أما الإنفجار السكاني في دول العالم الثالث وأمام الإرتفاع الكبير لمستوى معيشة الشعوب في الدول المتقدمة صناعيا تقدمت الصناعات الغذائية تقدما كبيرا بما يشبه الطفرة حتى تلبي المتطلبات الجديدة والتي تمتد على نطاق السوق العالمي ، فهذه الصناعات شأنها شأن صناعات أخرى كبيرة أصبحت من دعائم التجارة العالمية .

لم يقتصر التقدم على مجـال إنتاج الطعام والتكونولوجيا الحديثة والمتطـورة المرتبطة بعمليات هـذا الإنتاج ، وإنما أمتد ليشمل أيضا مجال التسـويق أي التداول والتخزين والبيـع في ظل زيادة ضغط المستهلك للبحث عن الأجود والآمن وطلب الخدمة المميزة مع ضمان الحفاظ على الصحة Quality-Security-Service-Health .

لكل هذه الأسباب صاحب هذه الطفرة الهائلة في الصناعات الغذائية إستخداما واسعا لمواد " غير غذائية " تم " إضافتها " للغذاء ، إما لأسباب تكنولوجية خاصة بعمليات تصنيع الغذاء ، أو لأسباب تسويقية خاصة بالمحافظة عليه في مختلف عمليات التداول ، أو إطالة عمره لتوسيع دائرة التوزيع ، أو تنوع طعمه لجذب المستهلك ، غير أن هذا الإستخدام الواسع لمواد عديدة خلق مشكلتين :

المشكلة الأولى : على المستوى القومي فقد أضاف أعباء جديدة على الأجهزة المكلفة بمراقبة تداول الغذاء .

المشكلة الثانية : تسبب في وضع العراقيل أما عملية تداول السلع عالميا لتغير التشريعات الوطنية وأساليب رقابة وتداول الغذاء من بلد إلى أخر .

ترتب على هاتين المشكلتين ضرورة التفاهم على المستوى العالمي . لذا إعتبارا من عام 1956 بدأ تحت مظلة الأغذية والزراعة الدولية FAO ومنظمة الصحة العالمية WOH تجميع منتجي الصناعات الغذائية مع منتجي وشركات المواد المضافة والأجهزة الرقابية والتشريعية في البلاد المتقدمة والنامية وعقد أول مؤتمر دولي للمواد المضافة حيث كانت بداية تجمع وتقييم إستخدام هذه المواد في الصناعات الغذائية وإصدار التوصيات الخاصة بحدود إستخدامها ، ومن هنا كان دور لجنة الكودكس في هذا الخصوص وبصفة خاصة اللجنة المنبثقة من لجنة الكودكس الدولية ألا وهي لجنة المواد المضافة والملوثات Codex Committee of additive and Contaminants والتي تعتمد في عملها على لجان خبراء متخصصين تحت إشراف هيئة الصحة العالمية WHO منظمة FAO والتي تعرف JECFA .

Committee on additive Joint FAO/WHO Expert

وتقوم هذه اللجنة على المستوى الدولي بالآتي :

·        تحديد الحدود القصوى لإستخدامات كل مادة مضافة على حدة ومستوى التلوث لكل نوعية غذاء .

·        إعداد قائمة بالمسموح به من المواد المضافة والملوثات التي يتم تقييمها سنويا .

·        وضع مواصفات النقاوة للمواد المضافة .

·        إعداد طرق التحليل للمواد المضافة .

تعرف المواد المضافة بأنها أي مادة لا تستخدم بمفردها عادة كغذاء ولا تستخدم بمفردها كأحد المكونات الأساسية في الأغذية . وقد يكون للمواد المضافة أو لا يكون لها قيمة غذائية ، وتضاف كنتيجة لأي غرض من أغراض الإنتاج أو التصنيع أو التخزين أو التعبيئة ، والهدف من إضافة هذه المواد إلى الغذاء هو :

1.     حماية الغذاء من التغييرات غير المرغوبة .

2.     زيادة مدة صلاحية الغذاء لأطول مدة ممكنة .

3.     تحسين مظهر الغذاء .

4.     رفع القيمة الغذائية .

5.     إنجاز أحد الخطوات التصنيعية .

6.     أمداد السوق بمنتجات جديدة متنوعة أو رخيصة .

7.     زيادة تقبل المستهلك للسلعة الغذائية وبالتالي زيادة المبيعات وتحقيق أرباح .

