جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
شدُّوا الرحال ...
شِدّوا الرِّحالَ فهذي الأرْضُ تنْتظرُ
تبْكي اشتياقاً , و قلْبُ القدْسِ ينْفطرُ
شدوا الرحال فهذي الأرض مثخنةٌ
ينوشها السبْي, و الإذلال و الخطرُ
فالغاصبون أتوا , ليقْتل ليلُهُم
شمس النَّهار , و نور الفجْر ينْحسرُ
بتْن الصبايا سبايا في مخادعهم
حتى المُضاغ بقاع الرحم تنتظرُ
و كم من دموعٍ في اللّظى سفحتْ
من أم معتقلٍ , بالحضْن يصْطبرُ
يبكي فتبكي معه و هي تحضنه
شوقاً لأطفالٍ دونهم سَقَرُ
يأبى الخضوعَ فما لانت عريكته
و نارُ الذُّل في الأصفاد تسْتعرُ
و كم من دموعٍ بنار الشوق قد جبلت
بحسْرةِ المنْفِي ِ في الأصْقاع تنهمرُ
يحسد الطير و قد ضمها قفصٌ
و كيف لا و هو لا بيتٌ و لا سُتَرُ
و الزَّهر يشكوا و قد غابت ملامحه
تحت الحوافر , فيه النار تستعرُ
هم يزعمون بأن الأرض أرضهم
و من عصوْهم فقد لجّوا و قد كفروا
لم يبقوا لنا في الشطآن منتجعاً
و لا الحقول يغني فوقها المطرُ
فأين الأباة , و من كانت مراكبهم
بالعزم مثقلةٌ , بالعز تفتخرُ
في كل عرق نما من جرْحنا أملٌ
لسيفٍ في الأيادي الغُر ننتظرُ
يأتون و النجم في أيديهم طرِِباً
بعزمٍ من لظى الصوان معْتصرُ
لنعلم الصَّخر إن لم يعلم البشرُ
إن البقاء لنا و الأرض و الثمرُ
قد عربد البرتقال الصَّبُ يلعنهم
و زمجر الزَّهر و الزيتون و الشَّجرُ
شدّوا الرِّحال فهذي الأرض تنتظر
شوقا للقياكم و هذا القلب يعتصرُ
إنِّي بنيت من الآمال صومعتي
لأحطِّم القيْد و القبْر الذي حفروا
إنَّها الأرض , ظلِّي من عباءتها
فكم عاشقاً حضنتْه و هو يحْتضر
ليْتها اليوم تحْضنني و أحضنها
ببسْمةٍ من شفاهِ الجرْحِ تنْهمرُ
إني نسيجٌ عتيقٌ في بيارقها
بيْن الثنايا و قرْب القلبِ أنْتظرُ
شدّوا الرّحال لمنْ أرْختْ ضفائرها
عذراء يرْقص في أجْفانها القمرُ
قامت تبرطع فوق الصدر حالمةً
تنظر الأفق و العشاق قد حضروا
شدوا الرحال فإن العهرُ قد كُشفوا
آن الأوان لصوت الحق ينتصرُ
إنَّه الأقْصى الشَّريف فما لَكُمْ
من دونه عزٌ و في الأرْكان مُعْتَبرُ
الشاعر د . عبد الجواد مصطفى عكاشة