أنا انسانة مترددة كثيرا في أموري كلها حتى الأبسط منها لقد تعبت كثيرا لاأستطيع فعل أي شيء وحدي مع أني أقدر على ذلك كنت في صغري متعلقة بأمي وأفعل كل ماتملي علي وعندما تزوجت اعتمدت على زوجي في كل شيء والمشكل أن زوجي ليس بمثقف ولا ملم بالدين وكثرة ذهابي عند أمي وأخد نصائحها يؤرقني حيث أنها أصبحت تقلق لحياتي حيث أنني أخبرها كل شيء وأخبر زوجي كل شيء وبدأ التناقض بينهما مع أنني أحب الإثنين بجنون وبعدما قررت كتمان أسراري والاعتماد على نفسي أصبحت مرهقة وأحس آلاما في معدتي وفقدت الشهية ويغمى علي في بعض الحالات وأتمنى لو أذهب إلى مكان بعيد لا أجد فيه أحدا لكن أحاول أن أثبت نفسي فأنا أم لطفلين وأمي رقيقة القلب وزوجي يحبني ولدي أطفالي ولا أحب أن أفقد ثقة أحدهم ولا أحب أن أشوه سمعة أحدهم.
**** ***** *** *** ****** **** **** *** *** ***
الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التربية الصحيحة للأولاد هي التي تساعدهم على الحصول على رشدهم واستقلال شخصيتهم وإعتمادهم على أنفسهم عند البلوغ، لا أن يبقى الأولاد متعلِّقين ومعتمدين على الوالدين حتى عند بلوغهم، وهذا يعني أنّ الولد لا تنمو عنده القدرة أو الإرادة على إتّخاذ القرار وتنفيذه، وغداً عندما يكبر الأولاد ويكونوا في الجامعة أو المجتمع لوحدهم سيشعرون عندها بالضعف والشعور بالوحدة عند مواجهة أية مشكلة.
على أي حال، هذه وللأسف حالة شائعة، فكثير من الآباء والأُمّهات يربّون أولادهم ليبقوا صغاراً ومدللين ولا يحبون لهم أن يكبروا وأن يستقلوا في تصرُّفاتهم.
والحل هو السير في الاتجاه المعاكس، وهو التدريب على إتّخاذ القرار والعمل به شيئاً فشيئاً بالإبتداء بالمسائل الصغيرة والانتهاء بالقرارات الحاسمة.
ولا يعني ذلك ترك المشورة وعدم الإستفادة من تجربة الآخرين ولكن بالشكل الذين نستمع إليهم ونستفيد منهم ولكن نحن نقرِّر ما ينفعنا وما يضرّنا، وقد لا نعلمهم بقرارنا ولكنّنا نتخذه ونعلم به بصمت وهدوء.
وفي حالتك نقترح عليك أن تقسمي الأمور إلى أربعة أقسام:
1- أمور عادية، حاولي أن تتخذي فيها القرار بنفسك من دون تردّد، ولا تخافي ولا تقلقي إذا ما أخطأتِ فيها وفي غيرها فإنّ الإنسان خطّاء بطبعه ولكن عليه أن يتعلّم من أخطائه.. اكتبي قائمة بهذه الأمور التي تتكرّر عادة يومياً وقرّري منذ الآن أن تقدمي على حسمها من طرفك.. طبعاً بعد التفكر قليلاً واختيار الأفضل.
2- أمور أخرى تستطيعين أن تتخذي القرار فيها بعد بعض التريث والاطلاع اللازم على المعلومات المتعلِّقة بها، وهذه الأمور استعيني بمصادر الثقافة العامة كالتلفزيون والراديو والإنترنت والصحف والكتب لتعلمها، ومن ثمّ الإقدام عليها.
3- أمور نسوية خاصة ومنها قضايا أسرية وعائلية تخص مسائل البيت ورعاية الأطفال والمحافظة على سلامتهم وصحتهم ومسائل الطبخ ورعاية الزوج.. يمكنكِ أن تستفيدي من خبرات الوالدة.. اسأليها وأنعتي إليها بوعي، وحاولي أن يكون لك رأي فيها واختاري ما يصلح منها لك، وليس ضرورياً أن تعلمي زوجك بها، بل الأفضل أن يحس في إبداعك.
4- مسائل تهم إدارة الأسرة والقرارات التي تحسِّن حياتك المشتركة، فلابدّ من مشاورة الزوج والإنصات إليه بإهتمام وإشعاره بالإحترام، حتى يحس أنّكِ تثقين به وتلجأين إليه، فيزداد حبّاً وإحتراماً بك، ويشعر أنّه شريكك في الحياة ورفيقك في الدرب، وأنّ ما يجري في بيته بإذنه وعلمه فيساعدك فيه ويساندك.. وربّما كان من المهم أن تعلميه وتشعري بخصوصية بعض هذه الأمور وعدم إعلام الآخرين بها، حتى لا يتدخّلوا بحياتكم الخاصة وتحفظ الأسرار بينكما.
بقي أمر، وهو أن تطوّري قابلياتك الشخصية بزيادة معلوماتك وخبراتك ولو بالإستعانة ببعض المعاهد، وأن تنمي روح الإستقلال في شخصيتك بالاهتمامات الخاصة بك لأوقات الراحة والفراغ والهوايات الفردية كالرياضة والرسم والمطالعة ومشاهدة البرامج المفيدة.
وأخيراً، كوني لزوجك صديقة ورفيقة.. تحدّثي معه عن شؤون الحياة واسأليه عن أخبارها حتى يزداد الأنس بينكما واستمتعي من جانب آخر بحياتك الأسرية: العبي مع الأطفال وعلِّميهم وشاركيهم الحديث والتسلية وحاولي أن يكون بيتك جنّتك: رتِّبي البيت وابعثي فيه النشاط واجعليه مفعم بالحب والمودّة ومعطّر بذكر الله وقراءة القرآن.. واعلمي أن "جهاد المرأة حسن التبعُّل" كما ورد في الأثر الشريف.. ومن الله التوفيق.
ساحة النقاش