حوار الأستاذ الدكتور سمير الشيخ مع جريدة مصر، بتاريخ 8 فبراير 2012م
أكد الدكتور سمير رمضان الشيخ خبير تطوير الصيرفة الاسلامية أن الثورات العربية الاخيرة ستمكن من نمو أكبر لقطاع المصارف الاسلامية ذلك أن غياب البيئة القانونية في درة هذا الـاهل وأن هذه البلدان بفعل فاعل أخر كثيراً نموها مطالباً الازهر بتنبني مباتعود لمصر مكانتها الرائدة في هذا المجال .. إلى غير ذلك من القضايا الشائكة في هذا القطاع التي تناولها الشيخ في حواره التالي:
كيف ترى مستقبل المصرفية الإسلامية في الشرق الأوسط في أعقاب الثورات العربية؟
فى اعتقادي أنه سوف تتوسع المصرفية الإسلامية بشكل كبير فى دول الشرق الأوسط فبنظرة فاحصة متا،ية على الثورات العربية وبصفة خاصة المصرية
حيث أثبت للعالم أن مصر دولة حضارة وعراقة وحيث أن تحقيق أهداف الثورات في توفير العدالة الاجتماعية لن يتحقق إلا بالتنمية الاقتصادية والدول العربية التي
حدثت بها الثورات سوف تبحث عن وسائل مبتكرة لتحقيق أهدافها، وقد جربت هذه الدول النماذج التنموية المستمدة من الشرق حينا ومن الغرب حينا آخر ولم تفلح هذه النماذج فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا من المناسب أن تأخذ هذه الدول بالنموذج الاسلامى للتطبيق وأهم أحد أدوات هذا النموذج هي المصرفية الإسلامية والتي تهدف إلى تعبئة المدخرات وتحقيق التنمية من خلال الالتزام الاخلاقى ومراعاة الأولويات الإسلامية من وبشكل متدرج والى جانب تحاشى الفساد الذي استشرى فى المجتمع ، وتحسين مناخ المشاركة المجتمعية فالوطن أصبح ملكا للجميع وليس لفئة بعينها ، وكان من بشائر هذا التطبيق أن أصدرت ليبيا قانونا ينظم المصرفية الإسلامية فيها.
* تحدثت دائماً أن مصر مصدر وثيق ومنبع للمصرفية الإسلامية في الشرق الأوسط كثيرا فى لكن النظام السابق لم يدع فرصة لنموها بشكل كافي فهل ترى أننا تأخرنا ذلك؟
* لقد أخر النظام السابق نمو هذه الصيرفة الواعدة كثيراً بدون سبب ولكن لازال لدينا أمالا عريضة فى أداء مجلس الشعب المصرى الذي جاء لأول مرة بالانتخاب الحر المباشر فى تهيئة البيئة القانونية لتوفير الأمن والاستقرار لمؤسساتنا من خلال المشاركة الفعالة لكل المخلصين فى هذا الوطن
ومصر أول دولة طبقت المصرفية الإسلامية من خلال بنوك الادخار فى مدينة ميت غمر عام 1963 التي أسسها المرحوم الدكتور احمد النجار بقرار من وزير الاقتصاد آنذاك الدكتور عبد المنعم القيسونى رحمه الله ، وكانت فلسفة هذه البنوك مستوحاة من التجربة الإنمائية الألمانية التي عايشها الدكتور النجار وحاول أن ينقلها إلى مصر وتتلخص فى تعبئة المدخرات من المحليات ثم توظيفها فيها ، وتم دمج هذه البنوك عام 1967 فى بنوك القطاع العام. وفى 1971 تم إنشاء بنك ناصر الاجتماعي ونص فى قانون إنشائه انه لايتعامل بالفائدة المصرفية أخذا أو اعطاءا.
ثم أصدر مجلس الأمة قانونا بإنشاء بنك فيصل الاسلامى المصري عام 1976، وأصدر بنك فيصل الاسلامى المصري كتابا للمرحوم الدكتور توفيق الشاوي يؤرخ لقصة إنشاء بنك فيصل الاسلامى المصري.لاحداث تنمية فى مصر على أن يكون فى كل قرية فرع. وللاسف تم تقييد انشاء الفروع فى بنك فيصل على سبيل المثال والاسباب مجهولة حتى الان وقد تفصح عنها الايام القادمة.