وبالرغم من الفوائد التي تحدثها المواد المضافة إلا أنه توجد بعض المخاطر التي تتمثل في سمية بعض المواد المضافة عند إضافتها بتركيز عالي خاصة عند تناولها لفترات طويلة وقد تؤدي بعض الإضافات إلى الإصابة بالسرطان وحدوث مشاكل في الإنجاب ، ومن أمثال هذه المواد المضافة          ( البادئات ، المحـليات ، بدائل الدهـون ، الإنزمات ، المواد المانعـة لنمو الميكروبات ، المواد الحمضية ، الإضافات الغذائية ، المثبتات ، مواد الإستحلاب ، المواد المكسبة للنكهة ، مضادات الأكسدة ، الملونات ) .

بالنسبة للدول المتقدمة لا تستخدم أي إضافات جديدة في الأغذية إلى بعد إجراء دراسات مستفيضة قبل إستخدامها ، وتشير المراجع الحديثة إلى إستخدام دراسات خاصة بالسلوك الحيوي والتمثيل الغذائي للمواد المضافة كما هو الحال بالنسبة للأدوية ومن بين المحددات العديدة التي تثبت مدى إنعدام التأثيرات الضارة بالصحة العامة للمواد المضافة للأغذية والمعترف بها على نطاق عالمي هي المحددات الآتي ذكرها :

أولاً :- السمية الحادة Acute toxicity :

حيث يعبر عنها في صورة الجرعة القاتلة لنصف حيوانات التجارب (LD50%) وهو تقدير عام لمدى سمية مركبات المواد المضافة حيث يفضل إستخدام هذه المواد التي تقع جرعتها القاتلة لنصف حيوانات التجارب في الحدود المناسبة .

ثانياً :- السمية تحت المزمنة Sub chronic toxicity :

حيث تعطي هذه السمية – مقدرة بما يعرف بإختبار التسعون يوما – دلائلعن مدى إمكانية إستخدام المواد المضافة في المجال التغذوي ، ومن خلال إستخدام المادة المراد إختبارها بتركيزات مختلفة في تغذية حيوانات التجارب ، ويمكن التعرف على أكثر الأعضاء قابلية للتأثر بهذه المادة .

هذا بالإضافة إلى التجارب المتوسطة المدى التي يمكن عن طريقها معرفة الحد الذي لا تعطي عنده المادة المراد إختبارها أي تأثير No-effect Level ويمكن التوصل إلى الجرعة التي لا تسبب أي تأثير مرضي Pathological effect .

ثالثاً :- السمية المزمنة Chronic toxicity :

يمكن التعرف على هذا النوع من السمية عن طريق إختبار في تجارب التغذية الطويلة المدى الذي يعتبر أهم المحددات لمدى ملائمة المواد المضافة للإستخدام في الأغذية ، ويجب إستخدام تركيزات عادية وتركيزات عالية في مجموعة حيوانات التجارب لمدة مناسبة طول حياتها ، كما يجب إختبار الحيوانات التي تتشابه مع الإنسان في التمثيل الغذائي والتفاعلات الحيوية وكذلك في التفاعلات الخاصة بالسموم .

رابعاً :- تراكم الصباغ في أنسجة الجسم ، وإنخفاض الليمفاويات في الدورة الدموية :

ويكون ذلك واضحا بالنسبة لمضافات الأغذية المعروفة بإسم مكسبات اللون .

 

 

خامساً :- المشاكل الصحية المترتبة على الأرجية Allergencity :

التي تسببها مضافات الأغذية حيث أن أي مادة تسبب تفاعلات شديدة أو إحتواء الأطعمة لمثل هذه المواد ، إلصاق تحذيرات ملائمة توضح إحتمال حدوث تفاعلات أرجية لدى الأشخاص ذوي الإستعداد .

سادساً :- التسبب في حدوث تغيرات السرطنة Carcinogenicity :

خاصة بالنسبة للمواد الحافظة نظرا لأن هذه المواد تؤخذ لفترات طويلة من العمر – حتى من الأطفال والشباب – لذلك لا يسمح بإستخدام المواد الحافظة في الأغذية إلا بعد التأكد تماما أنها لا تتسبب في حدوث أي تأثير سرطاني Carcinogenic effect وذلك من خلال تجارب التغذية الطويلة المدى في حيوانات التجارب ، كما يجب الإهتمام بظاهرة المعدل الوقتي للأورام Spontaneous tumor rate لكل نوع من هذه الحيوانات .

ومن الناحية العملية يمكن إستخدام الفئران البيضاء ، الفئران والهمستر بأعداد كافية يسمح بالتحليل الإحصائي للنتائج وإبتداء من أصغر سن ممكن ، وكذلك إستخدام نوعين من حيوانات التجارب على الأقل مع إستخدام مجموعة أخرى من الحيوانات المقارنة .

