عندي مشكلة كبيرة جداً وهي أن زوج أختي يتعامل مع ابنه وهو في السنتين ونصف من عمره فقط بوحشية شديدة جداً حيث انه يضربه بشدة في أي مكان في الشارع مثل لدرجة أن الناس قالوا له أي شدية المعاملة ديه دا طفل، ماذا نفعل مع هذا الرجل وشكراً.
** *** *** *** *** **** ** **** ***** ** **** ** ***
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الآباء والأمهات الذين يقسون على أولادهم ويعاملوهم بشدة ويضربوهم هم يعانون من مشاكل نفسية، قد تصل إلى حد المرض أحياناً، حتى لو تظاهر بعضهم بمظهر الجد والحزم وقوة الشخصية، لأنه لا يلجأ إلى الظلم إلا الشخص الضعيف، وقد ورد في الأثر عن علي كرم الله وجهه: (ليس الشجاع الفارس في الميدان، إنما الشجاع الذي يملك نفسه إذا غضب).
ولكن على أي حال فنحن نواجه في الكثير من العوائل في شرق الدنيا وغربها العنف البيتي، وهو الذي يمهد الطريق للعنف والاستبداد في المجتمع، ولابد من التعامل مع مثل هذه الحالات بهدوء وحكمة حتى لا يزداد هؤلاء الأفراد غضباً وحمقاً، ونقترح ملاحظة ما يلي:
الأمر الأول الذي يجب أن نوصله إلى هؤلاء هو أن الخطأ عند الأطفال أمر واقع عند جميعهم وليس هناك طفل، بل رجل معصوم، وهكذا خلق الانسان (إلا مَن رحم ربك) وأن أطفال الناس أيضاً يخطئون، لذا فليس عيباً أو حرجاً عليه إن أخطأ طفله.
الأمر الثاني: أن الطفل كثيراً ما لا يفهم خطأه فهو معذور، وعلى الآخرين أن يواجهوا خطأه بالتعليم والتفهيم بدلاً من العقوبة والتجريم.
الأمر الثالث: أن الطفل لا يتحدى أبواه بخطئه ولا يشكل خطؤه خطراً عليهما، فهو قاصر ومعذور شرعاً وقانوناً، ومن العيب أن ينزل الكبير إلى مستوى الصغير، ومن العار أن يجرب القوي قدرته برأس الضعيف.
الأمر الرابع: أننا مسؤولون أمام الله تعالى عن تصرفاتنا مع الأطفال ولا يجوز لنا ضربهم ضرباً مبرحاً، إنما يمكن تنبيههم في بعض الحالات الخطيرة وبشكل محدود، فالأب حاكم ودولته الأسرة وعليه أن يعدل فيها.
الأمر الخامس: أن الضرب يؤدي غالباً إلى نتائج عكسية في التربية وأنه قد يسبب إعاقة الطفل نفسياً وعقلياً وينتهي إلى الفشل في حياته مستقبلاً، لذا فهو جريمة في أكثر الأحيان بحق أنفسنا وأطفالنا.
نعم، هناك وسائل أكثر تأثيراً في العقوبة، كالعقوبات المادية كمنع المكافأة المالية عنه، أو عدم شراء حاجة له كعقوبة عن خطأ يستحق العقوبة، لأن كثيراً من تصرفات الأطفال عادية ولا تتطلب الوقوف عندها وفي الأثر: (كثرة الملامة تولد اللجاجة) فإن كثرة نقد الطفل تؤدي إلى عناده.
ويجب على الزوجة الصالحة أن تبعد طفلها ـ قدر الامكان ـ عن تعرضه لضرب الأب، ولو بابعاده عنه وتقليل تواجده معه، حتى يهدأ الأب ويرجع إلى رشده، من خلال توعية الأب في الأوقات المناسبة لذلك.
أما مسألة برود الزوج، فان طباع الناس ليست واحدة ويحدث كثيراً ما يختلف الزوجان في طباعهما ولا يمكن تطابقهما في كل شيء، ولا يتوقف نجاح الزواج على ذلك، فيمكن أن تكون لكل زوج خصوصيته ولكنهما يتفقان في المسائل المشتركة.
وكثير من الأزواج يحاول أن يفرض رأيه ومزاجه على الآخر مما يتسبب في مشاكل هو في غنى عنها، ويمكن أن يؤدي بهما ذلك إلى الطلاق.
ولما كنا نتحدث عن الأسرة الشرقية التي يتداخل فيها الزوجان كثيراً، والغلبة هي للزوج، فينبغي للزوجة العاقلة أن تتجنب المشاكل مع الزوج، ولا تتوقع منه أن يكون نسخة مما تريده، وأن تتقبل واقع اختلافه عنها.. لذا تحاول تقليل المشاكل بينهما بتجنب إثارة نقاط الاختلاف ومحاولة تدبر أمورها الخاصة بنفسها كما تريد، وتدبر الأمور العامة بما لا يؤثر على علاقتهما.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق.
ساحة النقاش