي هذه العملية فإن الأطفال في مأمن من مشاعرنا وردود أفعالنا (
Griffith, 1997 ) .

إن المعالجة عن طريق اللعب معتمدة على حقيقة أن اللعب هو الوسيلة الطبيعية للطفل كي يعبر عن نفسه ، قد أشار الباحثون إلى القيم الفريدة التي يحققها أسلوب اللعب في الوضع الجماعي فقط أشاروا إلى أن وظيفة المجموعة في معالجة الأطفال تقع في ثلاث مجموعات :
- اللعب والحركة
- انضمام الأطفال إلى آخرين من نفس العمر .
- دور الباحث الاجتماعي (يوسف مقدادي ، 2003 ) .

وحيث أن بعض الأطفال يكون من الصعب كسب ثقتهم خاصة أولئك الذين فقدوا الثقة بالكبار نتيجة إساءة معاملتهم ، فإن العلاج باللعب (
play therapy ) يعتبر مجالاً واسعاً للتعبير عن الدوافع ، والاتجاهات ، والمشاعر ، والإحباطات، وعدم الأمن ، والقلق ، ويتيح فرصة إزالة المشاعر والانفعالات إلى أشياء أخرى بديلة والتعبير رمزياً بالإضافة إلى أنه يساعد على التعبير الذاتي مما يخفف على الطفل الضغط والتوتر الانفعالي
(
Griffith,1997).

ويعتبر العلاج باللعب من الأساليب الناجحة للتعامل مع الأفراد الذين اختبروا الإساءة أو إهمالهم ، كما يمكن استخدامه لعلاج بعض الاضطرابات السلوكية للتقليل من مشاعر القلق لدى الأطفال وذلك بتفريغه للطاقة السلوكية للمواقف المقلقة الناتجة عما يقابله في حياتهم من حوادث(
Landreth &Bratton ,1999: 85 ). فنشاط اللعب يعطي مجالاً للإشباع الرمزي والتخلص من النزعات العدوانية( Kaduson &Schaefer, 2000 ) .

كما يساعد اللعب الطفل على التخلص من التوتر النفسي حيث أن لكل طفل شخصيته الانفعالية التي تخضع لتغيرات وتطورات عديدة على طريق النماء والتكيف من خلال علاقة الطفل بنفسه وعلاقاته مع البيئة المحيطة به والوسط الاجتماعي الذي يحيا فيه ، وقد يتعرض الطفل في أثناء تفاعله مع الظروف المحيطة به إلى أنواع من الكبت أو الإحباط أو الفشل أو غيرها من الانفعالات السلبية التي لا يتمكن من التخلص منها بالطرق الطبيعية غير المألوفة أو المخالفة للتقاليد والقيم الأخلاقية ، فإذا عاقبه معلمه أو اعتدى عليه من هو أكبر منه ، فلا يستطيع الرد على العقاب والعدوان من يعاقب معلمه ويضرب الكبير الذي اعتدى عليه فليجأ للعب حيث يجد فرصة لتفريغ شحنات سخطه وغضبه فيسقطها على لعبته وعلى كرته أو دميته ويتخلص من التوتر النفسي الذي انتابه ، كما قد يلجا إلى ممارسة ألوان نشاط اللعب الإيهامي والتمثيلي أو ممارسة الألعاب التي تحتاج إلى القوة والحركة والتي تشكل متنفساً للضغط النفسي المتراكم في داخله فللعب يساعد الطفل على التعبير عن انفعالاته ، ويستخدم اللعب الإيهامي كمخرج للتوتر والقلق ، وتفريغ رغبات الطفل المكبوتة ونزعاته العدوانية ومخاوفه وتوتراته واتجاهته السلبية 0 وبواسطة اللعب يتمكن الطفل من (طرد) كل هذا الانفعالات النفسية إلى الخارج ( خارج نفسه ) ، أي إلى اللعبة أو الدمية أو أدوار اللعب الأخرى التي يمارس 0 أما إذا لم يتمكن الطفل من التخلص من التوتر النفسي والمشاعر النفسية المتراكمة ، فإن ذلك كثيراً ما يؤدي إلى العدوان والانحراف السلوكي والخلقي وقد يؤدي إلى الكذب والسرقة والهروب من المدرسة وغير ذلك من مظاهر الجنوح وجرائم الأحداث 0 (احمد بلقيس ، وتوفيق مرعي 1982 ) 0


Alhyat-Aml

الحياة أمل

  • Currently 82/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
29 تصويتات / 5786 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2010 بواسطة Alhyat-Aml

ساحة النقاش

رامي المغربي

Alhyat-Aml
رئيس قسم الرعاية الأكاديمية KAMSTBUK ماجستير تربية خاصة 2016 مدرب تنمية بشرية TOT مستشارتربية خاصة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

174,764