يلجأ المزارعون الى التسميد كأحد عمليات الخدمة بغرض الحصول على اكبر كمية من المحصول و أحسن نوعية  و بالتالى تعظيم الدخل, و لأن السماد  هو اهم  عناصر الخدمة التى تعطى زيادات واضحة و ملموسة فى المحصول. و التسميد يشكل حوالي 50% من العملية الزراعية برمتها,  لذلك نجد ان هناك ميل من المزارعين الى اضافة كميات زائدة من الاسمدة  وذلك دون الالتزام بالكميات واوقات وطرائق الاضافة الصحيحة طبقا  للتوصيات  الفنية الصادرة  بهذا الخصوص من مركز البحوث الزراعية.  و بالرغم من ان الاستخدام الصحيح للأسمدة يؤدي الى الحصول على انتاج كبير وبنوعية جيدة,  لكن في المقابل فان الاستخدام الزائد عن الحد الموصى به وغير العقلاني لهذه الأسمدة في التربة يؤدى الى مضار على المحصول   وترك آثاراً سلبية على البيئة نتيجة احداث تراكمات مختلفة من المواد الكيميائية  وحدوث تفاعلات جانبية عديدة تترك خلالها اثاراً سلبية على  البيئة  والتربة كما أن الزيادة عن الحد المقرر تؤدي الى زيادة النمو الخضري  للنبات  و خفض المحصول و الجودة  والاصابة بالأمراض, فضلاً عن هدر كميات كبيرة من الاسمدة  بما تؤدى الى رفع تكاليف الانتاج بدون مبرر كما ان الكميات الذائدة عن الحاجة تؤدي الى تلوث  المياه الجوفية  ومياه الصرف  الزراعى التى غالبا ما تصل الى نهر النيل,  ولان نهر النيل و المياه الجوفية تستخدم لاغراض الشرب للانسان والحيوانات والرى  للمزروعات فأنه يكون هناك خطرا شديدا عند تناول هذه المياه الملوثة .

ومن اجل فهم التأثيرات السلبية للاستخدام المفرط  للاسمدة  سوف نتناول الاسمدة الرئيسية الثلاثة  وهى الاسمدة النيتروجينية و الفوسفاتية و البوتاسية لنبين تأثيراتها السلبية على البيئة

  فالأسمدة النيتروجينية  هى اكثر انواع الأسمدة استعمالاً  لأهميتها الحيوية وتأثيراتها الايجابية  السريعة       والملحوظة على مختلف انواع  النباتات. و ألافراط فى اضافتها يؤدي الى   وصول النترات  وهى الصورة الشائعة للسماد النيتروجينى  بمستويات عالية الى المياه الجوفية  او الى مياه الصرف الزراعى التى  غالبا ما تصل الى نهر النيل. و كلا من المياه الجوفيه ومياه  نهر النيل  هى مصادر مياه الشرب و الرى فى مصر,  و فى حالة احتوائها على النترات بتركيز يزيد عن 40 ملجم لكل لتر من الماء تتحول النترات في الأمعاء الادمى  و خاصة الاطفال الى مادة كيميائية يطلق عليها  (نتريت ) و هى مادة ذات تأثير سلبى على  كريات الدم الحمراء الامر الذى قد يصل  الى الاصابة بسرطان الدم.  كما ان التركيز العالي للنترات فى مياه الشرب يسبب مرض السرطان  فى المعدة والأمعاء.. كما تسبب تسمم للأبقار التي تسقى بها  او تتغذى  بأعلاف خضراء رويت بهذه المياه  الملوثة بالنترات.

ان  اضافة كميات زائدة من التسميد النيتروجينى يؤدي الى أن يتجه النبات الى النمو الخضري على حساب  المحصول الثمرى  ويتأخير النضج  ويقل المحصول ويصبح النبات  غضا طرياً   سهل الرقاد عند تعرضه للرياح كما انه اى النبات  يصبح  اكثر عرضة للاصابة بالافات والأمراض.

