فائدة نفيسة في الحروف المقطعة لابن القيم
تأمل سر { ألم } كيف اشتملت على هذه الحروف الثلاثة :
فالألف : إذا بدئ بها أولاً كانت همزة ، وهي أول المخارج من أقصى الصدر .

واللام : من وسط المخارج ، وهي أشد الحروف اعتمادا على اللسان.

والميم : آخر الحروف ، ومخرجها من الفم .

وهذه الثلاثة : هي أصول مخارج الحروف ، أعني : الحلق ، واللسان، والشفتين ، وترتيب في التنـزيل من البداية إلى الوسط إلى النهاية .

فهذه الحروف معتمد المخارج الثلاثة التي تتفرع منها ستة عشر مخرجا فيصير منها تسعة وعشرون حرفا ، عليها دار كلام الأمم الأولين والآخرين ، مع تضمنها سرّاً عجيباً وهو :


أن الألف : البداية

واللام : التوسط

والميم : النهاية

فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية ، والنهاية ، والواسطة بينهما.


وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف الثلاثة : فهي مشتملة على بدء الخلق ، ونهايته ، وتوسطه : فمشتملة على تخليق العالم ، وغايته، وعلى التوسط بين البداية والنهاية من التشريع والأوامر .


فتأمل ذلك في البقرة ، وآل عمران ، وتنـزيل السجدة ، وسورة الروم .


وتأمل اقتران الطاء بالسين والهاء في القرآن ، فإن الطاء جمعت من صفات الحروف خمس صفات لم يجمعها غيرها وهي : الجهر ، والشدة ، والاستعلاء ، والإطباق ، والسين مهموس رخو مستفل صفيري منفتح ، فلا يمكن أن يجمع إلى الطاء حرف يقابلها كالسين والهاء .


فذكر الحرفين اللذيْن جمعا صفات الحروف .

وتأمل السور التي اشتملت على الحروف المفردة كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف :


فمن ذلك " ق " ، والسورة مبنيَّة على الكلمات القافية : من ذِكر القرآن ، وذِكر الخلق ، وتكرير القول ، ومراجعته مراراً ، والقرب من ابن آدم ، وتلقي الملكين قول العبد ، وذكر الرقيب ، وذكر السائق والقرين ، والإلقاء في جهنم ، والتقدم بالوعيد ، وذكر المتقين ، وذكر القلب ، والقرون ، والتنقيب في البلاد ، وذكر القيل مرتين ، وتشقق الأرض ، وإلقاء الرواسي فيها ، وبسوق النخل ، والرزق ، وذكر القوم ، وحقوق الوعيد .


ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة .

وسر آخر :

وهو أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعلو والانفتاح .

وإذا أردت زيادة إيضاح هذا :

فتأمل ما اشتملت عليه سورة " ص " من الخصومات المتعددة :

فأولها : خصومة الكفار مع النبي { أجعل الآلهة لها واحداً } إلى أخر كلامهم ، ثم اختصام الخصمين عند داود ، ثم تخاصم أهل النار، ثم اختصام الملأ الأعلى في العلم وهو الدرجات والكفارات ، ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لآدم ، ثم خصامه

ثانياً في شأن بنيه : حلفه ليغوينهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم .


فليتأمل اللبيب الفطن :

هل يليق بهذه السورة غير " ص " وسورة " ق " غير حرفها ؟!

وهذه قطرة من بحر من بعض أسرار هذه الحروف .

المصدر : " بدائع الفوائد " ( 3 / 692 ، 693 ) .


فائدة أخرى :
قال الإمام ابن كثير :

قلت : مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي : ا ل م س ر ك هـ ي ع ط ص ح ق ن يجمعها قولك : " نص حكيم قاطع له سر " !!

وهي نصف الحروف عددا ، والمذكور منها: أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف .
المصدر : " تفسير ابن كثير " ( 1 / 38 ) والله أعلم
     
  • Currently 61/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 548 مشاهدة
نشرت فى 9 أكتوبر 2007 بواسطة AMELABD

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

179,265