المسلمون يملكون أصح تراث سماوى فى هذه الدنيا

  • بقلم : محمد الغزالي
أن الرذائل التى تعبث فى الحياة الإسلامية تنحدر من منبعين: أولهما الموروثات القديمة التى تكونت على مر العصور نتيجة ابتعادنا عن الدين ٬ أو نتيجة اضطراب مفاهيمه فى أذهاننا. وهى موروثات شديدة الفتك قريبة الشر... والآخر تقليدنا الأعمى للحياة الغربية ٬ تقليدا لا رشد فيه ولا تميز...!! والأمم فى قوتها تقتبس من غيرها ما يزيدها منعة وبصرا. وفى إبان ضعفها لا تلتمس إلا ما يوائم هذا الضعف... لقد اتصل أسلافنا بثقافة الفرس والإغريق والهنود... فكان اتصالهم بها كاتصال الأستاذ النقادة بمعارف الآخرين ٬ يقر منها ما يعرف ويضمه إلى ثروته ٬ وينكر منها ما يستهجن ٬ ويحذر من الأخذ به. فانظر ماذا صنعنا لما اتصلنا نحن بالغرب؟ ذاك فى ميدان العلم... أما فى ميدان الخلق والاجتماع ٬ فإن القوى له من اعتداده بنفسه ما يمنعه من الانزلاق ٬ وما يجعله مغاليا بما لديه... لكن الأمم الضعيفة تبحث عما يشبع صغارها ٬ ويوافق مزاجها الوضيع ٬ وقد كان ذلك للأسف ديدننا...!! الجواسيس فى الدول القوية تسرق أسرار العلم ٬ وتتعرف على آخر كشوفه. أما الأمم المختلفة فهى تبحث عن متعة عاجلة ٬ أو مركبة فاهرة ٬ أو آخر الكشوف فى عالم الأزياء والمساخر... إنها تحسب ذلك تقدما ٬ وما هو إلا مرض فوق مرض! وقد التقت الموروثات الرديئة ٬ والمحدثات السخيفة فى حياة هذه الأمة الإسلامية التقاء ضاعف حجب الغفلة ٬ وعقد أسباب البلاء. ولابد من وقفات عند هذه الرذائل تكشف سوءها ٬ وتشرح أثرها فى إفساد الضمائر ٬ وتعويق السير ٬ وتضليل الغاية.. إن كثيرا من الطاقات المعطلة يرجع إلى تلك الآفات ٬ وهى آفات يظهر فيها المروق من الدين ٬ والفسوق عن أمر الله ٬ ورفض الاستجابة لآياته بعد ما استيقنتها الأنفس...!! أمل طائش : المسلمون يملكون أصح تراث سماوى فى هذه الدنيا... وبين أيديهم من أصول الإيمان ٬ ومعاقد التشريع ٬ ما يسجد له العقل وترحب به الفطر. وما يبقى على اختلاف الزمان والمكان ضياء الحيارى ورجاء المرهقين.. وحق على من لديه هذا الخير العميم أن ينتفع به فى خاصة نفسه ٬ وأن ينفع به غيره من الناس. لكن المسلمين توهموا أن صدق الوحى الذى انفردوا به كاف على ما بهم فى ترجيح كفتهم..!! إن الله واحد لا شريك له ٬ وهم أصحاب هذه العقيدة التى تنطق بها دلائل الكون! إذن فهم أفضل الأمم.! ويجب أن يثبت لهم هذا الفضل مهما ساءت أحوالهم ورسبت أفعالهم... وهذا منطق سقيم!! والذين يميلون إلى هذا التفكير يكذبون على الإسلام ٬ ويجهلون سنن الله فى الأمم. وهل هلك الأولون فى أرجاء الدنيا إلا بسوء صنيعهم وسقوط أعمالهم؟ ولماذا يستثنى المسلمون من هذه القاعدة الشاملة؟ إن المسلمين استهانوا بكل ما وجب عليهم من خلق ٬ وجهاد ٬ وإصلاح ٬ وعدالة..!! وظلوا مع هذه الاستهانة يظنون أنفسهم أصلح من سائر الأمم ٬ وأحق بنصر الله!! يا عجبا ! أنى لهم ذلك الأمل؟ وكتابهم يصور قوانين الاجتماع البشري فى مثل هذه الآيات: “من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد”. إن تفريط المسلمين فى الأعمال الصالحة مع ثقتهم أن الجنة لهم أمر شائن.! وهذا الخرق فى الرأى كما أوهى مكانتهم فى الأرض ٬ أزرى بدعوتهم نفسها ٬ وصد أولى الألباب عنها... ومعنى هذا أن المسلمين لا يستحقون الحرمان فقط مما يتمنونه ٬ بل يستحقون العقوبة على ما ألصقوه بدينهم من عيوب ٬ نتيجة خروجهم على حدوده وغدرهم بعهوده!! انظر العامة فى بلادنا ٬ وأشباه العامة من أنصاف المتدينين! ينطلقون وراء مآربهم المادية انطلاق الإبل الهيم ٬ أو يقعدون عن الفرائض الحتم قعود الكسيح. ومع ذلك يتبجح هؤلاء الأفاكون بأنهم مسلمون ٬ وأن الدنيا إذا فاتتهم فالآخرة يقينا لهم!! ولو بحثت أفئدة هؤلاء لوجدتها خرابا من الإيمان ٬ كما أن صحائفهم صفر من شمائل المؤمنين. ولابد لكى تشفى الأمة الإسلامية من هذا الطيش ٬ ولكى تعود إلى حقوق الله والناس حرمتها ٬ أن يتعلم كل مسلم دينه على وجهه الصحيح... فيعلم أن الإيمان لا ينفك عن العمل ٬ وأن الظفر بخير الله فى الدنيا والآخرة لا يأتى جزافا ٬ بل هو وفق ذلك الناموس الخالد “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره”. أمة ذات رسالة: للفرد أمل خاص فى حياته يخطو نحوه فى ثبات ٬ ويسعى حثيثا كيما يدركه. ولعله يتحمل الضيق فى يومه ارتقاب الفرج فى غده ٬ وصدق القائل: أعلل النفس بالآمال أطلبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل والأمل فى حياة الفرد أقرب مثل للرسالة فى حياة الأمة.. فإن الأمة صاحبة الرسالة تنظم شئونها المادية والأدبية نحو هدف معين ٬ وتسخر قواها الجلية والخفية لبلوغ هذا الهدف. وقد كان ‘ خروشوف ‘ زعيم روسيا مبينا فى كلامه عندما قال وهو يزور أمريكا إن إقامة مجتمع شيوعى فكرة مقدسة عندنا ٬ وقد يكون اليوم لكم ٬ ولكن الغد لنا ٬ فانظر كيف لم ينس الرجل فى غربته عقيدته! وفى سبيل مثل منكرة وأخرى محترمة تحيا شتى الدول. كانت الجبهة الروسية تنشر الشيوعية ومعها الإلحاد. وكانت وما زالت الجبهة الأمريكية تنشر الرأسمالية ومعها الاستعمار. وإذا عريت هذه المآرب من ألبسة الرياء التى تحيط بها أمكنك أن تقول: إن الجنس الأبيض يريد السيادة ٬ وفرض وصايته على الأجناس الأخرى... أو تقول: إن الصهيونية تبغى اجتياح العروبة ٬ وإقامة ملك لبنى إسرائيل على أنقاضها. أو تقول: إن الصليبية تهيجها بواعث الضغينة على ديانة التوحيد ٬ فهى تريد القضاء عليها ٬ والإجهاز على الأمة التى ترتبط بها... والذى يهمنا من ذلك العرض الخفيف أن يؤكد للقراء تلك الغايات التى ينشدها غيرنا من الناس ٬ وينشغل بها ليلا ونهارا ٬ سرا وجهارا.. وتصل الأمة إلى مرتبة عالية من النجاح عندما تخلط رسالتها العامة بالأمل