همسات مراكشية
===========
قصيدة بقلم
=======
كمال مسرت
========
بالأمس ... كان معي القدر لحظة ولادتي ..
=======================
بالأمس..
كان معي القدر لحظة ولادتي ..
من تجاعيد امرأة قالت لجنود ..
الدهر...لا وألف لا..
كنت ألعب .. أمرح .. أبكي .. أصرخ ..
أغني .. أقرأ .. أكتب .. أرسم ..
على الطين ..
علم بلد منسي بيراع متحلل ..
غرست حلمين كملاكين على ضريحي ..
فولدت من جديد...مجردا من كل شيء ..
لا اسم .. لا ملامح .. لا نسب ألود إليه ..
متنصلا من هويتي بلا جواز سفر ..
يخفي صورة كانت لي بالألوان ..
عن أعين شرطة الحدود لأنهم يعرفوني ..
بأحمد المغربي .. ابن السبيل ..
ولدت بلا بيت بلا أم ترضعني ..
من شهد عشق الشهادة ..
أبي لا أذكره ..
ربما كان نبيا .. ربما وحيا أو شهيدا ..
أغرم بالسماء فتسلق أسبابها ..
ربما..
أو ربما حكاية كان ..
سمعت عطار حارة المغاربة يخبر بخوره ..
أن أبي كان مجرد حلم عربي تبخر مع الفجر ..
بالأمس كان معي البحر و ظله وبضع خيمات ..
يجددون البيعة للخريف دون استئذاني ..
فانشق القمر شقين .. تبعثرت صفوف عسكر الليل ..
أزلفت الجنة للمتهافتين .. للعاشقين .. للراغبين ..
تسابقنا كالمجانين .. كالمتلهفين لنهاية الكون ..
فمن أصابته رصاصة طائشة أو مسومة ..
نال الشرف .. وأحس بالذل من أخطأته ..
كأني أعرف ذاك الغروب .. كان يتسلل ..
من خلف الشمس العارية إلا من خيط رفيع ..
نسجته عنكبوت من بقايا غيمة ..
يواري عورتها .. يزين خصرها ..
تلك البيوت اشتقت لرائحة قهوتها ..
لقسوة رغيفها الممزوج بدم ابن يعقوب ..
لصرخت امرأة تسكنه فاجأها الطلق ..
لحظة استشهاد طفلها الوحيد .. فأنجبت ..
عشرا ضدا في الغدر .. عندا في البندقية المومس ..
الصرح المطلي بالأبيض والأزرق كان لي يوما قبل رحيلي ..
لم أعرفه أصبح شاحبا .. هرما .. نحيفا .. لم يستسلم أبدا ..
لعوامل التعرية ولا للقنابل العنقودية ..
بالأمس يا أماه سمعت جويريات يغنين ..
فاشتقت لأعراس الضيعات المجاورة ..
لرقصة النصر وموال الفخر قبل أذان الفجر ..
أذني تتلمس في الظلام أصوات أجراس ..
كنيسة دير ابينا ابراهيم .. والمسكوربية ..
حلقت مني روحي تعانق موكب الشهداء ..
في رحلتهم اليومية .. وتمسح دمعة بالية ..
نسيها المؤرخ معلقة على رموش القلم ..
أرأيتم أمي تحمل رشاشا تغازل به الأرواح الشريرة ..
عند مدخل التاريخ .. ومن خلف أبنائها تنادي للجهاد ..
تلك أمي العربية .. نقية النسب .. رفيعة الحسب ..
لم يشب دمها دولار ولا ذهب أسود ..
لأنها تعلم أنكم لهما خانعون عبد ..
فزهدت في الدنيا متاعها .. ورفعت دعوة ..
انفصال عن خيام أهلها .. واكتفت بشرف ..
القدس .. غزة .. رام الله .. وابنها المجند ..
وللعذراء صارت أنيسة تساعدها في تدليل ..
الناصري .. في غسل الدماء عن وجهه المجرد ..
من لحية شهباء بعدما بشر بأحمد ..
تلك أمي وأنا فخور بكوني ابن أمي ..
وأتباهى لأني ابنك يا فلسطين .
بقلم كمال مسرت