السؤال:
هل يتعين عليك أن تسامح أحد أقربائك ممن يجاهر بالمعصية ويجرح مشاعرك ومشاعر بقية أقاربك ؟ .

الجواب :
الحمد لله
لا يتعيَّن على المسلم فعل شيء إلا أن يوجبه الشرع عليه ، وليس في نصوص الشرع – فيما نعلم – ما يوجب عليك مسامحة من أخطأ في حقك ظلماً وعلوّاً ، وأما فيما يتعلق بمجاهرته بالمعصية فإنه لا تعلق لها بمسامحة منك ؛ لأنها ذنب بين العاصي وربِّه.

وأما الذي يؤذي الناس بأقواله وأفعاله فإنه يكتسب بذلك آثاماً وذنوباً ، فليحذر من سخط الله وعقابه في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/ 42 ، وقال تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) الأحزاب/ 58 .
ونحن نوصيكِ – أختنا السائلة – بالصبر على ما تجدينه من أذى من أقربائك ، فالمسلم له رسالة سامية في حياته وهي دعوة الناس للخير وخاصة الأقربين منهم ، ومن المتوقع أن يجد عنتاً ومشقة في دعوته تلك لما قد يواجهه من الغلاظ الشداد من الناس ، ولذا فإن عليه أن يصبر على الأذى في سبيل الله كما صبر أولوا العزم من الرسل وهم قدوات العالَمين .
ونوصيكِ بتنويع طرق إيصال الخير لذلك القريب وغيره سواء بالأشرطة أو الكتيبات ، أو عن طريق بعض من يثق بهم ويحبهم من عقلاء الناس ، فيكلمونه ويعظونه ، فلعله أن يدع قول السوء وفعله .
ونوصيكِ بالدعاء له بأن يشرح ربه له صدره للحق والصواب ، وأن يهديه لأحسن الأقوال والأفعال والأخلاق .

وأخيراً : فإن المسلم إذا علمَ عظيم الأجر من الله على عفوه عمن ظلمه ، ومسامحته له وهو قادر على رد الإساءة ، تطلع إلى ذلك الأجر والثواب وعفا وسامح في حقه ، حتى ولو لم يكن العفو فرضا واجبا عليه في الأصل ؛ وهو ما ندعوكِ إلى فعله حتى تنالي أجر العفو والمسامحة من رب العالمين ، يوم تكونين أحوج شيء إلى حسنة تزيدين فيها صحائفك ، قال الله تعالى ( إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) النساء/ 149 .
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - : " يعني بذلك : أن الله لم يزل ذا عفو على عباده مع قدرته على عقابهم على معصيتهم إياه ، فاعفوا أنتم أيضاً أيها الناس عمن أتى إليكم ظلماً ، ولا تجهروا له بالسوء من القول ، وإن قدرتم على الإساءة إليه ، كما يعفو عنكم ربكم مع قدرته على عقابكم وأنتم تعصونه وتخالفون أمره " انتهى من "تفسير الطبري" ( 9 / 351 ).
وقال الله تعالى ( وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ . وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ ) الشورى/ 39 ، 40 .
قال ابن كثير – رحمه الله - : " فشرع العدل وهو القصاص ، وندب إلى الفضل وهو العفو " انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 7 / 212 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " وفي جعل أجر العافي على الله : تهييج على العفو ، وأن يعامل العبدُ الخلقَ بما يحب أن يعامله الله به ، فكما يحب أن يعفو الله عنه فليعف عنهم ، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم ؛ فإن الجزاء من جنس العمل " انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 760 ) .
.

والله أعلم

AlaaMarei

Alaa Marei Export Logistics Section Head

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2012 بواسطة AlaaMarei

Alaa Marei

AlaaMarei
دراسه اللوجستيك والتجا ره الخا رجيه والتصدير والاستيراد والجما رك والامداد والتموين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,039,896