ملاذ آمن
خفقان قلب ، تسارع خطوات ، كأنه سباق مع الزمن ، جعله يبدو للوهلة الأولى خائفًا يبحث عن ملاذ آمن ، أو حضن يرتمي علية ليريح نفسه من هول صدمته .
نظراته الحائرة تتجه صوب ذلك الظلام الذي بدد سكينته وغير وجهته التي دأب السير على خريطتها . عندما يتحول الليل من أنيس وغذاء للفكر والتأمل ، الى شبح خوف وهلع .
خرق صوت الحارس الابح مسامعه لتنتقل الى نبضات قلبه المتسارعة وكأنها تسقط تحت قدميه … قف .. لا تتحرك ..
أستعرض شريط حياته منذ لحظة الولادة المشؤومة التي فقد أمه بسببها .. الى مدرسته البائسة التي فقد فيها السمع بإحدى أذنيه أثر صفع معلمته لعدم إحضار ملابس الرياضة .. الى هروبه من الجيش أيام معركة نهر جاسم ، وقطع أذنه الأخرى .. أو قد يكون ما قام به سنين الحصار ، عندما باع باب الدار ، ليشتري ملابس لأطفاله الصغار .. أو بسبب لعنة أسمه الذي تحول الى طوق في عنقه يجره اليه كل طرف عكس إتجاه الآخر ، لكن الله يتدخل بلطفه لينقذه .
لحظات .. طولها أعوام .. بدأ الحارس يقترب حاملًا سلاحه وعيونه تتطاير شررًا ..
يااللهي .. من لي غيرك .. لا حول لي ولا قوة .. بدأ يرتل القرآن .. وهو سكران !!
تراءت له زنزانة السجن التي تبول عليه سجانها عندما فكر في كتابة قاموس للحب ..
وقف منتفضًا، لاشئ يخسره ..
: لتاخذني حبال المشنقة أو رصاص الإعدام .. انا ماعدت ذلك الخائف الجبان .. فالموت يعرف طريقي غدًا أو الآن ..
قاطعت أفكاره ضحكة سوداء بلون الليل من الحارس وهو يحمل بيده الأخرى دفتر أشعاره مع ما تبقى من قنينه الشراب ..
: هاك أغراضك البائسة ، لقد نسيتها عندما غادرت المكان ..
حيدر الدحام