شهادة الدكتوراه : كيف حملناها ؟ كتب لي أحد الأصدقاء من بغداد رسالة مؤلمة جدا ردا على تعليق قرأه لي على صفحة التجمع الثقافي الذي يجمع نخبة عليا من المثقفين والعلماء العراقيين في الداخل والشتات ، وكنت انتقد بضراوة أولئك الذين جعلوا من أنفسهم أصحاب شهادات عليا في العراق ، وهم يتبارون ليس بتبادل ألقاب التفخيم والتعظيم فقط ، بل الكارثة أنهم راحوا يسّمون أنفسهم بـ " دكاترة " ، وما هم كذلك أبدا ولا هم يحزنون ! إذ قلت لنفسي ، وأنا اضرب كفا بكف : كيف تتساوى جهودي العلمية بدراستي العليا ، وإعدادي أطروحة على مدى سنوات طوال ، اتعب من اجلها تعبا بالغا ، وأدافع عنها دفاعا علميا مستميتا ، وأعيش سنوات طوال مغتربا وراء البحار ، وأنا أقرأ وأكتب وابحث وادقق وأفهرس وأحقق وأحاور وأدافع .. وأتحمل المشاق في حّر الصيف وقرّ الشتاء ، وأرى النجوم في عز الظهر ، مع شظف الحياة ، وسهر الليالي من اجل الامتحانات المضنية .. أتساءل: كيف أتساوى ومعي المئات من الزملاء الدكاترة الذين تعبوا حقا ، وافنوا زهرة شبابهم في الدراسة والتحصيل العلمي .. كيف نتساوى جميعا مع من أصبح يتنطع بهذا " اللقب " كذبا وحيلة ودجلا ورياء ، وقد منح لنفسه نفس هذا " اللقب " بلا أي عناء أو بلاء ، أو منح إياه من قبل المهرجين كما تمنح الحلوى للأطفال ؟ لقد ساء كل شيء في العراق ، ووصل الأمر حتى للشهادات العلمية التي يبدو أنها تباع وتشرى ، كما تباع وتشرى أية بضاعة في أسواق اللصوص والحرامية ، وخصوصا عندما تغدق إلى الذين لم يعد ينقصهم ، إلا أن يكونوا أصحاب شهادات علمية عليا بوزن الدكتوراه ، وهم لا يستطيعون فهم أبسط الأمور ، بل ولا يعرفون بديهيات المعرفة أو ألف باء التخصص ، أو القواعد العامة للمنهج ، أو حتى تركيب جملة مفيدة .. بل ولم يقرأ أيّا منهم كتابا واحدا في حياته !
عدد زيارات الموقع
41,487
ساحة النقاش