فهو لن ينسى أحدا
فهو موكل بأن يقبض كل من على هذه الأرض وله مع كل منا موعد ولقاء يأتي إليه ليأخذه من الأهل والأحباب يأتي ليكون منزل كل مننا تحت التراب وهناك إما الجنة و إما النــار إما ان تجب عن أسئلة منكر ونكير و إما يغيب عنك الجواب ولا تجد مفر ولا ملاذ ومهما فعل كل من أحبوك فلن تعود يرتفع عليك البكاء والنحيب وتسمع بكاء البعيد وترى دهشة القريب والجميع في خوف وذهول رهيب فالموت لا ينسى أحدا فقد يأتي إلى الصغير قبل الكبير والى المعافى السليم قبل العليل فنجد لاعب الكرة سقط فجأة على الأرض فلم ينفعه بنيانه الشديد فالله لم يكتب له العمر المديد وجاءه الذي لا أحد عنه يغيب وهذا الشاب الوسيم الذي عمره ما زال صغير ينام على فراشه سعيد ويأتي ملك الموت إليه دون سابق إنذار ويأخذه من الأهل والحبيب وهذا الطفل الرضيع الذي لم يُكتب له من العمر إلا القليل وهذا وذاك كل له عمر كتبه له الله الواحد القدير فيقول تبارك وتعالىبسم الله الرحمن الرحيم
"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" آل عمران 185تفسير بن كثير يُخْبِر تَعَالَى إِخْبَارًا عَامًّا يَعُمّ جَمِيع الْخَلِيقَة بِأَنَّ كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " فَهُوَ تَعَالَى وَحْده الَّذِي لَا يَمُوت وَالْجِنَّ وَالْإِنْس يَمُوتُونَ وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَة وَحَمَلَة الْعَرْش وَيَنْفَرِد الْوَاحِد الْأَحَد الْقَهَّار بِالدَّيْمُومَةِ وَالْبَقَاء فَيَكُون آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَهَذِهِ الْآيَة فِيهَا تَعْزِيَة لِجَمِيعِ النَّاس فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَد عَلَى وَجْه الْأَرْض حَتَّى يَمُوت فَإِذَا اِنْقَضَتْ الْعِدَّة وَفَرَغَتْ النُّطْفَة الَّتِي قَدَّرَ اللَّه وُجُودهَا مِنْ صُلْب آدَم وَانْتَهَتْ الْبَرِيَّة أَقَامَ اللَّه الْقِيَامَة وَجَازَى الْخَلَائِق بِأَعْمَالِهَا جَلِيلهَا وَحَقِيرهَا قَلِيلهَا وَكَثِيرهَا كَبِيرهَا وَصَغِيرهَا فَلَا يَظْلِم أَحَدًا مِثْقَال ذَرَّة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُوركُمْ يَوْم الْقِيَامَة " وَقَوْله " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّار وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ " أَيْ مَنْ جُنِّبَ النَّار وَنَجَا مِنْهَا وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ كُلّ الْفَوْز قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَوْضِع سَوْط فِي الْجَنَّة خَيْر مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا اِقْرَءُوا إِنْ شُئِمَ " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّار وَأُدْخِلَ الْجَنَّة فَقَدْ فَازَ " هَذَا حَدِيث ثَابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْر هَذَا الْوَجْه بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة . وَقَدْ رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَة أَبُو حَاتِم وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو . هَذَا وَقَوْله تَعَالَى " وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " تَصْغِير لِشَأْنِ الدُّنْيَا وَتَحْقِير لِأَمْرِهَا وَأَنَّهَا دَنِيئَة فَانِيَة قَلِيلَة زَائِلَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى " وَقَالَ " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا وَمَا عِنْد اللَّه خَيْر وَأَبْقَى " . وَفِي الْحَدِيث " وَاَللَّه مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يَغْمِس أَحَدكُمْ أُصْبُعه فِي الْيَمّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِع إِلَيْهِ " وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْله تَعَالَى " وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغُرُور " قَالَ : هِيَ مَتَاع مَتْرُوكَة أَوْشَكَتْ وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَنْ تَضْمَحِلّ عَنْ أَهْلهَا فَخُذُوا مِنْ هَذَا الْمَتَاع طَاعَة اللَّه إِنْ اِسْتَطَعْتُمْ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . هكذا نجد أن الموت هو نهاية كل إنسان فقد مات سيد الخلق أجمعين سيدنا مُحمد صلى الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ولابد علينا أن نتعظ فاليوم أنت حامل وغدا ستكون محمول فاليوم أنت تصلي وغدا سيُصلى عليك أين الجبابرة الشداد! أين الفراعنة أين عاد وثمود! فهم اليوم تحت التراب حيث مواطن الدود وضيق اللحود فليعلم كل منا أنه سيأتي عليه هذا اليوم الذي يفارق فيه كل من على هذه الأرض ويتركها بحلوها ومرها وجميلها وقبيحها سيترك كل ما فيها فما هي إلا متاع الغرور ويذهب هناك حيث الخلود فأعمل أخي قبل أن يأتي اليوم الذي تقول فيها نفسك (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) فلنعمل.... سيأتي يوم يطوي الله عز وجل فيه السماوات والأرض فعن ابن عمر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يطوي الله السماوات يوم القيامة ,ثم يأخذهن بيده اليمنى ,ثم يقول :أنا الملك ,أين الجبارون ؟أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين ,ثم يأخذهن –قال ابن العلاء- بيده الأخرى,ثم يقول :أنا الملك ,أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟) أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ آسفة أحبتي إن كنت قد آلمتكم بكلامي هذا ولكن يقول النبي صلى الله عليه وسلم(أكثروا ذكر هادم اللذات)يعني الموت .ورواه الترمذي وقال :حديث حسن. فلابد أن نتذكره ونعمل له فذكر الموت يجعلك تقبل على الأعمال الصالحة ويجعلك تخشى من المعصية وهو يلين القلب فلقد شكت أمراه إلي السيدة عائشة رضي الله عنها قسوة قلبها فنصحتها بذكر الموت فهو يلين القلب
ساحة النقاش