فى الفرق بين الفراسة والظن ....... الظن يخطئ ويصيب ......وهو يكون مع ظلمة القلب ونوره وطهارته ونجاسته . ولهذا أمر تعالى باجتناب كثير منه وأخبر أن بعضه اثم .....أما الفراسة فأثنى على أهلها ومدحهم فى قوله تعالى - ان فى ذلك لآيات للمتوسمين - الحجر 75- ......قال ابن عباس - رضى الله عنهما وغيره = أى للمتفرسين .....وقال تعالى - يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم - البقرة 273- ......وقال تعالى - ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم فى لحن القول - محمد-30-.. فالفراسة الصادقة لقلب قد تطهر وتصفى وتنزه من الأدناس وقرب من الله.... فهو ينظر بنور الله الذى جعله فى قلبه ...وهذه الفراسة نشأت له من قربه من الله ..فان القلب اذا قرب من الله انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وادراكه ........وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله بحسب قربه منه .....وأضاء له النور بقدر قربه فرأى بذلك النور مالم يره البعيد والمحجوب ....كما ثبت فى الصحيح من حديث أبى هريرة عن النبى صل الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه عز وجل أنه قال - ماتقرب الى عبدى بمثل ماافترضت عليه ..ولا يزال عبدى يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه .فاذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ....فبى يسمع وبى يبصر وبى يبطش وبى يمشى - صحيح البخارى برقم 6502- ...فأخبر سبحانه أن تقرب عبده منه يفيده محبته له .فاذا أحبه قرب من سمعه وبصره ويده ورجله فسمع به وأبصر به وبطش به ومشى به ....فصار قلبه كالمرآة الصافية تبدو فيها صورة الحقائق على ماهى عليه .فلا تكاد تخطئ له فراسة ...وليس هذا من علم الغيب . بل علام الغيوب قذف الحق فى قلب قريب مستبشر بنوره غير مشغول بنقوش الأباطيل والخيالات والوساوس التى تمنعه من حصول صور الحقائق فيه ....واذا غلب على القلب النور فاض على الأركان وبادر من القلب الى العين فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور ......وقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم يرى أصحابه فى الصلاة وهم خلفه كما يراهم أمامه ( البخارى 718) ......ورأى بيت المقدس عيانا وهو بمكة ..ورأى قصور الشام وأبواب صنعاء ومدائن كسرى وهو بالمدينة يحفر الخندق ( حديث رواه البراء بن عاذب فى مسند أحمد برقم 4|303- ......ورأى أمراءه بمؤتة وقد أصيبوا وهو بالمدينة ( (فى البخارى وأحمد ) .ورأى النجاشى بالحبشة لما مات وهو بالمدينة .فخرج الى المصلى فصلى عليه ( البخارى ومسلم .1327- 953) ( وهذا من معجزاته الحسية صل الله عليه وسلم) ..ورأى عمر سارية بنهاوند من أرض فارس هو وعساكر المسلمين وهم يقاتلون عدوهم فناداه = ياسارية الجبل ( السلسلة الصحيحة للألبانى 1110) ....وقيل = ان الشافعى ومحمد بن الحسن جلسا فى المسجد الحرام فدخل رجل فقال محمد = أتفرس أنه نجار .فقال الشافعى = أتفرس أنه حداد فسألاه فقال = كنت حدادا وأنا اليوم أنجر ....وكان شاه الكرمانى جيد الفراسة لا تخطئ فراسته وكان يقول = من غض بصره عن المحارم ..وأمسك نفسه عن الشهوات ..وعمر باطنه بدوام المراقبة ..وظاهره باتباع السنة ..وتعود أكل الحلال ..لم تخطئ فراسته ....وقال أبو سعيد الخراز = دخلت المسجد الحرام فدخل فقير عليه خرقتان يسأل شيئا فقلت فى نفسى = مثل هذا كل على الناس .فنظر الى وقال - اعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه - .قال = فاستغفرت فى سرى فنادانى وقال - وهو الذى يقبل التوبة عن عباده - ...وقال ابراهيم الخواص = كنت فى الجامع فأقبل شاب طيب الرائحة حسن الوجه حسن الحركة فقلت لأصحابنا = يقع لى أنه يهودى - فكلهم كره ذلك فخرجت وخرج الشاب ثم رجع اليهم فقال = ايش قال الشيخ فيا ؟ فاحتشموه ..فألح عليهم فقالوا = قال = انك يهودى ..فجاء فأكب على يدى فأسلم فقلت = ما السبب ؟ فقال= نجد فى كتابنا أن الصديق لا تخطئ فراسته .فقلت = أمتحن المسلمين فتأملتهم فقلت = ان كان فيهم صديق ففى هذه الطائفة فلبست عليكم .فلما أطلع هذا الشيخ عليا وتفرسنى علمت أنه صديق .....ودخل رجل من الصحابة على عثمان بن عفان وقد رأى امرأة فى الطريق فتأمل محاسنها فقال له عثمان = يدخل عليا أحدكم وأثر الزنا ظاهر على عينيه .فقال = أوحى بعد رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ فقال = لا ولكن تبصرة وبرهان وفراسة فهذا شأن الفراسة ....وهى نور يقذفه الله فى القلب فيخطر له الشئ فيكون كما خطر له ..وينفذ الى العين فبرى مالايراه غيره.....المرجع ..الروح لابن القيم بقلمى | محمود عبد الخالق عطيه المحامى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة
نشرت فى 25 أغسطس 2014 بواسطة Aboyosefmohamed

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

266,716