* هناك كثير من اللغط المثارحول مدى مطابقة هذه المنتجات الاسلامية للشريعة وأنها خدعة في كثير من الأحيان من قبل البنوك؟
البنوك الإسلامية حديثة النشأة نسبيا بالقياس للمصرفية التقليدية التي مر على إنشائها أكثر من خمسمائة عام ، ونظرا لهذه الحداثة فقد تقع فى بعض الأخطاء فى الممارسة ناتجة عن كل أو أحد الأسباب التالية وعدم الاهتمام بتدريب وإعداد العاملين وفق خطة منهجيةوعدم وجود نظام الى يتوافق مع التطبيقات الشرعية كذلك فإن كبار العاملين فى البنوك الإسلامية من ذوى الخبرات فى البنوك التقليدية ، لم يتم تدريب بعضهم فضلاًعن عدم تطوير المنتجات بما يلائم طبيعة المشاركة التي تؤسس للعمل المصرفي الاسلامى ولانخفي أن هناك ضغوط من قبل البنوك المركزية على البنوك الإسلامية لتوظيف الأموال بطرق لاتتفق مع الشريعة مثل ضرورة شراء أذون الخزانة.
* كيف تقرأ دور الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية على هذه المنتجات كرقيب وما الذي يجب أن يتمتع به هؤلاء لضمان الحيدة والشفافية الوظيفية؟
البنوك الإسلامية مؤسسات مالية اقتصادية تعمل على جذب المدخرات وفق أسس شرعية، وتوظيفها وفقا للأسس الشرعية أيضا ، لذلك فهي تحتاج الى هيئة شرعية من العلماء المتخصصين لايقل عددهم عن ثلاثة ، تختارهم وتحدد إتعابهم الجمعية العمومية للبنك ،إلا أن الواقع أسفر عدم تفرغ الهيئات الشرعية وعدم ممارسة الرقابة الشرعية بشكل صحيح وذلك بسبب عدم إلمام أعضاء الهيئات الشرعية بقواعد علم الرقابة وهو احد فروع علم المحاسبة.
وكذلك تعدد البنوك التي يشرف عليها أعضاء الهيئة الشرعية بما لايوفر لهم وقت للرقابة والمعايشة والفحص.
لذي تحتاجه مصر للنهوض بهذه الصناعة؟*إذاً برايك ما ا
*نحتاج قانون للمصرفية الإسلامية بمصر أصدرت بعض الدول قوانين تسمح بإنشاء البنوك الإسلامية (حالة فيصل الإسلامي المصري) لكنها لم تنظم كيفية تعامله مع القوانين المنظمة للمؤسسات التي تعمل في النشاط الاقتصاديومن الدول التي أتيح لنا التعرف على أنها أصدرت قوانين تنظم العمل المصرفي الاسلامى ( باكستان- إيران- السودان- ماليزيا- تركيا- الإمارات- البحرين- الكويت- اليمن-الأردن- لبنان- سوريا -ليبيا) لكن السؤال كيف نستخدم هذه القوانين لصياغة قانونا مرجعيا فى إطار منهجي وارشادى ويمكن استخدامه فى تطبيق العمل المصرفي الاسلامى فى مصر؟
أنا هنا لا أتكلم عن تجربة هنا وهناك أو نجاحات فردية والتي اعرف بعضها بكل تقدير وإنما أتكلم على بناء نموذج يأخذ الصفة الدولية مثل المقترحات التي قدمها دكتور إبراهيم عويس أستاذ الاقتصاد فى الجامعات الأمريكية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والدراسة التي قدمها الشيخ صالح كامل لمجموعة الدول العشرين التي تتصدى لإيجاد حلول للازمة المالية العالمية وتتضمن عشرة نقاط مستمدة من الشريعة الإسلامية فالمصارف الإسلامية ولابد أن نعترف لم تتهيأ لها البيئة القانونية فى مصر أسوة بالعديد من الدول السابق الإشارة إليها التي أصدرت قوانين تنظم وتحمى هذه الصناعة فالبنك المركزي المصري لم يصدر قانونا للمصارف الإسلامية ،بل أكثر من ذلك لم يهتم كثيرا بنظم المراقبة والإشراف التي تتوافق مع العمل المصرفي الاسلامى، ويراقب البنوك الإسلامية بنفس الآلية الخاصة بالبنوك التقليدية.
