والاراضى الملحية لاتوجد فى المناخ الرطب مثل مناطق وسط أوربا او المناطق الشمالية..حيث المناخ عبارة عن ثلوج فى فصل الشتاء تتراكم لتذوب فى أوائل فصل الربيع فتغسل قطاع التربة بالكامل علاوة على سقوط بعض الامطار فى فصل الصيف والذى يتميز هو الاخر باعتدال درجة الحرارة .لذلك يسود فى هذه المناطق الترسيب (المطر) على عمليات التبخير ..
ومصر من المناطق الجافة وشبه الجافة ..والملوحة تعتبر احد الظواهر الطبيعية لهذه المناطق حيث معدل تراكم الاملاح اكبر من الكمية التى تزال ويرجع ذلك الى زيادة معدلات التبخير(البخرنتح) عن الترسيب (المطر) أى عكس المناخ الرطب .لذلك فان عملية تراكم الاملاح تتاثر بالميزان المائى لكل منطقة وهذا الميزان يتأثر هو الآخر بالظروف المناخية والطبوغرافية والهيدرولوجية علاوة على النشاط البشرى.
وكلمة ميزان تعنى توازن المداخل مع المخارج ..ومنطقيا فان الميزان المائى للمناطق الرطبة يكون فى صالح الترسيب أما فى المناطق الجافة فيكون فى صالح التبخير
لذلك توجد هذه الاراضى بدرجة كبيرة فى المناطق الصحراوية الجافة والنصف جافة التى تصل فيها طاقة التبخير من 1000الى 2000 ملليمتر فما فوق فى السنة . أما المناطق الممطرة مثل صحارينا الساحلية فان تكوين الاراضى الملحية لايحدث الا على شواطىء البحار ومناطق المد والجزر.
وتعالوا نرى سويا الميزان المائى لبلدنا مصر
الترسيب (المطر) .. والذى يعتبر المداخل Input
تتراوح نسبة الامطار فى مصر من 100 الى 250ملليمتر على المناطق الساحلية وتقل بصفة عامة كلما اتجهنا جنوبا ،علما بان كل هذه الامطار تحدث خلال فصل الشتاء فقط.
التبخير.. والذى يعتبر المخارج Output
يصل معدل التبخير الى أقصاه خلال فترة الصيف بداءا من يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر (120يوم) بمتوسط حوالى 10مل/ يوم.
120يوم × 10مل/ يوم = 1200 ملليمتر
يقل معدل التبخير خلال فصلى الربيع والخريف فى مارس وإبريل ومايو ثم اكتوبر و نوفمبر(150يوم) الى النصف تقريبا بمتوسط حوالى 5 مل/ يوم.
150يوم × 5 مل/ يوم = 750 ملليمتر
يقل معدل التبخير خلال فصل الشتاء فى ديسمبر ويناير وفبراير(90يوم) الى الحد الادنى بمتوسط حوالى 1 مل/ يوم.
90يوم × 1 مل/ يوم = 90 ملليمتر
إذن مجموع التبخير السنوى تحت ظروفنا = 2040ملليمتر/ سنة
فاذا اعتبرنا ان متوسط الامطار 40ملليمتر سنويا فى فصل الشتاء فان عمليات التبخير تكون هى السائدة تماما خلال تسعة أشهر فى السنة بمتوسط مقدارة 2000ملليمتر..وهذا بالضرورة يؤدى الى تراكم وترسيب الاملاح فى الطبقة السطحية من التربة مما يجعل اراضينا ودائما أراضى متأثرة بالاملاح Salt affected soils
ايضا عامل التضاريس او الطبوغرافيا حيث الصحارى عبارة عن مناطق واسعة منخفضة كلها او جزء منها ومحاطة بسلسلة من الجبال او الاراضى المرتفعة .
فاذا كانت التضاريس من النوع المتوسط فى حدود من 1-2متر (طبوغرافيا طبيعية) فان تراكم الاملاح يكون فى الاماكن الاكثر إنخفاضا .
أما إذا كانت التضاريس من النوع الصغير مثل الزراعة على خطوط (طبوغرافيا صناعية) فان تراكم الاملاح يكون فى الاماكن الاكثر إرتفاعا.
وتوجد الاراضى المتأثرة بالاملاح ايضا فى المناطق البحرية المنخفضة وفى بعض المناطق الاستوائية كما توجد فى جميع دلتا الانهار كما عندنا.
ويجب ان يكون معلوما لدينا ..أننا عندما نروى فاننا فى الحقيقة لانروى المحصول النامى وإنما نروى التربة لانها المخزن الوحيد لمياه الرى. ويسحب النبات احتياجاته المائية والغذائية من هذا المخزن تاركا الاملاح لتكون رصيدا بهذا المخزن يزداد عقب كل رية إذا لم يكن هناك نوع من المخارج (الصرف)
وتصبح الاراضى متأثرة بالاملاح اذا كان ملوحة مستخلص عجينتها عند درجة التشبع بالماء اكبر من 0,3%. ولنا أن نتخيل مدلول هذا الرقم بطريقة بسيطة حتى يزول اللبس عند البعض أى ان الملوحة التى مقدارها 0,3% تعنى ان كل 100جرام من التربة تحتوى على 0,3جرام من الاملاح.
أما الاراضى التى لاتنبت الزرع فان ملوحتها فى حدود 1% أى أن كل 100جرام من التربة تحتوى على جرام واحد من الاملاح اى مايعادل كمية صغيرة على طرف ملعقة شاى.
