authentication required

 تلوث البيئة احد المشاكل الكبرى التى تواجه مصر و التى لم يتم تعاطيها بجدية طول العقود العديدة الماضية بل كانت ادارة الدولة المصرية  تمارس العدوان على البيئه  بمستويات مختلفة.  قد يبدوا الامر هينا لاول وهلة و لكننا اذا دققنا فى الامر و تتبعنا الانتهاكات البيئية المسكوت عنها و التى لا يطبق عليها القانون تطبيقا صارما اما عن قصد او عن غير قصد او من خلال منظومة الفساد التى استشرت فى مفاصل الدولة فسنجد ان  لها العديد من التأثيرات السلبية.  والتتبع الدقيق لهذه التأثيرات السلبية يظهر لنا تداعيات كارثية  سوف تترتب على السكوت عن اتخاز موقف ايجابى حيال هذه الانتهاكات هذا على سبيل العموم.

اما فى التفاصيل  فنظرة سريعة الى مكونات البيئة فى مصر و اولها  نهر النيل الذى يمثل اهم المفردات   البيئية و التنموية فى مصر  سنرى عجبا ان هذا النهر القادم من قلب افريفا تتعرض ميآهه الى انتهاكين يخرجانها  تماما من حيز الاستفادة . وهذان الانتهاكان هما التلوث  و الاهدار فالتلوث فى معناه هو وصول مادة او طاقة الى مياه النهر و هنا نقول ان هناك الكثير من المواد التى تصل النهر سواء عند تلوثه  بمياه الصرف الصناعى أو  الزراعى أو الصحى الى جانب التلوث بالسلوكيات البشرية السلبية ونقصد هنا القاء المتخلفات الحياتيه فى النهر. اما الاهدار فهو الاستخدام الغير رشيد لمياه النيل سواء فى الزراعة و هى المستهلك الاول للمياه فى مصر. وكذلك فى الصناعة والاستخدامات المنزلية. فمع كل الاسف استخدامنا للمياه فى هذه الاغراض استخدام غير واع و غير كريم يترتب عليه اهدار كميات كبيرة من المياه دونما ادنى استفادة منها.

اما عن تلوث الهواء فحدث و لا حرج فهناك المئات بل الالاف من مصادر تلوث الهواء و كلها من انشطة بشرية   مصانع , ناقلات, حافلات, سيارات , مسابك  وغيرها من الانشطة الصناعية الصغيرة و المتوسطة و الكبيرة , ايضا التخلص الغير سليم من القمامة و المتبقيات الزراعية و حرق الطوب و غيرها.

ثم تلوث التربة الزراعية بالكيماويات سواء اسمدة او مخصبات او مبيدات بانواعها و اشكالها اضف الى ذلك التلوث الضوضائى الناجم عن المصانع و السيارات و المعدات الثقيلة و الورش و الاستخدام الغير واعى لمكبرات الصوت.

كل هذا من هموم  تلوث البيئة فى مصر و سوءاتها و التى عانينا منها كثيرا  و لا نزال  و بالرغم  من وجود  عدة  قوانين تعالج هذه الامور منها القانون رقم 4 لسنة 1994 و المعروف بقانون البيئة و القانون رقم 48 لسنة 1982 و المعروف بقانون  حماية نهر النيل و المجارى المائية و غيرها بالاضافة الى العديد من المواد التى تعالج مثل هذه الامور فى القانون المصرى. و هنا يمكننا القول ان هذا الخضم التشريعى كاف تماما لمنع الانتهاكات البيئية فى مصر بدرجة كبيرة لكن واقع الامر ان كل هذه القوانين غير مفعلة و غير محترمة من المواطن البسيط  و من قبله الحكومة الامر الذى ادى الى وجود تلوث بيئى او قل تسمم بيئى و نجمت عن ذلك مشكلات عضال. و العجيب ان هذه الانتهاكات البيئة فى احيان كثيرة تقوم بها الحكومة او تتم تحت رعاية  ومباركة حكومية مثلا الكثير من المصانع تعمل خارج نطاق قانون البيئة و لم يتم اجراء توفيق اوضاعها طبقا للاشتراطات البيئية و لايتم توقيع اى عقوبات عليها بزعم انها وحدات اقتصادية اجتماعية انتاجية تضخ امولا فى شرايين الاقتصاد القومى, لدرجة انه فى احيان كثيرة كانت تصدر ضدها احكام نهائية لا يتم تنفيذها.بالاضافة الى ملوثات او مصادر الانتهاكات البيئية التابعة او المملوكة لذوى الحظوة و النفوز و التى يقف القانونعاجز امامها. وربما كان فساد القائمين على تطبيق القانون مانعا دون احراز اى تقدم فى هذا الصدد.

ولكن فى مصر الثورة  فى مصر الجديدة فان البيئة تحتاج ان يشملها التغير الجزرى الذى الم بالبلاد,  لذلك نطالب سيادة الرئيس محمد مرسى بضرورة  التوجيه بتفعيل قوانين البيئة على الجميع دون استثناء, كما نطالب بان تكون هناك نيابة خاصة للبيئة و دوائر بيئية فى المحاكم. ايضا دراسة امكانية اعطاء الحق فى توقيع الجرائم البيئية للجمعيات الاهلية العاملة فى مجال البيئة و التى يثبت جديتها فى هذا المجال. و ضرورة تطبيق مبدأ من يلوث يدفع, أى ان الجهات التى تتسبب فى تلوث البيئة لابد ان تتحمل ماليا تكاليف  الاضرار الناجمة عن ذلك.اما على  المستوى التشريعى نطالب  السيد الرئيس محمد مرسى باتخاز الاجراءات اللازمة لتطوير القوانين و التشريعات  التى تعالج او تواجه الانتهاكات البيئية حتى تتلائم مع مستحدثات العصر كما يجب تطوير المواصفات القياسية و الحدود القصوى المسموح بها من انبعاثات المصانع فى الهواء  و ايضا الحدود القصوى للمواد التى تصب فى المياه حتى تتناسب مع المقاييس العالمية . ايضا اعطاء جهاز شئون البيئة الحق فى اجراء التحاليل  الكميائية و الفزيائية و البيولوجية للمياه و الهواء و ان يكون جهة معتمدة فى هذا الصدد.

و اخيرا أطالب السيد الرئيس ان يقرر انشاء مجلس أعلى للبيئة  يشرف على القضايا البيئية الهامة فى مصر و قضايا التنمية المستدامة و مواجهة الاثار السلبية للتغيرات المناخية على مصر كما أطالب  سيادته بتحويل وزارة  الدولة لشئون البيئة من وزارة دولة الى وزارة كاملة الاختصاصات و الاجهزة و الصلاحيات. واناشده العمل و بقوة على حل مشكلة ملايين الالغام التى اوجدتها الحرب العالمية الثانية فى الصحراء الغربية فى مصر فلابد ان تلتزم الدول التى زرعتها بتكاليف و تقنيات ازالتها.

وحتى اكون منصفا فأننى  كما طالبت السيد الرئيس فاننى اطالب المصريين  جميعا بالوقوف الى جواره و ان يتحمل الشعب مسئولياته كل فيما يخصه و لنتوقف عن السلوكيات السلبية و ان نحافظ على بيئتنا قدر الجهد فلا نلقى عليه بكامل المسئولية بل لابد ان تكون يدنا بيده فبهذه الطريقة يمكننا ان نصلح ما فسد خلال العقود الماضية.

 

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

227,351