درءا لكل مناورة يائسة، وتبديدا لمواقف الاستياء المهول، والانتكاسة العظمى، والاندحار الصارخ، لخصوم وحدة المغرب الترابية، والهزيمة النكراء، التي منيت بها الدبلوماسية المناوئة لمساعي السلام وطي ملف الصحراء، عقب تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن تقريرها الأول، القاضي بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة بالصحراء: مينورسو، لتشمل ملف حقوق الإنسان، تجلت للعالم أجمع ما عبر عنه المغرب من رحابة صدر، وروح رياضية، وكياسة مثلى، ولباقة كبيرة، حيال ردود الأفعال العنيفة التي صدرت عن نشطاء الداخل، العاملين منهم وفق توجيهات قيادة البوليزاريو والجزائر، الهادفة إلى العمل على النيل من اسقرار المغرب وأمنه.
فالمغرب بحضارته الضاربة في القدم، وقوة مؤسساته، وعبقرية شعبه، أثبث في العديد من اللحظات الحرجة والعجاف، ملكا وشعبا، على قدرته الكبيرة في الحفاظ على توازناته الاجتماعية والاقتصادية والدبلوماسية، بحكمة وتبصر ونفاذ بصيرة لا تضاهى، مقارنة بأنظمة وكيانات أخرى تأثرت برياح الربيع العربي، الذي غير بعض معالم الدول والحكومات.
فما شهده المغرب من إصلاحات قبل الحراك العربي بما ينيف العقد من الزمن، ناتج عن حكامة التدبير الترابي النيّر لقائد البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله. فضلا عما جاء به الدستور الجديد من إصلاح، شمل الدبلوماسية التشاركية التي أصبحت تتمتع بصلاحيات واسعة، عززت بنية المجتمع المدني، للمشاركة في الأوراش الكبرى المتعلقة بتدبيرالشأن العام الوطني.
فعلى إثر أحداث الفوضى والشغب التي عرفها بعض مدن الأقاليم الجنوبية للمغرب، عقد يوم 06 ماي 2013 بمقر الإقامة العاملية، لقاء تواصليا لعامل الإقليم مع الأعيان والمنتخبين وشيوخ القبائل الصحراوية وفعاليات المجتمع المدني، اللقاء التواصلي تطرق إلى آخر مستجدات قضية وحدة المغرب الترابية، والوضعية الحقوقية الحالية في ظل الاستفزازات التي تعرضت لها قوات حفظ الأمن من طرف المشاغبين ومثيري الفوضى.
لقاء أشاد فيه عامل الإقليم بأهمية القرار الأممي الأخير المتعلق بوضع حقوق الإنسان بالصحراء. وذكر كذلك بخطورة الاستفزازات التي تتعرض لها قوات الأمن بالسمارة من طرف بعض المجموعات من مثيري الشغب والفوضى بالشارع العام.
وتقييما لكل الخروقات التي تتنافى جملة وتفصيلا مع المواثيق الدولية في استغلاق هامش حرية التعبير ، والحق في التظاهر السلمي، دون المساس بحريات الآخرين، وانتهاك حقوقهم، أكد عامل اقليم السمارة محمد سالم الصبتي أن الأحداث التي عرفتها الأقاليم الجنوبية للمملكة لا تتعلق بتاتا بحقوق الإنسان بل بمخطط أصبحت معالمه واضحة٬ يستهدف المس بأمن واستقرار المنطقة .
وأضاف الصبتي خلال هذا اللقاء أن الهدف من هذا المخطط هو إعطاء انطباع على أن الأقاليم الجنوبية تعيش أوضاعا غير طبيعية٬ وتقويض المجهودات التنموية الجبارة التي تشهدها هذه الأقاليم٬ مشيرا في هذا السياق الى أن إقليم السمارة عرف خلال السنوات الأخيرة طفرة تنموية غير مسبوقة، مما يزعج أعداء الوحدة الوطنية الذين يزعمون أن هذه الأقاليم تعيش على وقع الإهمال والتهميش والإقصاء.
وبخصوص حقوق الإنسان أكد الصبتي أن المغرب ليس في حاجة الى أي جهة كانت، كي تعطيه دروسا في حقوق الإنسان، مبرزا أن المملكة المغربية " تعتز بتجربتها في المجال الحقوقي٬ وبكونها البلد العربي الإفريقي الوحيد٬ الذي استطاع أن يقرأ تاريخه بإيجابياته وسلبياته، وبانتصاراته وبظروفه الصعبة قراءة الشجعان والأقوياء٬ ويبرز الحقيقة أمام الرأي العام".
وأضاف أن المغرب بلغ درجة قصوى من النضج، أضحى معها لا ينزعج بتواجد أشخاص لهم افكار ضد الوحدة الوطنية، ولا يهتز لرأي معارض أو مخالف. مشيرا إلى " أن ما عرفته الأقاليم الجنوبية من هستيريا عقب صدور القرار الأممي 2099 من طرف أشخاص مأجورين من طرف الجزائر، خطة مدروسة لزعزعة الأمن وخلق الفتنة بين الساكنة بالأقاليم الجنوبية ".
وأوضح الصبتي أن الأشخاص الذين شاركوا في الأحداث الأخيرة بالسمارة " حفنة من البشر ليس لهم وزن سياسي ولا اجتماعي حتى في قبيلتهم٬ ولا ثقافي و لا حتى قيم أخلاقية "٬ مبرزا أنهم " ثلة قليلة مأجورة ليس لها رأي، وتعمل على العبث بهذه المنطقة، تبعا لما يتم توجيهها إليه من طرف أسيادها من (الجزائر)٬ في حين أن لهذه الاقاليم٬ نخبها ومنتخبوها وأعيانها٬ وشيوخ قبائلها٬ ومجتمعها المدني ".
وأكد الصبتي على أن الوطنية غير قابلة للمساومة وأن الصحراويين معروفون بولائهم للملوك العلويين عن قناعة٬ وغير مرتبطة بوضع اقتصادي او اجتماعي معين، مبرزا أن جبهة "البوليساريو" أطروحة منهارة والجميع، اكتشف زيفها ولم تعد مقبولة٬ وبالتالي لا يجب خلط الأمور بين المطالب الاجتماعية التي تعمل الدولة على تلبيتها باستمرار، وبحكامة جيدة وبين المساومة بالوطنية، لكون ذلك يشكل ابتزازا مرفوضا بكل المقاييس.
وذكر الصبتي بالمناسبة بمعاناة ابن السمارة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود٬ الذي عاش تجربة مريرة بمخيمات تندوف لا لشيء، سوى لأنه عبر عن رأيه ودعمه لمبادرة الحكم الذاتي بعد زيارته لأبيه وأهله بالسمارة٬ حيث تم منعه من الالتحاق بأفراد عائلته وأبنائه بمخيمات تندوف.
كما أشار الى ما يعيشه المحتجزون بمخيمات تندوف من مأساة جراء الظروف القاسية، واستغلال النساء في الأشغال الشاقة والمهينة للمرأة الصحراوية.
وتم بالمناسبة عرض شريط فيديو للأحداث الأخيرة التي عرفتها مدينة السمارة، والذي بين بجلاء توظيف الأطفال في أعمال الشغب٬ ووضع متارس بالطريق العام٬ وعرقلة حركة السير٬ واستفزاز قوات الأمن ورشقها بالحجارة٬ وإضرام النار في إطارات العجلات وقنينات الغاز٬ وهي أمور لا تمت بصلة بحقوق الانسان، يضيف عامل الإقليم.
ساحة النقاش