سابعاً :- التسبب في حدوث طفرات Mutagencity :

بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال إحداث تغيير في الجينات Genes أو الكروموسومات Chromosomes مما يؤدي إلى تغيير الصفات الوراثية . هذا ويوجد إرتباطا بين السبب في حدوث الطفرات والتسبب في حدوث السرطان ، حيث أن حوالي 80% - 90% من المواد التي تسبب حدوث طفرات يكون لها أيضا تأثير سرطاني ، ويمكن التعرف على قدرة المواد المضافة على إحداث طفرات بواسطة إختبار الغدة التناسلية gonad test في الحيوانات الثديية الحية .

ثامناً :- التسبب في حدوث تشوه في الأجنة :

عن طريق إحداث تشوه في البويضة الملقحة Embryo  أو الجنين Foetus وتتمثل هذه الخاصية في المواد الحافظة ، ولإختبار التسبب في حدوث تشوه الأجنة تعطي المادة لحيوانات التجارب في بداية الحمل وطول فترة الحمل عن طريق إضافتها لأغذية الحيوانات ، ويتم تتبع حدوث التشوه مقارنة بالحيوانات الأخرى التي لا تتعاطى هذه المادة .

علما بأنه في بعض الحالات الخاصة تضاف محددات أخرى تبعا لطبيعة المادة المضافة .

أيضا لا يمكن تناول موضوع المواد المضافة بمعزل عن العادات الغذائية السائدة في موقع الإستخدام فمثلا الزيوت النباتية التي تدخل في أغلب الإستهلاك الغذائي في مصر يختلف إستخدامها في أوربا ، وكذلك الأطفال في الدول المتقدمة صناعيا يتناولون غذاء أكثر إتزانا من حيث مكوناته وأكثر تنوعا من الغذاء الذي يتناوله أطفالنا في مصر .

وكل هذه عوامل لا يمكن تجاهلها عند مناقشة موضوع الموارد الغذائية المضافة .

كذلك لا يمكن تجاهل الفارق بين شعوب يتم تغذيتها بشكل جيد جدا وشعوب أخرى حرمت من أبسط أشكال الغذاء بل وتعاني مجاعة دائمة ، أيضا لا يمكن تجاهل أثر بعض الأمراض المستوطنة على صحة الإنسان وعلاقة ذلك بإستخدام بعض المواد المضافة فمثلا إنتشار البلهارسيا وما تحدثه من أثار على الكبد وجسم الإنسان ، لا بد من أن يدخل ضمن الإعتبارات الهامة في تقييم بعض المواد المضافة المقترحة ، كذلك بعض الأمراض كالسكر والفنيل كيتونيوريا Phenylketonurea والتي تحتاج إلى إعتبارات خاصة بالنسبة للتغذية ومحاذير أخرى .

ولقد كان نتيجة زيادة الثقافة لدى جماهير المستهلكين أنه في بعض البلدان أرتفعت الدعوة إلى رفض الأغذية المضاف إليها مضافات غذائية والعودة إلى كل ما هو طبيعي ، وففي السويد مثلا لا يتم إستخدام المواد الملونة الصناعية في كثير من الأغذية واهمها أغذية الأطفال مثل الحلوى والشيكولاتة ويكتفي فقط بلون ورق التغليف الخارجي والرسوم التي تدل على طعوم الفاكهة .

وفي الولايات المتحدة الأمريكية لا يتم إستخدام بعض المواد المضافة في منتجاتها ونجد أن المتجات الغذائية منخفضة الملح ومنخفضة السعرات الحرارية والخالية من الكولستيرول هي سمة التطور في مجال الصناعات الغذائية .

قد يتبادر إلى الذهن أن المقصود بالمواد المضافة المواد الصناعية ، والمواد المخلقة والحقيقة أنها تشمل كل ما يضاف إلى الغـذاء الأساسي لغرض تكنولوجي أو تسويقي سواء مواد تخليقية أو مواد طبيعية .

فالمواد المستخلصة من المنتجـات الطبيعية لا تعامل بصفة ألية على أنها مواد آمنة في الإستخدام ولابد من توصيفها وتحديد نقاوتها ودراسة أثارها من زاوية السمية والصحة ... إلخ .

إستخدام المواد المضافة مرتبطة بعدة عوامل منها :

الإنتاج : أغلبية الغذاء المستهلك في مصر مصدره الإنتاج الصغير ، فإذا كانت الصناعات الكبيرة وبعض الصناعات المتوسطة تملك الوسائل المعملية التي تتيح مراقبة جودة إنتاجها والإلتزام بالمواصفات فإن الوضع مختلف تماما بالنسبة للصناعات الصغيرة ، ونفس الشئ ينطبق على الأجهزة الرقابية المنوط لها مراقبة تداول الغذاء .

