جمعية آفاق للمقاولة والتنمية بالسمارة / المغرب ASSOCIATION AFAK POUR L'ENTREPRISE ET LE DEVELOPPEMEN

 

موازين الدبلوماسيتين المغربية والأمريكية تعود إلى وضعها الطبيعي بعد فشل مناورات خصوم وحدة المغرب الترابية

إعداد : العربي الراي/ تصوير: رشيد بيسموكن

من اليمين إلى اليسار : محمد لمين الراكب رئيس جمعية تيرس للثقافة والتنمية/ العربي الراي: فاعل إعلامي/ حسنا ولد سيدي البشير: عضو الكوركاس وشيخ تحديد الهوية وبرلماني/ لبات الدخيل: مسؤول عن قسم الإعلام بعمالة إقليم السمارة


على الرغم من تنازل الولايات المتحدة الأمريكية عن مطالبتها بتوسيع مهام بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان في الصحراء، عبر صيغة توافقية يتم بموجبها تمديد ولايتها عاما آخر، حسب ما ذكرته وكالة رويتز عن مصدر دبلوماسي رفيع المستوى، فقد توفقت في الحفاظ على شعرة معاوية، وغلَّـبت منطق الصداقة القديمة التي تربطها بالمغرب على أي اعتبارات أخرى. بحيث ينص مشروع المقرر المتقدم به إلى الأمم المتحدة على تضمين عبارات متعلقة بحقوق الإنسان مما كان قبل عام، بهدف تعزيز الجهود والتقدم في مجال حقوق الإنسان . وعلى هذا القبيل فالفقرة الخاصة بحقوق الإنسان لم تختف من القرار الذي صوت عليه مجلس الأمن يوم 25 أبريل 2013، إذ سيتم تعويض " مراقبة المينورسو لحقوق الإنسان في الصحراء وتندوف " بجملة تطلب من الطرفين احترام حقوق الإنسان. جملة تهديدية وفق ما قاله ديبلوماسي وكالة الأنباء الفرنسية، إذ تنذر بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الإنسان.

جاء التنازل الأمريكي بعد مضي أيام قلائل على مضامين المسودة التي قدمتها المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، بشكل رسمي الاثنين الماضي، عقب مشاورات ومباحثات مع عدة دول بشأن القرار ، منها : فرنسا وإسبانيا وروسيا. رفعت من حدتها الضغوطات الفرنسية/الاسبانية، والرفض الصيني/الروسي لما جاء في المسودة الأولية الشديدة اللهجة والماسَّة بسيادة المغرب الوطنية.

وتعبيرا عن غضبه، وإدانة للموقف الأمريكي الذي دعا مجلس الأمن إلى تبني قرار يتعلق ببعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء المستعمرة الاسبانية السابقة التي حررها المغرب في سنة 1974، قامت المملكة المغربية بإلغاء تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة تحمل اسم : أسد إفريقيا، يشارك فيها 1400 جندي أمريكي و900 عسكري مغربي، إلى أجل غير مسمى. فيما استنفرت الدبلوماسية المغربية، وقامت بحملة مكثفة ضغطت خلالها على دول مجموعة أصدقاء الصحراء التي تضم فرنسا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا، لتغيير نص القرار، وهو ما تفوق فيه، حيث ولأول مرة في تاريخه، يتمكن المغرب من إبراز قوة دبلوماسيته الخارجية، ووضعها على المحك الدولي، وحصاد ثمار مكتسباتها الشجاعة.

ففضلا عن دور الدبلوماسية الأوربية والأسيوية في التأثير على مسودة التقرير الأمريكي، دخلت الدبلوماسية العربية الخليجية على الخط، ولعبت دورها المهم في الدفع بأمريكا إلى تعديل موقفها من مراقبة المينورسو لحقوق الإنسان في الصحراء وتندوف.

وحسب مصادر جد مطلعة، فإن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، أثار الموضوع خلال لقائه بالرئيس الأمريكي أوباما، وحثه على ضرورة تراجع أمريكا عن قرارها، فيما تناول الموضوع ذاته الشيخ محمد زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع الرئيس الأمريكي أوباما.

