<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]--><!--<!--
إذا ما حدث شيء في الكون فلابد له من سبب !، إذ لا تتحرك ذرة ولا تسكن ، أو تسقط ورقة من أوراق الشجر ، أو يهب نسيم ، أو تموج البحار، أو تعصف الريح ... إلاّ بسبب!.
وغاية كلامنا أنه ما من شيء يحدث صدفة، لكننا قد نعرف ونفهم بعض الأسباب، وبعضها نجهلها ولا نفهمها، ومازال الإنسان سائرا إلى معرفة ما يجهل و ما لم يفهمه.
فحينما ينفعل ويثور ويغضب الإنسان أو حتى يمرض فلابد من سبب أو لسبب، وهذا السبب يمكن فهمه إذا دققنا النظر ودرسنا طبيعة البشر على أنه جزء من طبيعة الكون، وأس من أسس وجوده، يتأثر بقوانينه، ويسير وفق منهاجه.
وعليه فلابد من علوم ونظريات تساعدنا في تهيئة الإجراءات لفهم كل سبب ومعالجة ما يضر منه ويهدد مسيرة الحياة الصحيحة.
كنت قبل سنين قد قرأت حكاية لطيفة عن أم إنكليزية ذهبت إلى طبيب عالم نفساني ، فشرحت له قصة ابنها – في الثامنة من عمره- الذي هو أذكى طفل في الفصل في مدرسته!، وأنه خير ولد في البيت والحي!، لكنه إذا جنّ الليل يصرخ ويبكى ، وإذا نام يقوم فزعا ويمشى مترنحا ثم يصرخ ظناّ منه أنه سيسقط في هاوية سحيقة أو بئر عميق..؟!، والغريب إذا حكت الأم لآبنها ما كان منه في ليله، ضحك واستغرب؟!
فحصه الطبيب النفسي فحصا دقيقا، فوجد جسمه سليما معافى من كل مرض أو عوق، وصحته على أحسن حال، ومنظره في غاية الجمال!، ففكر مليِِاً ثم سأل الأم : من الذي ربى الولد في صغره؟، ومن كان ينيمه؟ فقالت: أنها كانت تسافر مع زوجها كثيرا، فيتركانه عند جدته ، وكانت الجدة تغني له أغاني فيها عنف وخوف وخرافات ! كما كانت تضرب برجلها على الأرض وتهز الأرجوحة بقوة وقت الغناء .
فعلم الطبيب أن هذا هو السبب الرئيسي في فزع الطفل ليلا، فنصح الأم بأن تغني له أغنية عذبة سارة وتكررها في لطف ورقة حتى ينام، فنجح الطبيب والأم في علاج خوف الطفل ، فنام في طمأنينة وأمن وسلام، ولاشك أنه سيكبر بعد سنوات ليكون مواطنا سويا وصالحا، أو موظفا يعمل بجد وإخلاص وحب للناس والوطن!.
فكم مثل هذه الحالات تعرض لأطفالنا ولا نعيرها- نحن الأباء والأمهات والمعلمون- التفاتا لأننا لا نؤمن أن لكل شيء سببا يستحق البحث ووجع القلب ؟!.
كذلك الشأن مع شبابنا ، فكلّ ظاهرة نستحسنها أو نستهجنها فيهم لها سبب نفسي أو حياتي عام وعليه يجب أن نشخصه وندرسه ونهتم به كي نحسن التعامل معه ونساهم في علاجه، أيها السادة: النصائح والإرشادات والدعوات وحدها لا تكفي، ولا أريد أن أتجرأ إلى الحد القول أن زمان شباب اليوم غير زمان أبي وأبيك وجدي وجدك!.
ماهو شائع في الغالب أن يقتصر أمر أولياء الأمور – في البيت والمدارس وغيرهما- بالصراخ واتهام الجيل بالتمرد والعبثية واللامبالاة ونكران الجميل....الخ؟! والحقيقة الصارخة أن ذلك وجه مؤلم للعجز التربوي والعلمي، والدليل كما قال المعري: هذا ما جناه عليّ أبي، إذ الطفل والشاب والطالب على سرّ أبيه وأمّه ومعلمه.
الواقع إن شبابنا اليوم يعيشون في أشدّ الأزمات، ينشدون المثل العليا الواعية المتعاطفة بصدق مع مشاكلهم وأزماتهم النفسية والحياتية، ولا يمكن أن يتحقق هذا النوع من التعاطف والتفاعل معهم إلا من خلال:
أ. توافر جماعة من الأخصائيين في علمي النفس والاجتماع على دراسة نفسية شباب اليوم وبيئاتهم دراسة علمية جادة تمتحن فيها الأعراض ، وتتحدد الأسباب، وتوضع لها الحلول .
ب. بوجود مجمعات متخصصة للصحة النفسية قريبة من مديريات التربية و بإشرافها .
ت. رفع تقارير دورية من كل مؤسسة تربوية إلى الجهات المتخصصة ومتابعتها حالة فردية أو جماعية ، وخاصة حين تستفحل الأمور إلى ظاهرة؟!.
ث. ردم الهوة بين أولي الأمر والأطفال والشباب ، وبين المعنيين والطلبة، ولا نقصد أن بين هؤلاء جفاء وصراع بشكل خاص!، بل هناك نوع من عدم الجدية في التواصل والثقة والصدق في الغالب .
أيها الأخوة : إن تبعة هذا الجفاء والفراق وعدم التفاهم لا تقع نتائجها على شبابنا وحدهم، بل تصيب شظاياها الجميع، فهي إما قاتلة وإما جارحة جرحا مؤلما.
فلا بد أن يتقدم الآباء والمعلمون والكبار بخطوات صادقة وواضحة كي يشجعوا الجيل النامي على خطوات أسرع نحوهم ونحو المستقبل.
ساحة النقاش