  أما  فى حالة وصول مياه الصرف الزراعى ذات التراكز العالي  من النترات الي مياه البحيرات والمستنقعات الراكدة كبحيرة قارون او بعض البحيرات التى يصلها صرف زراعى فى  شمال مصر تؤدي  الى نمو الطفيليات والطحالب المائية وغيرها  ويطلق عليها ظاهرة  البترنة  و هي تؤدي الى استنفاذ الاوكسجين من الماء وتشجع نمو الكائنات اللاهوائية وبقاء المادة العضوية في صورتها المختزلة في هذه الظروف دون تحلل   و تستمر فى  التراكم فتعطي مركبات ّ سامة للكائنات الحية  ومنها الاسماك, كما تؤدى الى انتشار الحشائش المائية في  المصارف مما يسبب اعاقة جريان الماء وخلق اضراراً فيها ما يستوجب تطهير تلك القنوات خوفاً من انسدادها وهذه تؤدي الى خسائر مالية كبيرة.

 اما  اللأسمدة الفوسفاتية,  فالفسفور وهو العنصر الاساسى لهل يتميز بقدرته العالية على الارتباط بحبيبات التربة وترسبه على شكل مركبات كيمياوية غير عضوية في التربة ومن ثم ينتقل مع جريان المياه السطحية نتيجة عملية انجراف التربة وفيما بعديشكل خطراً ملحوظاً على  متناولى  هذه المياه. كما انه  يساعد او يسرع في   حدوث ظاهرة البترنة. و زيادة الفسفور في التربة يعمل على إحداث خلل في التوازن الغذائي بين العناصر الغذائية فى النباتات  وتقلل من انتاجيتها.

اما الاسمدة البوتاسية فلا تختلف التأثيرات السلبية لها  عن تأثيرات الاسمدة النيتروجينية والفوسفاتية لأن البوتاسيوم يعدّ عنصراً متحركاً وغير مستقر في   التربة وهو اكثر  حركة من الفسفور واقل من  النتروجين لذا فان امكانية تسربه لمياه الصرف  عالية وتشكل هذه الكمية خطراً ملحوظاً في المياه، ونظراً لأن الأسمدة البوتاسية قليلة الاستخدام في الزراعة من قبل المزارعين على عكس الأسمدة النتروجينية والفوسفاتية لذا فان تأثيراتها السلبية تكون قليلة جداً  كما أن زيادة الاسمدة البوتاسية في التربة تؤدي الى عدم انتظام الضغط الأسموزي في محلول التربة والنبات وبالتالي قلة  قدرة الجذور على امتصاص العناصر الغذائية المضافة عن طريق التسميد و هنا ترتفع الملوحة وهذا يخلق اضراراً  للنبات و يترتب على ذلك  فقدان مقدرة النبات على الاحتفاظ الماء واصابته بالذبول كما  يمكن أن يعرض النبات للاصابة بالآفات المرضية والحشرية.  ولانه اى البوتاسيوم يكون مرافقاً   للنترات عند تسربها الى اعماق التربة   فيزيد  ذلك من خطر الاصابة للانسان او الحيوان مع مياه الشرب.

  إن الاستخدام المكثف و المفرط  للاسمدة في الزراعة يؤدي الى تراكم العناصر الثقيلة في التربة وخاصة عنصر الكادميوم الموجود في الأسمدة الفوسفاتية بصورة طبيعية حيث يترك هذا العنصر اضراراً صحية على الانسان والحيوان بسبب امكانية امتصاصه من قبل النبات وتقديمه غذاء للانسان أو اعلاف للحيوانات.

 وبعد كل هذا فأننى اتوجه الى جميع المزارعين بضروة عدم الافراط فى التسميد  و الالتزام بالكميات التى يحددها مركز البحوث الزراعية وطرق ومواعيد الاضافة لنحصل على محصول وفير وخالى من التلوث. ولنحافظ على مياهنا سواء الجوفية او مياه نهر النيل من التلوث ونحافظ على صحتنا.

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

229,865