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ " الشرق الأوسط " في نيويورك أن مشروع القرار الأمريكي بشأن الصحراء خطوة منعزلة اتخذتها السفيرة سوزان رايس.

من جانبها، تطرقت الصحافة المغربية للحدث الطارئ والنشاز، وقد تصدر الحدث في ربرطوار الدبلوماسية المغربية واجهات الصحف الوطنية. بحيث انبرت المنابر الإعلامية على اختلاف مشاربها وتصنيفاتها وتلاوينها، تتناول الموضوع من جوانب عديدة، وتتنافس على إبراز قوة الدبلوماسية المغربية ومكانتها داخل المنتظم الدولي، وما أحرزته من نصر، على حد تعبير جريدة : أخبار اليوم التي نشرت على صفحاتها تحت عنوان : " المغرب يحرز نصرا دبلوماسية ". فيما كتبت الصباح في موضوع تحت عنوان " واشنطن تبلغ الملك تراجعها عن مقترحها حول الصحراء "، تشير فيه أن لقاء جمع مستشارا للملك مع قادة الأحزاب السياسية، الثلاثاء الماضي، أبلغهم فيه أن مسؤولين بالإدارة الأمريكية، اتصلوا بجلالة الملك، لإبلاغه قرار واشنطن التراجع رسميا عن موقفها بشأن مشروع توصيتها إلى مجلس الأمن حول توسيع صلاحيات بعثة " مينورسو" في الصحراء المغربية.

وقد عرفت مدينة السمارة نهاية الأسبوع المنصرم عقد اجتماع طارئ للأعيان والمنتخبين وشيوخ القبائل للتنديد بمسودة التقرير الأمريكي، في منزل شيخ تحديد الهوية والبرلماني السابق وعضو الكوركاس السيد حسنـَّا ولد سيدي البشير، الوطني الغيور على حبات رمال الصحراء، والمرجع الثـَّر والمكتبة المتنقلة الفيّاضة بنبض المجتمع الحساني وحضارة البيضان.

وباتصالها هاتفيا بالسيد حسنـَّا، استفسر بداية هذا الأخير عما إذا كان المتصل ينتمي إلى منبر إعلامي مناوئ للوحدة الترابية، وهذه خطوة حُسبت على هذا الرجل الصادقة وطنيته ومغربيته . ومما زاد المنعطف إعجابا بهذا الهزبر الشامخ علمها لحظة وصولها إلى بيت السيد حسنا، بتعرض البعض من أقاربه لحادثة سير خفيفة على الطريق الرابطة بين العيون والسمارة، نقلوا على إثرها إلى مستشفى مولاي المهدي بالعيون لتلقي العلاج.

ورغم كل هذا لم يتوان السيد حسنا عن استقبال ضيوفه، وتخصيص المنبر الصحفي: صدى الصحراء، بوجهة نظره في موضوع تراجع الولايات المتحدة عن تقرير مسودتها المزمع تقديمها إلى هيأة الأمم المتحدة.

وقطعا للطريق على مناورات خصوم الوحدة الترابية للمغرب نادى ولد البشير إلى ضرورة تسريع تنزيل الجهوية الموسعة كخطوة أولى في انتظار تمتيع الأقاليم الصحراوية بحكم ذاتي تحت السيادة المغربية. مذكرا بأن التاريخ يشهد من خلال ذاكرته التي لا يمكن بالمرة تزييفها، على مغربية الصحراء وارتباط أهلها بسلاطين المغرب. هذا بعدما استعرض بسرد الخبير المحنك والراوي البارع، والمتمكن من لغة الضاد وبلاغة بيان الشعر الحساني " الكاف " سلسلة من اللحظات الحاسمة في تاريخ المغرب التي أبان فيها أبناء الصحراء عن ارتباطهم الوثيق وتفاعلهم الفطري مع قرارات واهتمامات وانشغالات الدولة العلوية الشريفة من البوغاز إلى الصحراء، في السراء والضراء، وفي السر والعلن.

