<!--<!--<!--<!--<!--
التضمين و التناص
- التضمين معروف لدى علماء البلاغة ، وهو إدراج مقاطع من القرآن أو الحديث ضمن أبيات شعرية، مثل قولهم :
فإن الله خلاق البرايا *** عنت لجلال هيبته الوجوه
يقول إذا تداينتم بدين *** إلى أجل مسمى فاكتبوه
وقوله :
رحلوا فلست مسائلاً عن دارهم *** أنا باخع نفسي على آثارهم
وقوله :
إن كنت أزمعت على هجرنا *** من غير ما جرمٍ فصبر جميل
وإن تبـدلـْتَ بـنا غـيرنا*** فحـسبنا اللـه ونعم الوكيل
وقولهم :
لقد أنزلت حاجاتي *** بوادٍ غير ذى زرع
وقولهم:
إذا ما حـللت بـمغـناهمُ *** رأيـت نعيماً وملكاً كبيرا
وقد يسمى اقتباساً ، وقد يكون من القرآن ، أو من الحديث ، أو من الشعر ، أو من غيره، ولا مانع منه إذا كان في سياق لا يعرض النص الأصلي للسخرية، أو النقص، أو الامتهان، أما تضمين بلاغات القرآن وأساليـبه اللفظية، فهو أوسع من ذلك ، والمقصود بها: أن يضع الشاعر، أو المتكلم، أو الكاتب عبارة من عنده على وفق عبارة قرآنية، تنـتمي إليها من حيث الأصل ، وتفترق عنها بالتصرف الكبير في لفظها وسياقتها.و المقصود ألا يكون ذلك عبثاً بالقرآن ولا تلاعباً ولا تعريضاً له بالسخرية أو الامتهان، والله أعلم
- التناص:يقوم هذا الموضوع على معالجة ظاهرة التناص في نماذج من الشعر العربي الحديث ، وذلك لما تشكله هذه الظاهرة من أبعاد فنية وإجراءات أسلوبية تكشف التفاعل وأشكاله المختلفة بين النصوص ، إذ يقوم استدعاء النصوص بأشكالها المتعددة الدينية والشعرية والتاريخية على أساس وظيفي يجسد التفاعل الخلاّق بين الماضي والحاضر.
وإذا كان لا يوجد هناك نص بريء وصاف ونقيّ لم يعتمد فيه منشئه نصوصاً سابقة فإنّ هذا ملمح مهم من الملامح التي تكشف عن تناسل النصوص وتكاثرها ولكن ليس المهم براءة النص أو عدم براءته ولكن المعول عليه في هذا المقام هو كيفية توظيف النص الوافد ليصبح جزءا أساسيا من نسيج النص أو لبنة جوهرية من لبناته لا أن يكون نشازا وغريبا على النص المستقبل.
ويقسم أحد الباحثين تاريخ الفكر الإنساني إلى ثلاث مراحل متميزة هي: مرحلة الشفاهية ومرحلة الكتابة ومرحلة ما بعد أو ما فوق الكتابة. ويصف الباحث هذه المراحل تباعا بأنها:
1- مرحلة اللانصية قبل ظهور النص المكتوب ،و لا وجود للتراكم المعرفي و لا استعادة للتاريخ للتعليق عليه.
2- مرحلة النصية مع ظهور النص المكتوب، وتدوين المعرفة وتخزينها في صورة نصوص .
3- مرحلة التناص وهي مرحلة تقاطع النصوص بعضها مع بعض، فلا يكتفى بتدوين المعرفة بل يعاد تشكيلها وإبداع نصوص جديدة من نصوص حاضرة ونصوص ماضية . ويعمد الكاتب إلى الاقتباس الحرفي أو المحوَّر.
وللتناص ثلاث وظائف أساسية هي:
1- التأكيد على عمومية التيمات/ الموضوعات التي يتناولها النص من خلال تقاطعه مع نصوص أخرى تعالج المضامين نفسها أو تعارضها .
2- إعادة قراءة النصوص المقتبسة في ضوء النص الجديد الراهن وربما إعادة صياغتها بما يكشف عن جوانب جديدة فيها تجلها وقراءتها في إطار جديد ونص جديد .
فالنص الأدبي متعدد الدلالة ، والأصوات فيه صوت السارد والكاتب وبقية الشخصيات ونصوص أخرى وما فيها من شخصيات غير كاتبها.
3- التعبير عن إيديولوجيا السارد وموقفه من الواقع والأحداث وتعليقه عليها من خلال اختيار نصوص محددة . فالسارد في آن واحد يعلق على واقعه باقتباس تلك النصوص ويعلق على تلك النصوص من خلال وضعها في سياقها الجديد.
ليس التناص عملية شكلية تتأسس على التواصل الشكلي بين النصوص وإنما يعني التناص الفاعل تمازجا وتشابكا وتلاحما بين النصوص التي تقيض للقارئ فرصة معاينة النصوص معاينة قائمة على إثارة وعيه وإدراكه واستنفار معرفته وخبرته في النص الوافد وما طرأ عليه من تحولات في تغيير دلالاته عندما يدخل في نسيج النص الجديد ويصبح جزءا لا يتجزأ منه ، فالنص المستقبل ممكن أن يحور ويبدل ويغير في النص الوافد وذلك وفق ما تقتضيه رؤية المبدع.
أما البعض فيجعل للقرآن والحديث خصوصية أتفق تمام الاتفاق معهم فى فرضية تواجدها ، وهذا ناتج عن أن التضمين يستوجب أمرين : الأول أن يكون الشئ المضمن أعلى مرتبة ومكانة من الشئ المضمن فيه ، وثانيا أن يكون الشئ المضمن ذكر فى زمن سابق عن الشئ المضمن فيه ، أما التناص فهو مفهوم تتساوى فيه مرتبة كلا الطرفين (المضمن والمضمن فيه) ولا تتساوى الفترة الزمنية ، من هنا كان لنا أن نفرق بين التناص والتضمين لا غير ذلك فالفرق بينهما كان لإعطاء خصوصية للنص القرآني لا غير .
ساحة النقاش