قصة قصيرة
((اوجاع كاتب))
...........
أنعزل عن جميع من حولي اناجي السماء في خلوتي أنظر اليها محاولًا طرد ثقل رئتيّ بملايين التناهيد مع مايُرافقها من الدموع، محاولًا إخراج غصّتي وثُقلي من رئتيّ ولو كلفني الأمر فك قفصي الصدري وعصر رئتيّ.. ! ولكن سرعان ما تعود الغصة الى الداخل محملةً بخيبة أمل جديدة.. معظم التلميحات كنت أفهمها من أول مرة ، وأفهم غاية أصحابها وأعرف طريقتهم في تلميح أو تعتيم ما يريدون قوله ، لكنني من النوع الذي يميل أكثر للتظاهر ، للتصرف بغباء في سبيل أخذ الحقيقة لا التخمينات. أشعر احيانا بكسل الروح، ذلك الكسل الذي يجعل القيام بأي شيء أمرًا تافهًا لا قيمة له، أمرًا صعبًا مهما كان بسيطًا. الشعور الذي يجعلني اتكور في سكونٍ غريب... ومَن تنصرف عنه نفسي لا يمكنني ردّها إليه، قد أنجح في جعل العلاقات مع تلاخرين سلميَّة، أما الألفة المفقودة لا تُسترجع. ففي بعض الأحيان يشفق المرء على نفسه عندما يدرك أن كل اذاه منبعه من سوء اختياراته، وإنه عندما سعى لكسب سعادة اضافية فقد كان ينجرف لا إراديًا لحزن عظيم... وقفت وحدي في أيامٍ لا يتجاوزها المرء إلا جماعة.. فطلب من الله أن يجعل مكاني واضحًا ، وهذا كل ما رغبتُ فيه يومًا.. أن أعرف مكاني الصحيح.. أعتقد بأنّ الغفران قد يشمل كل شيء ، إلا الشيء الذي أثار شفقتي على نفسك.. فأنا لا أُريد أن يتوقف العالم أمام خسائري ، أُريد أن يكُف عن اجباري بالمضي قدمًا، أن يسمح لي بالانهيار والرحيل كُلما احتجت لذلك.. ذلك الانهيار الذي اراه امامي يتدلى بحتفال بهيج.. فمع مرور الوقت تحول الأصدقاء إلى غربة والكلمَات إلى ألم والعِتاب إلى إستئذان بالمُغادرة، ويعود كل شيء إلى قائمة الصمت الابدي ... نحن المهمشون دون أثر يُقتفى، الخائفون من الإقتراب، العاجزون عن الإبتعاد، الصامدون بوجه الليل، العائدون من الخيبات والذاهبون إليها... فكل ما أُريده هو أن أتعافى مما تركته الأيام الصعبة في روحي، أن تنتهي أثار تلك الجروح العميقة من داخلي، أن أنسى ما أبكاني و أتخطى كل هذا الانطفاء الذي حدث لي، أن أُضيء مجددًا بشغفٍ آخر وبقلبٍ سليم...نحن نحاول نغادر لأن الباب الموارب يقلقنا، لأن المنطقة الرمادية مأهولة بالخطر، لأن الأنانية ليست من شيمنا والذل ليس مسارنا، لأننا كنا أنقى من البقاء، وأقوى من الإنصياع، وأرحم من ردّ الصاع صاعين نغادر .. لان البشر لا يقتنعون ابداً بأسبابك وصدقك
وجدية عذابك إلا حين تموت ، وما دمت حياً.. فإن قضيتك مغمورة في الشك وليس لك اي حق في الحصول إلا على شكوكهم... أتمنى أن لا ينتهي الطريق بيننا، أن لا تموت فينا أصدق مشاعرنا، أن لا تتوقف رسائلنا، أن نحيا طوال العُمر بنفس شُعورنا الأول.. شعرت ان الغروب اوشك ان يطرق ابوابه وان نسائم الخريف تهيمن على الافق.. وانا جالس اما ضفت النهر.. لم اجد في هذا المكان سَوى ذاتي ودخان سكارتي التي راحت تشكل حلاقات في طبقات الجو.. نهضت بعدها من مكاني تاركا كل ما تراكمته السنين وافكاري المشوشة كشاشة تلفزيون تراكمت عليها الصور والألوان.. راحلن الى مواسييم اخرى لانني كُنت أعلم يقينا أنني لن أندم إذا فشِلت، وكُنت أعلم أيضاً أن الشيء الوحيد الذي كنت سوف أندم عليه هو عدم المُحاولة من جديد مع نفسي وذاتي.. لان مع هجران الروح البريئه.. ترحل كل القيم العفوية محاولة البحث عن سبل اخرى للحياة
...........
بقلم وائل الحسني السامرائي