*هل ترى أنت غياب البيئة التعليمية لهذا القطاع ساهم في ذلك؟
*لابد من إنشاء أكاديمية لتعليم المصرفي الاسلامى حيث لم تتهيأ لمصر البيئة التعليمية لإعداد الموارد البشرية رغم أن مصر كان لها فضل السبق فى إنشاء المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الاسلامى فى قبرص بفضل جهود الأمين العام للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية آنذاك المرحوم الدكتور احمد النجار واتحاد الجامعات الإسلامية وشارك فى تصميم المناهج نخبة من أساتذة كلية التربية وأساتذة الجامعات المتخصصين فى التمويل وإدارة البنوك ، وتشخيص الواقع الحالي للموارد البشرية فى المصارف الإسلامية يوضح الاتى عدم وجود شهادات مهنية في المصرفية الإسلامية العاملين في البنوك الإسلامية ( القيادات) كلها من البنوك التقليدية
ولا يوجد تعليم منظم للمصرفية الإسلامية وانما تعليم عشوائى يتوقف على رغبة الفرد كذلك فإن الجهود التي تبذل فى هذا المجال مقدرة لكنها لاتمثل منهجا متكاملا
أن عناصر العملية التدريبية من مدرب ومادة علمية ومتدربين تحتاج الى تطوير منهجي. وليس برنامج لمدة أيام قليلة كاف لبناء عقيدة المصرفية الإسلاميةلدى المتدربين.كيف نحل هذه المشكلة على مستوى مصر فى الفترة القادمة.؟
إن مصر بلد الأزهر آن لها أن تفكر بطريقة إبداعية مبتكرة لإعداد أكاديمية لتطوير الموارد البشرية فى مجال الاقتصاد الاسلامى والمصرفية الإسلامية ، أسوة بما حدث فى ماليزيا وبريطانيا والأردن فكل من يود أن يحصل على شهادة فى المصرفية الإسلامية إما أن يذهب الى الجامعات البريطانية أو الأردنية أو الماليزية وفى حدود معلوماتي أن جامعة الأزهر ليس بها قسم للاقتصاد الاسلامى ، بالرغم من وجود أساتذة تخصصهم فى الاقتصاد الاسلامى والمحاسبة الإسلامية والإدارة الإسلامية ،بل أن الجامعة الأمريكية المفتوحة التي كانت تشرف عليها جامعة الأزهر سحبت الاتفاقية وسحبت الاعتراف بالرغم من أن الذي يقوم بالتدريس بها هم أساتذة من جامعة الأزهر، قد تكون هناك أسباب علمية ومهنية دعت الى ذلك وليس موقفا شخصيا . مااعرفه انه كان هناك اقبال كبير من الدول العربية والإسلامية يشاركون بسبب اعتراف الأزهر، وان الدراسة تتم تحت مراقبته لماذا لاتعود هذه الرقابة أو يقدم المخلصين من رجال الأزهر البديل لإعداد وتنمية الموارد البشرية وهذا سوف يسهم فى توفير العملة الصعبة التي تحتاجها مصر..
البنك الاسلامي؟*لكنك ذكرت في مقالاات لك أن هناك غياب لنموذج
*وفقاً لرؤية الباحثين الاقتصاديين الأوائل أصحاب نظرية البنوك الإسلامية لم يتم تنفيذ الفكرة بنفس مستوى الرؤية المقترحة وهى ان يتسم البنك بالايجابية من خلال ممارسة الاتى دراسة فرص الاستثمار في المجتمع (الصناعية- الزراعية- التجارية- الخدمية والمهنية- السياحية وكذلك عمل دراسات جدوى للفرص المنتقاة أولية مبدئية وتحديد المدى الزمني للمشروعات (قصيرة/ متوسطة/ طويلة) بالاضافة إلى تحديد موارد البنك تصميم الأوعية الادخارية وفقاً لاحتياجات المشروعات
اختيار العاملين بما يتناسب والمشروعات المطلوب تمويلهاوتصميم الهيكل التنظيمي بما يعكس الرؤية وأولويات البنك وكذا اختيار صيغ التمويل الملائمة بما يتفق وموارد البنك بالاضافة إلى اختيار القيادات ذات رؤية ، الملهمة للعاملين معهم وحولهم ، وأن تكون القيادات قدوة للعاملين و وتعمل على غرس مفهوم أداء العمل لدى العاملين كأصحاب رسالة وليسوا موظفين.
ساحة النقاش