كثيرا من الخبراء والمهتمين بالشأن النيلي حذروا منذ عقود مضت أن الأرض تتحرك تحت أقدامنا في حوض نهر النيل. ولعل البعض تنبه واستشعر الخطر, في حين هناك من أهمل الأمر برمته ولم يعره اهتماما ...

وفريق ثالث  كان يعتقد أن الأمر كما لو كان يخص دولة سوى مصر, أما حكوماتنا المتعاقبة لم تتوقف عن تطميننا  دوما بأن الأمور على ما يرام وان حصتنا المائية لا ولن تمس وان أمننا المائي يقبع في أأمن مكان من عرين الأسد فقروا عينا  ولا تقلقوا فنحن الساهرون على خدمتكم وناموا مليء جفونكم. حتى استيقظنا في ابريل الجاري على كابوس مزعج وقع في شرم الشيخ. حيث الاجتماع الأخير لوزراء المياه لدول حوض النيل الذي انتهى بانهيار المحادثات وتبنى كلا من دول المصب والمنبع وجهتى نظر اقل ما يقال عنها أنهما متعارضان, وتوالت بعدها التصريحات الشديدة اللهجة في كينيا وأثيوبيا و المقتضبة في مصر والغائبة في السودان.

أما حكومتنا فلا تزال تردد لن نوقع اتفاقية تضر بمصالح مصر. و المعارضة بمختلف توجهاتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار  لم تتوقف عن الهجوم على الحكومة وفشل الحكومة وخيبة الحكومة..الخ في موضوع مياه النيل. وثالث العجائب الإعلام  فقد وجد الإعلام فرصة ذهبية للحديث في موضوع جديد فطالعنا مئات المقالات في الصحف المطبوعة والالكترونية وشاهدنا وسمعنا مئات البرامج لمن وصفوا بأنهم خبراء. منهم من يدق طبول الحرب ,ومنهم من يفتى بدون علم ,ويتحدث بأمور هي ابعد ما تكون عن الواقع حتى ليجد المتابع أن الحقيقة تاهت  في وسط هذا الزحام الكثيف.

لابد من صوت العقل فما تقول به الحكومة إنها لن توقع على اتفاقية تضر بمصالح الشعب المصري. ولنسأل الحكومة ماذا لو لم توقعوا اتفاقية تضر مصالح الشعب المصري هل بذلك تنتهي المشكلة؟ الإجابة لا وألف لا    لأن دول المنبع عازمة على السير في الاتجاه المضاد إلى النهاية, وسوف تفتح التوقيع على اتفاقية الإطار المؤسسي للتعاون بين دول حوض النيل ابتداء من الرابع عشر من مايو 2010 و لمده عام. ماذا سوف يحدث لو لم نوقع؟ هل سوف تصبح الاتفاقية لاغيه؟ وما هو التحرك المطلوب من الحكومة من الآن؟  وحتى نصل إلى حل يرضى جميع الأطراف؟ هل بسيف المعز أم ...... ؟ وأعتقد انه يجب أن يكون هناك تحرك مصري على المستوى الدولي  في اتجاه اللاعبين الدوليين المؤثرين في توجهات دول  حوض النيل سواء حكومات ودول أم هيئات أممية أو جهات تمويل دولية. الأمر الآخر ما الذي يمكن أن تقدمه مصر لدول حوض النيل ؟

أو لنقف ونقول ماذا قدم صندوق التعاون الفني مع أفريقيا لدول حوض النيل؟  و ماذا قدمت وزارة الموارد المائية والري بأجهزتها ذات الصلة وخاصة قطاع مياه النيل في فترات تنفيذ الاندوجو و مبادرة حوض النيل؟ هل تم استغلال هذه المشروعات في صالح مصر أم في حصول الموظفين على فرص للسفر و  ما بعد السفر؟  ولنطرح السؤال بصيغة أخرى ما هو المردود الفعلي والحقيقي المحسوس لعمل كلا من صندوق التعاون الفني مع أفريقيا  بوزارة الخارجية  وقطاع مياه النيل بوزارة الموارد المائية والري في إقليم حوض  النيل طوال العقود الماضية؟

أما المعارضة  فأننا نود أن ننبه أقطابها وأفرادها وصحفييها أن هذا ليس بوقت مناسب لمهاجمه الحكومة  وإظهار عوراتها  ومحاولة إثبات فشلها أمام القاصي و الداني فالأمر أشد وأعظم من ذلك ولكن لابد أن نقف صفا واحدا أوله عند رئيس الجمهورية  وأخره عند أقصى المعارضين له,لنعزف لحنا واحدا إلا وهو مصلحة مصر في مياه النيل وكيفيه الحفاظ عليها سواء بالشرعية الدولية و المفاوضات المباشرة مع دول الحوض أو تنفيذ مشروعات التعاون معها ولديها على أراضيها و استقبال مبعوثيها للدراسة في مصر ورعايتهم.

ثم الإعلام لابد أن يتوقف عن جلد الذات ولنتوقف عن محاولة مليء ساعات الإرسال وصفحات الجرائد والمجلات بآراء وكلام قد يكون ضرره أكثر من نفعه في هذا الوقت الحساس و التدقيق عند اختيار المتحدثين فكل ما يقال في هذا الظرف محسوب على مصر في وقت كثر فيه  المتربصون على مصر ينتهزوا الفرص للهجوم عليها وإظهارها في صورة القوى المتعجرف على دول ضعيفة فقيرة.

القضية الأساسية  من وجه نظر دول حوض النيل هي أن نتذكر هم  ونضعهم على جدول إعمالنا  فليست القضية بالنسبة لهم قضية مياه  خاصة وان معظم دول الحوض لديها مصادر مياه أخرى  غير نهر النيل ولكن القضية وجود أجندات أجنبية تحرك سياسات هذه الدول مطلوب منا مواجهتها بالعقل والتعقل.

لاعبين أساسيين يجب أن يفسح لهما المجال هنا واعتقد أنهما سوف يكونا ذوا دورا مؤثرا  وفعالا وهما  رجال الأعمال المصريين و الدبلوماسيين الشعبيين اقصد الجمعيات الأهلية. فرجال الأعمال المصريين قادرين على تنفيذ مشروعات مفيدة في هذه الدول وسوف يكون لها تأثيرا طيبا على حكوماتها وشعوبها و هم ماذا يريدون أكثر من مشروعات تنفذ لديهم تفتح كثيرا من فرص العمل لأبناء تلك الدول ويكون لنا حوار  هادى معهم هناك ونستطيع أن نجد لنا موطئ قدم من جديد, فنستعيد المكان والمكانة مرة أخرى. أما الدبلوماسية الشعبية أي الجمعيات الأهلية وهناك الكثير منها  في طول البلاد وعرضها لها علاقات طيبة بجمعيات مماثلة في دول حوض النيل وهم الأقدر على الحوار الهادئ الرصين العاقل التلقائي بدون تكلف مع زملاء لهم يستطيعوا من خلالهم التأثير في القاعدة الشعبية العريضة في تلك الدول ويساهموا في تكوين وإبراز رأى عام في صالح مصر.وأعتقد أن هناك أفكارا كثيرة لو نفذناها لخرجنا من هذا المأزق واستفدنا من علاقاتنا مع تلك الدول. فقط يتحتم علينا التوقف عن جلد الذات وكيل الاتهامات للآخرين ولنتعاون معا لمواجهة هذه المهددات القديمة المتجددة.

المصدر: بيئتى
  • Currently 212/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
67 تصويتات / 820 مشاهدة

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

228,569