بين مكر امرأة العزيز .....ومكر النسوة ....كما صوره القرآن .....فى قوله تعالى - وقال نسوة فى المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه .قد شغفها حبا انا لنراها فى ضلال مبين - يوسف 30- .......فهذا الكلام متضمن لوجوه من المكر الوجه الأول = قولهن - امرأة العزيز ترواد فتاها - يوسف -30- ولم يسموها باسمها .......بل ذكروها بالوصف الذى ينادى عليها بقبيح فعلها بكونها ذات بعل فصدور الفاحشة من ذات الزوج أقبح من صدورها ممن لا زوج لها .........الثانى أن زوجها عزيز مصر ورئيسها وكبيرها وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها ....الثالث = أن الذى تراوده مملوك لا حر وذلك أبلغ فى القبح ...........الرابع = أنه فتاها الذى هو فى بيتها وتحت كنفها ..فحكمه حكم أهل البيت ..بخلاف من تطلب ذلك من الأجنبى البعيد ..........الخامس = أنها هى المراودة الطالبة ..والأصل والعادة أن تكون المرأة هى المطلوبة ..فهذا منها فى غاية القبح .....السادس أنها قد بلغ بها عشقها له كل مبلغ .حتى وصل حبها له الى شغاف قلبها.........السابع = أن فى ضمن هذا أنه أعف منها وأبر وأوفى ..حيث كانت هى المراودة الطالبة وهو الممتنع عفافا وكرما وحياءا ..وهذا فى غاية الذم لها .....الثامن = أنهن أتين بفعل المراودة بصيغة المستقبل الدالة على الاستمرار والوقوع حالا واستقبالا وأن هذا شأنها ...ولم يقلن - راودت فتاها - ...وفرق بين قولك فلان أضاف ضيفا وفلان يقرى الضيف ويطعم الطعام ويحمل الكل .....فان هذا يدل على أن هذا شأنه وعادته .....التاسع = قولهن - انا لنراها فى ضلال مبين - يوسف 30- أى انا لنستقبح منها ذلك غاية الاستقباح ...........فنسبن الاستقباح اليهن ومن شأنهن مساعدة بعضهن بعضا على الهوى .....ولا يكدن يرين ذلك قبيحا ..كما يساعد الرجال بعضهم بعضا على ذلك ..فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليلا على أنه من أقبح الأمور ..وأنه مما لاينبغى أن تساعد عليه ولا يحسن معاونتها عليه ........العاشر = أنهن جمعن لها فى هذا الكلام واللوم بين العشق المفرط والطلب المفرط .فلم تقتصد فى حبها ولا فى طلبها أما العشق المفرط فقولهن - قد شغفها حبا - أى وصل حبه الى شغاف قلبها ..وأما الطلب المفرط فقولهن - تراود فتاها - والمراودة هى الطلب مرة بعد مرة فنسبوها الى شدة العشق وشدة الحرص على الفاحشة .........هذا هو مكر النسوة ....فماذا عن مكر امرأة العزيز ......فلما سمعت بهذا المكر منهن هيأت لهن مكرا أبلغ من مكرهن ..فهيأت لهن متكأ ........ثم أرسلت اليهن فجمعتهن وخبأت يوسف - عليه السلام - عنهن ........وقيل -أنها جملته وألبسته أحسن ماتقدر عليه- وأخرجته عليهن فجأة فلم يرعهن الا وأحسن خلق الله وأجملهن قد طلع عليهن بغتة ..فراعهن ذلك المنظر البهى وفى أيديهن مدى يقطعن بها ما يأكلنه...فدهشن حتى قطعن أيديهن وهن لا يشعرن ......وقد قيل أنهن أبن أيديهن والظاهر خلاف ذلك وانما تقطيعهن أيديهن = جرحا وشقا بالمدى لدهشتهن بما رأين ....فقابلت مكرهن القولى بهذا المكر الفعلى ....لذا فامرأة العزيز فى النساء غاية فى المكر ......المراجع....... اغاثة اللهفان التفسير القيم لابن القيم ..بقلمى | محمود عبد الخالق عطيه المحامى

أعجبني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 18 مشاهدة
نشرت فى 24 أغسطس 2014 بواسطة Aboyosefmohamed

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

266,448