تستمر احتفالات الشتاء فى اسوان فمنذ فترة ليست بالبعيدة أحتفلنا بمعجزة القرن العشرين السد العالى فى وذلك فى منتصف شهر يناير المنصرم و الآن وفى فبراير نعود مرة اخرى لنحتفل بعيد الشمس القادم من فجر التاريخ حيث الحضارة العبقرية و ما تركته من علامات و أشارات التفوق و التقدم فى سحيق العصور الغابرة لتترك شاهداً ما ثلاً أمام بصائرنا أبصارنا عما وصلت اليه علوم الهندسة و الفلك من تطور فى عهد الرعامسه وغيرهم من حكام مصر القديمة .و فى صبيحة الثانى و العشرين من فبراير لترحل الشمس الى الافق البعيد فى جنوب مصر عند البقعة الساحرة فى ابى سنبل درة النيل. و لتقذف باشعتها المقدسة الى التحفة التليدة التى نحتها فى الصخر فرعون المجد و الانتصار و تدلف من بوابة السؤدد الى قاعات النصر و دهاليز العزة لتنتهى الى قدس الاقداس حيث يقبع تمثال أقوى حكام مصر على الاطلاق الملك العظيم رمسيس الثانى فى معيه آلهة الشمس عند الفراعنه أبيه الآله امون رع الى يساره و على يمنيه الآله رع حور أختى يليه بتاح اله العالم السفلى والظلام عند الفراعنة و الذى لاتصله الشمس أبداً فى هذه الظاهرة الفلكية التى حيرت الافهام فتلامس اشعة الشمسة الذهبية المشرقة فى تعامدها المعجز وجوه التماثيل الثلاثة فى المقصورة الملكية بقدس الاقداس دون التمثال الرابع الراكد فى ظلمته السفلية ..لتخرج من المقصورة بعد 20 دقيقة بالتمام والكمال ....عن ظاهرة تعامد الشمس فى معبد ابى سنبل جنوب مصر اتحدث.
هذه الظاهرة والتى تقع مرتين فى العام الثانية منهما تلك التى وصفناها آنفاً, أما الاولى و فتقع فى الثانى و العشرين من اكتوبر عيد الشمس الخريفى فى ذات المكان و بذات الكيفية و قد أختلف فى تفسير هذين التاريخين فمن قائل هما تاريخ جلوسه على العرش و تاريخ ميلاده و غيره و لكن الراجح عندنا هو ارتباطها بمواعيد الزراعة و الجنى والجمع والحصاد, الا انها تظهر تفردا و تفننا و تمكنناً من الهندسة و البناء وعلوم الفلك و حركة الشمس وهذه رسالة من الاجداد الى الاحفاد اننا نحن تملكنا ناصية العلم فهل انتم كذلك؟.
وكما ذكرنا سابقاً فأن تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني يقع مرتين في العام، ، جاء نتيجة لاختيار المهندس المصرى القديم المصمم للمعبد نقطة اولى تبعد في مسار شروق الشمس عن النقطة الثانية زمن قدره أربعة أشهر لتتوافق مع يوم 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام وهذه الرسالة الثانية نحن نحدد لكم موعد البذر و الجمع فاتبعونا تربحوا.
وفى نهاية خمسينات القرن الماضى وعند الشروع فى بناء السد العالى كان هناك تخوفا من غمر مياه البحيرة الناجمه عن بناءه للمعبدين لذا تم نقلهما فى عام 1964 لمكان يقع مسافة مائة وثمانون متراً غرباً عن الموقع الاصلى واعلى منه باربعة و ستون متراً وهذا ادى الى اختلاف فى موقعه الجديد عن الاصلى فى خطوط الطول الجغرافية بـمقدار 1/12 من البوصة من مقاس المكان الأصلى وهو ما ترتب عليه حدوث تغير فى تاريخ التعامد لاشعة الشمس على قدس الأقداس بالمعبد الكبير مدته اربع و عشرون ساعة فأصبح يومى 22 أكتوبر و 22 فبراير بدلا من يومى 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام و هنا تأتى الرسالة الثالثة ياحفيدى نقلت المعبد وتوصورت انك تفوقت فهل حافظت على تاريخ تعامد الشمس ام تأخرأ يوماً لتعلم انك متأخر عنى فى كل شىء.
ورغم أن اكثر من خمسين دولة و هيئة اليونسكو و العديد من الجامعات المصرية و العالمية تشاركت فى هذا الامر الا انهم لم يتمكنوا من الحفاظ على تاريخ التعامد كأنما يرسل المهندس المصرى الذى نفذ هذا العمل العبقرى منذ الاف السنين لتكون الرسالة الرابعة و الاخيرة لكل هؤلاء و اولاؤك اننى لازلت انا المتفرد عنكم و المتفوق عليكم برغم تقدمكم و تملككم آلالات و معدات عصر ما بعد الثورة الصناعية, الا اننى لازلت امتلك من الاسرار ما لم تتمكنوا من فك شفرتها حتى الآن و ستظل تبحث فيها و عنها ما حييت و لن تصل حتى اسمح انا لك بذلك و حتى تبوح خزائنى المخبوءة عنك بما تركته من اسرار خفية عليك كبيرة على عقلك المتفتح المتوهج حتى تعترف لى بالفضل و التفضل.
و الان انهى هذا المقال قبل ستة ساعات من بدء ظاهرة التعامد الشتوى فى معبد رمسيس الثانى و ارسل تحية كبرى لشعوب العالم التى تكاتفت من أجل أنقاذ هذه الآثار الانسانية الخالدة حتى نتمكن من الاحتفال سنويا مرتين فى الخريف ثم الشتاء بعيد الشمس بابى سنبل و كل عام وانتم بخير.
ساحة النقاش