فالغذاء المعبأ والمحدد مصدر إنتاجه ومكان وتاريخ إنتاجه يسهل مراقبته في حين أن هذه العملية تصبح شبه مستحيلة بالنسبة للإنتاج المجهول المصدر ، والذي غالبا ما يباع غير معبأ ، وبإتساع الفجوة الغذائية كل يوم يعالج هذا النقص من خلال الإستيراد وليس خافيا أن ما يرسل من طعام لأسواق بلاد الشرق الأوسط يحتاج إلى رقابة شديدة حيث أن المصدرين إلى الأسواق المصرية يعرفون طبيعة السوق المصرية و " تعطشه " للغذاء وإستعداده لتقبل مواصفات أكثر تسامحا ويعرفون أيضا قدراتنا الرقابية .

الإستهلاك : القانون العام الذي يحكم الإستهلاك في مصر هو أن الغرض دائما أقل من الطلب ويترتب على هذا القانون إستهلاك كافة انواع السلع المعروضة بغض النظر عن مستوى جودتها وأيضا سرعة إستهلاك السلع تعني دورة سلعية قصيرة جدا .

العادات الغذائية : الأغذية الشعبية تمثل القدر الأكبر من الإستهلاك الغذائي وتكون المواد النشوية والسكرية الجانب الأكبر منها مع إستهلاك عالي للزيوت .

السوق :  يلاحظ تخلف أسلوب تداول السلع الغذائية من حيث منافذ البيع ، كثرة البائعة المتجولين ، ضعف حلقة التبريد ، رداءة المناخ الصحي ، عدم مراعاة متطلبات المستهلك ، وإنتشار أساليب الغش .

موضوع المواد المضافة والملوثات يعتبر اليوم بعد التلوث الميكروبي أعقد موضوع في الصناعات الغذائية وهو يسبب قلقا شديدا بالنسبة للمستهلكين سواء بالنسبة للإنتاج الوطني أو الإنتاج المستورد .

شركات الصناعات الغذائية بمصر سواء كانت قطاع عام تجمعها هيئة القطاع بالصناعات الغذائية أو قطاع خاص وأيضا قطاع عام تجمعها غرفة الصناعات الغذائية بإتحاد الصناعات المصري ليست في معزل عن ما يدور في العالم حيث أن هناك لجنة دستور أغذية مصري مشكلة بقرار من وزير الصناعة برئاسة رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسي ، وهذه اللجنة يوجد بها ممثلي الصناعات الغذائية والأجهزة الرقابية التي تحمي المستهلك .

ومن خلال هذه اللجنة واللجان الفرعية المنبثقة عنها وخاصة لجنة المواد المضافة والملوثات يتم التفاعل بين ما هو جديد في العالم في مجال المواد المضافة والواقع المصري .

ويتم من خلال لجنة دستور الأغذية إعطاء التوجيهات لحظر إستخدام أو السماح بإستخدام المواد المضافة وتقوم جهات التشريع بإصدار القرارات والقوانين الخاصة بذلك ، كذلك دراسة المشاكل الصناعية التي تعترض الصناعة في مصر والعمل على إيجاد الحلول لها في حدود القوانين المنظمة لذلك .

وتلتزم شركات الصناعات الغذائية بما تقرره لجنة دستور الأغذية المصري وبما يصدر من تشريعات من وزارة الصحة أو وزارة الصناعة أو وزارة التموين والتجارة الداخلية أو وزارة الصحة أو وزارة الصناعة أو وزارة التموين والتجارة الداخلية أو وزارة الإقتصاد والتجارة الخارجية ، بل وفي بعض الأحيان قرارات مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء ، بل وفي بعض الأحيان القرارات الجمهورية الصادرة عن رئيس الجمهورية .

 

 

 

 

المـــرجع

ندوة المواد المضافة للأغذية وتأثيرها على الصحة العامة وصحة الطفل .

جامعة عين شمس – معهد الدراسات والبحوث البيئية

الجوانب الصحية لإضافات الأغذية

أ.د. أحمد شريف حافظ                أستاذ طب المجتمع كلية الطب – جامعة عين شمس

المواد المضافة .. ضرورة تصنيعية

د. أحمد محمد الركايبي               رئيس قطاع البحوث والمشروعات - بسكومصر

الوضع الراهن للمواد المضافة للأغذية

د. جمال الدين محمد محمود غالي   رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للعبوات الدوائية

المصدر: إعداد د. إيمان إبراهيم خليل المسلمي باحث بقسم صحة الأغذية
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1716 مشاهدة
نشرت فى 2 ديسمبر 2010 بواسطة AHRIEgypt

ساحة النقاش

AHRIEgypt
»

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,619