الشخصى لكل إنسان.. وبذلك تدور أجهزتها كلها متضافرة متعارفة لتحقيق ما تود... ونحن أمة ذات رسالة يعرفها العالم جيدا.... وسمونا بها حينا من الدهر.. وقد كان إخلاصنا لرسالتنا قديما مصدر عاطفة ملتهبة ٬ وفكر يقظ ٬ وإنتاج كثير ٬ وجهاد موصول ٬ وتضحية غالية... ثم بدأت هذه الرسالة تضمحل فى نفوسنا ٬ وتبعها وهن فى الروابط العامة التى تحشد قوى الأفراد لخدمتها... وذبول هذه الرسالة الجامعة كانطفاء الأمل فى نفس الإنسان لا يجر وراءه إلا الانكسار والقنوط والاستكانة... وقد حاول ‘ البعض ‘ أن يجعل لأمتنا رسالة غير رسالتها ٬ أن يجعل من هذا العوض مصدرا آخر للطاقة المفقودة والعاطفة الحارة ٬ فابتدع القوميات الضيقة والوطنيات الخاصة.. غير أن الظن لا يغنى من الحق شيئا. وكل محاولة لتمويت الإسلام لا نتيجة لها إلا تكوين أمة ميتة الروح ٬ كاسفة البال ٬ وأفراد لا تنتظمهم آصرة ٬ ولا يلمهم لواء. أين البذل؟ وهناك أعمال عظيمة تموت لأولى عهدها بالحياة ٬ أو تموت وهى فى ضمير الغيب ٬ لأنها لم تجد العون المادى الذى يمسكها وينميها. وما أكثر الطاقات التى ماتت فى مهدها ٬ كما يموت الزرع جفافا لانقطاع الماء عنه.. وكان المفروض على أصحاب المال أن يسارعوا إلى استحيائها بما آتاهم الله من فضله. لكنهم ضنوا بما لهم فى وجوه الخير ٬ وكبوه فى وجوه الشر! فعليهم وزر ما ضيعوا من مصالح الأمة ٬ ثم وزر ما جروا عليها من معاطب..!! لقد تحول المال فى أيدى هؤلاء الأشحاء إلى لعنة شاملة ٬ بدل أن يكون بركة ينتفعون بها وينفعون..! ترى هل استفاد الأغبياء من هذا الشح المطاع والهوى المتبع؟ كلا ٬ إنهم اختنقوا فى ثرواتهم كما يختنق الغريق فى اللجة ٬ وسلط الله عليهم من حصدها ٬ وحصدهم معها...!! وصدق الله العظيم “ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.“ وان المرء لتأخذه الحسرة إذ يجد أغنياء المسلمين أبطأ الناس فى أداء حق وسداد ثغر...وأن الخلف منهم لا يعتبر بما صار إليه السلف من بوار!! وبينما تعتمد عشرات الجامعات والمستشفيات ومعاهد التبشير ٬ ومصادر البر على منح وصدقات أهل اليسار من اليهود والنصارى ٬ تجد أغلب أغنياءنا فى أكثر الأقطار صيادى لذائذ ٬ ورواد آثام... ومعظمهم ينتسب للإسلام زورا ٬ وباطنه خرب لا أثر فيه لدين!! لكن البذل ليس مفروضا على هؤلاء الأغنياء وحدهم. فإن الله اشترى من المؤمنين جميعا أنفسهم وأموالهم.. ولو بقى باعث الإسلام قويا كما كان فى الأجيال الأولى لترعرعت مئات المؤسسات بنفقات الطبقات الوسطى والدني

منذ ولدت و أنت تفخر بالاسلام ..... فمتى يفخر الاسلام بك منقوووووووووووووووول      

 
  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 515 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2007 بواسطة AMELABD

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

179,124