السبت الماضي 11 سبتمبر 2010 استيقظ أهالي محافظة أسوان على وقع خبر تسرب  110 طن سولار  إلى مياه نهر النيل من ناقلة مواد بترولية في نهر النيل شمال مدينة أسوان بثلاثة كيلومترات  وتحركت الأجهزة المعنية بالمحافظة للتعامل مع الموقف.

ثم توالت الإيضاحات أن ناقلة البترول لم تكن ناقلة بالمعنى الذي يتبادر إلى الأذهان بل هي لا تعدو أن تكون صندلا قديما أكل عليه الدهر وشرب ولا يخضع لأية مراجعات لتقييم مدى الأمان الذي يتمتع به للحيلولة دون وقوع مثل هذه الحوادث, وهذا ما نشر فعليا في  أحد الصحف المصرية. ثم علمنا بعد ذلك أن هذا الصندل القديم المتهالك ويطلقون علية الدفاع, وهذا الشكل من الناقلات التي قد يتعجب القارئ من المسميات التي تطلق عليها إنما ينتمي إلى فترة ما قبل الثورة الصناعية وهو تطور  لنوع من المراكب الشراعية القديمة التي كانت تستخدم في النقل النهري للسلع. وبعضها موجود حتى الآن  حيث تصنع من خشب أشجار السنط  أو الحديد وتستخدم في نقل الأحجار التي تستخدم في أغراض البناء.

والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان لماذا يتم استخدام هذه الصنادل التي تفتقد  ابسط قواعد الأمان ولا تخضع للتفتيش في نقل هذه المواد البترولية  من خلال نهر النيل؟ ومن هو المسئول عن ذلك؟  

 وبالطبع فان السر يكمن في أنها وسيلة رخيصة للنقل لا تكلف كثيرا بالمقارنة بالوسائل الأخرى مثل النقل بالسيارات أو قطارات السكك الحديدية المخصصة لنقل مثل هذه المواد, فهل ارتفاع تكلفة  النقل البرى مبررا مناسبا للمخاطرة بالنقل في نهر النيل و تعريض المصدر الرئيسي للمياه في مصر للتلوث. إنها نظرة ضيقة  لان نهر النيل  هو المصدر الرئيسي للمياه في مصر لا ينبغي المخاطرة  بنقل المواد البترولية به مع ما يكتنف ذلك من احتمال التلوث.

 و الواقع أن هذه الحادثة ليست هي الأولى و بالطبع لن تكون الأخيرة طالما إننا نتعامل مع النيل بتهاون شديد  ففي  يوليو من عام 2008 حدث كسر في أنبوب من الأنابيب التي تحمل المازوت في مصنع اسمنت حلوان فما كان من المصنع إلا أن حول المازوت  المتسرب من الأنبوب المكسور إلى نهر النيل مما نجم عنه تكون بقعة تقدر مساحتها  بحوالي أربعه كيلومترات مربعة ظلت القاهرة الكبرى وما بعدها من البلاد الواقعة على النيل ودلتاه في الوجه البحري تعانى منها عدة أيام. وبعدها بثلاثة أشهر تسربت من محطة كهرباء جنوب القاهرة 10 أطنان مازوت إلى احد المصارف المجاورة للمحطة والذي أوصل الأطنان العشرة إلى  النيل, ناهيك عن انقلاب صندل محمل بالفوسفات عند بني سويف والأخطر ما أعلنه معمل التحاليل الإشعاعية بجامعة طنطنا خلال العام الجاري من وجود اليورانبوم المشع في الراسبات الطينية لنهر النيل بالقرب من مصانع أسمدة كفر الزيات.

 ومن كل ما سبق يتضح لنا جليا أننا حتى الآن لم نعرف للنيل قدره ولا نتعامل معه ما يستحق من تكريم وتقديس وعناية ورعاية, بل نتعامل معه أي مفردة غير مهمة من مفردات حياتنا وهذا هو موقفنا جميعا مسئولون وأفراد, فجميعنا يساهم بقدر في تلويث النيل, وكلامنا عن أهميته لا تعدوا حديث المجالس وحكايات جوفاء تخلو من المضمون ولا يعقبها عمل بل قولنا يخالف فعلنا. و السؤال الأهم هنا إلى متى سوف نظل على هذا المنوال؟

وهنا أطالب بما يلي:-

أولا: تطبيق مواد القانون رقم 48 لسنة 1982  الخاص بحماية نهر النيل و المجارى المائية من التلوث و أيضا

القانون4 لسنة 1994  الخاص بحماية البيئة على الأفراد والجهات المتسببة في هذه الكارثة.

 ثانيا: منع نقل أي مواد عن طريق نهر النيل قد يسبب تسربها تلوثا لمياه نهر النيل.

 ثالثا: المراجعة والتفتيش الصارمين على الفنادق العائمة و السفن واللنشات العاملة في النيل.

رابعا: منع صرف   مخلفات   الصرف الصناعي من المصانع  و الصحي من المدن و الزراعي على نهر النيل حتى لو كانت مطابقة للاشتراطات التي وضعها القانون.و البحث عن بديل مناسب للتخلص منها.

 أن نهر النيل قدسه الفراعنة الوثنيون كما قدسه المسلمون في العصور الأولى  فهل نحن اقل منهم؟ عذرا أيها النيل يوما ما سنعرف جميعا قدرك ونعاملك بما تستحق من تكريم وإكبار. أرجو أن لا يطول انتظاري لهذا اليوم.

المصدر: موقع بيئتى
  • Currently 53/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 323 مشاهدة
نشرت فى 24 سبتمبر 2010 بواسطة Ahmedazarc

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

227,514