كأحد العاملين فى مجال الزراعة لدى اهتمام ومتابعة لتطورات قضية الساعة فى مرحلة الحسم اقصد قضية سد النهضة الاثيوبى , حيث جرت جولة مباحثات بين وزراء الرى فى الدول الثلاث المعنية و كنا نحبس الانفاس فى انتظار ما تسفر عنه هذه المباحثات حتى طالعتنا الاخبار ب بفشل المحدثات بسس استمرار التعنت الأثيوبي،
و لنا تعليق,, اثيوبيا اليوم ليست اثيوبيا الامس بالامس كانت تستجدى توقيع مصر معها اتفاقية السد وتبذل الوعود و العهود و المواثيق و غلاظ الايمان انها لن تضر مصر و السودان, و الان وقد حصلت على ما تريد و تخطت عقبات القانون الدولى تنكرت لكل شىء, بل ذاد الامر فى تصريحات عنترية لوزير دفاعها و ابيها احمد.
وهنا لنا وقفة ماذا نحن فاعلون فى البدء هناك ما يجب ان تقوم به الدولة المصرية, تستخدم قواتها الناعمة (وقد بدأت بالفعل بالاتجاه الى مجلس الامن) فى ايقاف الاحباش عند حدهم و اتصور ان مصر ستفعل كل شىء اكرر كل شىء من اجل الحفاظ على حقوقها التاريخية فى مياه النيل.
و لكن ماذا عنا نحن العاملين فى مجال الزراعة؟؟؟ فى البدء اهمس فى اذن الجميع لا تتسرعوا فى اتخاذ اجراءات يتحتم ان ندرسها جيدا, لايجب ان تعمل الزراعة و الرى و الصناعة بمعزل عن بعضها.
و لان الزراعة هى المستهلك الاعظم للمياه و المتأثر الاشد بنقصها فلابد من اخذ الاجراءات اللازمة لتحسين استخداماتنا لمياه الرى ليس داخل الحقول فحسب بل لابد ان يشمل ذلك مرحلة نقل و توزيع المياه. فمعلوم ان كفاءة الرى فى مصر 55% اذن لدينا فاقد فى مياه الرى يقدر بحوالى 45% من كميات المياه التى تنطلق من نهر النيل الى ترع التوصيل فالترع الرئيسية فترع الرى حتى تدخل المياه الى الحقول.
ماذا نفعل؟
لدينا عشرات الالاف من الكيلومترات للمجارى المائية فى طول البلاد وعرضها مساحة مسطحها ستكون رقم مخيف كل هذه المسطحات المائية تفقد مياه بالبخر, و اذا اضفنا الى ذلك كميات النباتات المائية و الحشائش التى تنمو فى تلك المجارى و على جانبيها فحدث ولا حرج عن كميات المياه المستهلكة بواسطتها ايضاً كميات المياه المتسربة من تلك المجارى نتيجة الكسور و ضعف جوانبها.....الخ كثيرة جداً مما يستدعى ان تقوم وزارة الموارد المائية والرى بأخذ زمام المبادرة ودراسة كمية المياه المهدره عن هذه الوسائل و كيفية التغلب عليها و حمايتها او بمعنى اخر مطلوب تطوير او تغير طرق نقل المياه لتقليل الفاقد منها, و مهما كانت التكلفة فهى تتضائل امام غول عجز الياه الذى بدأ يطل عليها بوجهه الكئيب.
اما عن وزارة الزراعة و محاصيلها المختلفة الحقلى منه و البستانى و الطبى....الخ فالحديث يطول و لن يكفيه مقال واحد . لكن بادىء ذى بدء اهيب بمتخذى القرار ان يأخذ من الحيطة والتمهل الشىء الكثير قبل اتخاذ اجراءات ربما تكون لها اثار سلبية على الامن الغذائى المصرى وما مسألة خفض مساحة الارز ببعيد فقد تقرر خفض مساحات الارز فقفزت اسعاره وحتى بعد العوده عن القرار وزيادة المساحة مرة اخرى ظلت اسعار سلعة الارز كما هى ياسادة سوقنا غير مرن و ما يرتفع لن يعود فلنكن فى حرص.
لذا أنادى أولا باجراء دراسات متعمقة فى حقول المزارعين بقياسات فعلية عن كميات المياه التى تضاف لرى المحاصيل المختلفة, و أنا على يقين أن الغالبية الكاسحة من المزارعين يبالغون ويفرطون و يهدرون مياه الرى و لا فرق ععندهم بين محصول واخر فى كميات المياه, فالواقع العملى الذى رصدناه فى جميع الحقول التى نمر عليها اثناء العمل يقول حقيقة مرة وهى ان المزارع يروى الارض و لايروى المحصول. بمعنى انه يضيف المياه الى ارضه حتى ارتفاع معين فوق سطح الارض (غمر او تغريق) ثم يغلق وذلك فى جميع المحاصيل ماعدا قلة قليلة يتحقق بها ضرر مؤكد من زيادة مياه الرى مثل الطماطم , العدس , السمسم.
لذا يكمن الحل فى تطوير ادارة عملية الرى فى عقول المزارعين أولاً ثم فى حقولهم ثانياً. عندها سنكون حققنا نجاح كامل, والامر ليس صعباً كما انه ليس بسيطاً, وهناك العديد من الجهات التى يمكن ان تعمل فى هذا الامر. و للحديث بقية نستكمله فى مقال لاحق.
ساحة النقاش