منذ آلاف السنين تدخل أشعة الشمس في الخامسة و خمسة وخمسون دقيقة من صباح اليوم الإثنين 21 أكتوبر إلى منطقة "قدس الأقداس" داخل معبد أبوسمبل، وتتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني فى ظاهرة لا تحدث سوى مرتين فى العام، و تحدث الثانية فى تمام السادسة و23 دقيقة صبيحة يوم و21 فبراير وتستمر لمدة 20 دقيقة فى ظاهرة مازالت تحير جميع العلماء من تخصصات مختلفة.
ان تعامد اشعة الشمس على التماثيل الثلاثة فى قدس اقداس معبد أبى سمبل الكبير (معبد رمسيس الثانى) مرتين في العام تستند إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهى أن شروق الشمس من نقطة الشرق تماما وغروبها من نقطة الغرب تماما تحدث في يوم الحادي والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريبا كل يوم إلى ناحية الشمال. وهنا تتضح حقيقة فلكية و هى أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في السنة وأن المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعا لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تماما.
و اختار المصرى القديم موعدين فى العام وهما 21 فبراير و 21 اكتوبر لدخول الشمس من بوابة معبد رمسيس الثانى بأبى سنبل و التى تقع على استقامة تامة مع قدس الاقداس حيث تقبع التماثيل الاربع و تضىء اشعة الشمس ثلاثة منها وهى رع-حر آختى , رمسيس الثانى , آمون اما التمثال الرابع فهو للاله بتاح رب العالم السفلى اى المظلم (فى عقيدتهم طبعا) فلا تصله الاشعة و يظل فى ظلام و هذه عبقرية اخرى للمعمارى المصرى القديم. لذلك قاموا بنحت المعبد فى الجبل بحيث يكون اتجاه المسار الذي تدخل منه الشمس مباشرة الى قدس الاقداس من فتحة ضيقة فى مقدمة المعبد و تمر عبر ستين مترا فى مسار مستقيم لتصل الى قدس الاقداس.
أن قدماء المعماريين المصريين جعلوا دخول الاشعة من البوابة الوحيدة للمعبد و التى اقيت ضيقة على خلاف بقية المعابد فى مصر و سبب ضيقها انه دخلت أشعة الشمس في يوم وسقطت على وجه التمثال فإنها في اليوم التالي، تنحرف انحرافا صغيرا قدره ربع درجة وبهذا تسقط الأشعة في اليوم التالي على جدار الفتحة ولا تسقط على قدس الاقداس.
و أكتشفت هذه الظاهرة في عام 1874 حيث قامت المستكشفة اميليا ادوارذ والفريق المرافق لها برصد هذه الظاهرة وتسجيلها في كتابها المنشور عام 1899 (ألف ميل فوق النيل) والذي جاء فيه: تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير وتحاط بهالة جميلة من الهيبة والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها.
وأن تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني مرتين في العام، يومي الثاني والعشرين من شهر أكتوبر والثاني والعشرين من شهر فبراير، جاء نتيجة لاختيار قدماء المصريين نقطة في مسار شروق الشمس تبعد عن نقطتي مسارها زمن قدره أربعة أشهر لتتوافق مع يوم 21 فبراير و21 أكتوبر من كل عام .
و لكن عندما نقل المبعد وقع اختلاف فى إعادة وضع الأحجار فى المكان الجديد للمعبد يقدر بـ 1/12 من البوصة من مقاس المكان الأصلى وهو ما ترتب عليغ حدوث تغير فى تاريخ وقوع التعامد لاشعة الشمس على قدس الأقداس بالمعبد الكبير فأصبح يومى 22 فبراير و22 أكتوبر بدلا من يومى 21 فبراير و21 أكتوبر من كل عام.
ساحة النقاش