طفل أنابيب.بقلم الشاعر إبراهيم العمر.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأنا، يا سيدتي، قد ابتلعتني الأيام ، أنا سحقتني أنياب الدهر، أنا تائه في أحشاء القدر، أنا طفل أنابيب أتسّكع في مجاري المدينة . أنا أسري في الليل وأتهادى في السكينة، أنا، يا سيدتي، لا أنمو في الأضواء ، أنا، يا سيدتي ، خرخرة في الهواء ، أنا أعيش على الضفاف في ليالي السهر أنا جزء من هذا الجفاف الذي يعانق النهر ، أنا صقلت روحي رقرقة المياه بضمّات الحب والحنين ، كما صقلت الحصى قبلات الجدول على مرّ السنين ، أنا ستائر الظل التي تنسدل عند المساء . أنا يعانقني هذا الغدير كما يعانق عروق الجرجير . أنا نقنقة ضفادع الصيف على خطوات المشاوير . أنا حفيف أوراق الشجر على أرصفة الكوابيس ، أنا تمايل الأشباح على ضوء شعلة الفوانيس . أنا نظرات الذعر في اقتحام الوباء . أنا لهيب الشوق في نيران الفناء . أنا الدماء الساخنة في كل الجروح ، أنا وخز الشوك في الكبد المقروح . أنا أعيش في عمق الجرح ولا أتخطي حدود الألم ، أنا ماض بدون ذاكرة ؛ أشعر بالذنب ولا أشعر بالندم . أنا لست داخلا ولست خارجا ، أنا أحيي على عتبة العدم . أنا هالة من غبار ، أعيش في قلق وانتظار ، أعيش حالة خوف دائم من هبّة هواء، تبعثر كياني في طيّات الوهم ، وتعيد تشكيل خلايا جسدي لتملأ وعاء الفراغ . وتزرع في رأسي قوانين الغربة في زمن الاغتراب، وأساليب الكواسر في عصر العنف والإرهاب. أنا أمشي في الشوك هائما على الورد في حدائق السراب . أنا حفنة من لا شيء وسط انشطار،أعيش على بقايا صور وأفكار . أنا أبحث عن معان بدون أشكال وبدون ألوان، وأتبعثر في أشكال حروف وكلمات بدون لغة وبدون تعابير. ــــــــــــــــــــــإبراهيم العمر.
عدد زيارات الموقع
103,493