ونود من هذا التوضيح ان يكون معلوما للجميع ان الاراضى الملحية ليس معناها انها اراضى مليئة بالاملاح او حتى نصفها ملح كما يعتقد العامة.
ويأتى سؤال هام وهو
كيف يمكن التعرف على هذه الاراضى من خلال التشخيص الحقلى؟
التشخيص الحقلى يقصد به تحديد المشكلة او الوقوف عليها خلال الزيارة الحقلية او الميدانية من خلال الفحص الحقلى لسطح التربة الظاهرى وقد يحتاج هذا الامر الى شخص مدرب ومتمرس حتى يتطابق التشخيص مع التحليل المعملى ..تماما مثل فحص الاعراض الظاهرية للنات لتحديد نقص العناصر الغذائية لتجنب نقص الانتاجية
وقد نجد فى بعض الاحيان ان كثير من الاراضى الملحية عادة لايختلف مظهرها الخارجى عن المظهر العادى ..والاراضى الشديدة التمليح تكون واضحة وضوح الشمس ويتوقف شكلها على نفس نوع الداء بها ..فعلى سبيل المثال لو ان كلوريد الصوديوم لو وضعناه على سطح التربة فسوف يعطيها اللون الابيض ..وهذا بديهى ..
مثل شخص طويل فلاداعى ان اقيسه!!!
ومظهر الحقل (سطح التربة) وحالة النبات يستعان بهما فى تصنيف ملوحة التربة مورفولوجيا
والصفات المورفولوجية (الخارجية او الظاهرية) يمكن تميزها فى الطبيعة كتوصيف حقلى للتربة كما ذكر حيث انها ترتبط هذه الصفات ارتباط وثيق بالصفات الكيماوية ولذلك فان لها قيمة عملية كدليل على وجود ملوحة فى التربة وذلك طبقا للظواهرالاتية:
أرض ملحية مفككة او منتفخة السطح Fluffy Solonchak
وتتميز هذه التربة بان الطبقة السطحية بعمق يصل الى 5 -7سم تكون جافة- مفككة- متربة- تنخفض تحت الاقدام عند السير عليها
وتكوين هذه الطبقة او الافق (5 -7سم السابقة الذكر) يدل عل وجودكمية من الكبريتات وعلى الاخص كبريتات الصوديوم... ممايساعد على جفاف التربة من ناحية وتفككها من ناحية اخرى
وهى تكون بذلك تربة ذات ملوحة كبريتية.
أرض ملحية رطبة السطح Moist Solonchak
وهىتختلف عن السابقة فى انه لايوجد بها طبقة مفككة على السطح بل على العكس فالسطح لها يكون مندمج متماسك – رطب غالبا – ذات لون قاتم – وفى اشد الاوقات جفافا يتكون على السطح طبقة مندمجة متشققة من الاملاح (قشرة- تماما كأن حضرتك تمشى على قشر بيض)
وهذه الصفات لسطح التربة تدل على وجود املاح كلوريد الكالسيوم او الماغنسيوم وهذه الاملاح لها درجة عالية من الهيجروسكوبية التى تجعل سطح التربة دائما رطب.
واحيانا يسمى هذا النوع من الاراضى الملحية (الاراضى السبخة Sabakh Soils) ..كما تتميز بارتفاع مستوى الماء الارضى كثيرا لدرجة ان التربة تصبح مشبعة بالرطوبة نتيجة للخاصة الشعرية.
أرض ملحية سوداء السطح Black or Brown Solonchak
وهى تشبه فى مظهرها النوع السابق (الاراضى الملحية الرطبة) ولكنها تختلف عنها فى انها ذات سطح اسود اللون بعد المطر او الرى ويتوقف على سطح هذا النوع من التربة (بركة- روبة) من سائل قاتم اللون
وتدل هذه الصفات على وجود الصودا (كربونات الصوديوم) ضمن مكونات الاملاح وهى تذيب المواد العضوية الدبالية وتكسب التربة اللون الاسود .
أرض ملحية بيضاء السطح White Solonchak
وتتميز هذه الاراضى بتزهر الاملاح البيضاء على سطح التربة فى مساحات كبيرة او صغيرة طبقا لدرجة الملوحة. وغالبا ماتنتشر هذه الاملاح البيضاء على حواف خطوط وقنوات الرى عند الزراعة على خطوط او فى الاماكن المرتفعة قليلا فى الاراضى الغير مستوية عند الزراعة فى احواض.
ويدل تزهر الاملاح على السطح على سيادة اى من الاملاح الاتيه
كلوريد الصوديوم او كبريتات الصوديوم (خاصة فى موسم الشتاء)
او كبريتات المغنسيوم (يمكن التأكد من وجودها بطعمها المر).
وبالتالى لاتعتبر الاراضى الملحية هى الاراضى ذات الطبقة من الاملاح البيضاء المتزهرة على السطح فقط بل قد تكون سوداء السطح او رطبة السطح او منتفخة السطح.
وقد توجد بقع فى التربة خالية من النباتات او بها نباتات ضعيفة مقارنة بباقى النباتات حيث يعتبرالنبات الابن الشرعى للتربة وهو الدليل على حالة التربة النامى عليها .. ويدل هذا المظهر على ان التربة فى اولى مراحل التمليح .
ولعلنا بهذا السرد الموجز والبسيط نكون قد وفقنا باذن الله تعالى على كيفية ان تتعرف حضرتك على هذه الاراضى من خلال النظر الى سطح التربة بالعين المجردة لنصل الى التوصيف الحقلى فى محاولة لمعالجتها والتعايش معها واستغلالها فى الانتاج الزراعى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ساحة النقاش