كدأبها منذ أمد بعيد دلفت أشعة الشمس عند شروقها في تمام الساعة السادسة وعشرين دقيقة من صباح اليوم الثلاثاء 22 فبرايرداخل معبد رمسيس الثانى لتتعامد على وجوه ثلاثة من اصل اربعة تماثيل قابعة منذ اكثر من ثلاثة آلاف سنة فى "قدس أقداس معبد رمسيس الثانى بأبى سمبل،, وهى ظاهرة لا تحدث سوى مرتين فى العام ثانيهما كانت صبيحة اليوم ، أما الاولى فتقع فى تمام الساعة الخامسة و خمسة وخمسين دقيقة صبيحة يوم و22 أكتوبر وتستمر لمدة 20 دقيقة ، وقد اسرت عقول عشرات المراقبين داخل المعبد و المتلاصقين للاقتراب من قدس الاقداس, و الراصدين لها على شاشات عرض كبيرة تم اعدادها ليرقبها عدة الاف من الزوار فى محيط المعبد و ملايين المتابعبن لها على المستوى المحلى و الاقليمى و العالمى من خلال شاشات التلفاز عبر القنوات الفضائية و الارضية المختلفة, التى تنقل هذه الظاهرة التى مازالت تحير الالباب .
الجميع تتسع حدقاتهم لتتابع ضوء الشمس القادم من الشرق وهو يتعامد على وجوه تماثيل ثلاثة فى قدس الاقداس لكلاً من الآله رع-حور آختى , الملك رمسيس الثانى , الآله آمون, أما التمثال الرابع فهو للاله بتاح رب الظلام (فى عقيدتهم) فلا تصله الاشعة و يظل دامساً فى ظلامه و هذه عبقرية اخرى للمعمارى المصرى القديم.
وفى الاصل اى منذ نحت المعبد منذ اكثر من 33 قرناً من الزمان كانت تحدث الظاهرة يومى 21 أكتوبر و فبراير من كل عام , لكن عند انقاذ المعبد و نقله الى مكان مرتفع 65 متراً عن مكانه الاصلى والى الغرب منه بحوالى 120 متراً وقع اختلاف فى إعادة تموضع المعبد فى المكان الجديد يقدر بـ 1/12 من البوصة من تموضعه الأصلى على خطوط الطول مما ترتب عليه تأخير وقوع تعامد اشعة الشمس على قدس الأقداس بالمعبد الكبير يوماً كاملاً فصار يومى 22 أكتوبر و فبراير بدلاً من يومى 21 أكتوبر و فبراير من كل عام.
هذه الظاهرة الفلكية الفريدة التى تقع مرتين في العام تستند إلى حقيقة علمية ادركها قدماء المصريين وهى أن شروق الشمس من نقطة الشرق تماما وغروبها من نقطة الغرب تماما تحدث في يوم الحادي والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريبا كل يوم إلى ناحية الشمال. وهنا تتضح حقيقة فلكية و هى أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في السنة وأن المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعا لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تماماً. وأن تعامد اشعة الشمس على وجوه التماثيل الثلاثة مرتين في العام، يومي الحادى والعشرين من شهر أكتوبر و فبراير، جاء نتيجة لاختيار مصمموا المعبد نقطة تموضعه بحيث تقع فتحة بوابته التى تدخل منها اشعة الشمس في مسار شروقها بحيث تبعد عن تكرارها فى ذات النقطة زمنياً بفترة قدرها اربعة أشهر لتتوافق مع اليومين المختارين لعلة ما لم نكشف سرها حتى الآن ، ثم شرعوا في نحت المعبد فى الجبل بحيث يكون اتجاه المسار الذي تدخل منه أشعة الشمس من فتحة ضيقة فى مقدمة المعبد و تمر عبر ستين مترا فى مسار مستقيم لتصل الى قدس الاقداس.
أن قدماء المعماريين المصريين جعلوا دخول الاشعة من البوابة الوحيدة للمعبد و التى نحتت ضيقة على خلاف بقية المعابد فى مصر و سبب ضيقها حتى تسمح بدخول أشعة الشمس في اليوم المحدد وتلامس وجوه التماثيل الثلاثة , لإنها في اليوم التالي، تنحرف انحرافا صغيرا قدره ربع درجة ممايجعلها تسقط على جدار الفتحة ولا تمتد لتدرك قدس الاقداس.
وقد تحدثت عن هذه الظاهرة الرحالة أميليا ادوارذ فى كتابها المنشور عام 1899 (ألف ميل فوق النيل) نقلاً عن السكان المحليين والذي جاء فيه: تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير وتحاط بهالة جميلة من الهيبة والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها.
ساحة النقاش