ومن زبدة ما نبس به منطوقه، حالة الحداد التي عبر عليها أهل الصحراء ساعة علمهم بخبر نفي السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه إلى كورسيكا، بحيث لم يحيوا شعائر عيد الأضحى التي تزامنت حينها مع الحدث الحزين. وهذا إن دل على شيء - يضيف حسنا ولد البشير- فإنما يدل على أن بيعة أهل الصحراء لسلطانهم أبلغ تعبير لدحض أطروحة الانفصال وتبديد نوايا خصوم وحدة المغرب الترابية.

من جهته، أكد السيد : محمد لمين الراكب العائد إلى أرض الوطن ورئيس جمعية تيرس للوحدة والتنمية، وأول من أسس جمعية للعائدين بالسمارة، على أن المناورات اليائسة لخصوم الوحدة الترابية المتحاملة على قضية الوحدة الوطنية، تتنافى جملة وتفصيلا مع القرار الأممي رقم : 690 الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1991، وتتجاهل ما عرفه المجال الحقوقي من تطور في المغرب، ضاربا المثل بهيئة الإنصاف والمصالحة وجبر الضرر، وهامش حرية التنقل والتعبير الذي يسود الأقاليم الجنوبية، على نقيض ما تعرفه مخيمات تيندوف وصنيعتها الجزائر، الذين يسعون إلى إطالة أمد معاناة المحتجزين في المخيمات. وخير مثال على ذلك ما عاناه مفتش الشرطة مصطفى ولد سيدي مولود وهو يعرب عن إعجابه بمقترح الحكم الذاتي، من تنكيل واضطهاد وإبعاد عن أهله وعشيرته. فيما صالت وجالت الأصوات المغرر بها والمروجة لأطروحة الانفصال وهي تتمتع بهامش حرية كبير.

وفي ذات السياق عبرت رئيسة جمعية الاتحاد النسوي الوطني فرع السمارة، والمنتخبة

العربي الراي في حوار مع رئيسة الاتحاد النسوي فرع السمارة 

السيدة: فاطمة حبدي، عن شجبها واستنكارها للتقرير الأمريكي ورفضها المطلق لمضمونه، واستحسانها للتراجع الذي اعتراه في لحظاته الأخيرة. التقرير الذي كان قد شكك في التنزيل الفعلي للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، واستهدافه للمغرب دون سواه من طرف خصوم الوحدة الترابية، والذين لا يحترمون الاتفاقيات الدولية في ضمان حقوق الإنسان. فيما اعتبرت أن ما تحياه الأقاليم الجنوبية منذ انضمامها إلى حظيرة الوطن الأم، من تنمية وتأهيل حضري متميز وملحوظ بصفة عامة، وإقليم السمارة بصفة خاصة، الذي أضحى ومنذ تولي عامل الإقليم تقلد إدارته ، يحيى أوراش كبرى مفتوحة، لأكبر دليل على الطفرة الكبرى التي حققتها الجهات الصحراوية الثلاث من ازدهار وتقدم ورقي لا يشق له غبار.

وعود على بدء، يبقى التراجع الأمريكي عن مضامين تقريره، يطرح أكثر من سؤال وأكثر من احتمال، ويعدو فرصة سانحة للمغرب في أن يعيد ترتيب أوراقه، لا سيما وأن حليف المغرب الاستراتيجي أوشك على التنكر له.

فصعود " جون كيري " المعروف بعلاقاته الوطيدة مع الجزائر ومع مؤسسة الناشطة الحقوقية الأمريكية : " كيري كينيدي " الداعمة الرسمية للبوليساريو وسفيرتهم لدى الولايات المتحدة، صديقة آل كنيدي: سوزان رايس، إلى سدة الخارجية الأمريكية. فضلا عن الشراكة الاقتصادية القوية بين صناع القرار الرسمي الجزائري وخاصة منهم الجنرالات والمؤسسات العسكرية، والدور المحوري للطفرة البترولية التي تعرفها الجزائر في محاربة الإرهاب في الساحل والصحراء .والعلاقات الكبرى التي بدأت تربط الرئيس الجزائري مع صناع القرار لدى منظمة ايباك الدولية المؤثرة الأكبر في السياسة العالمية والأمريكية تحديدا.

 

من جهته أكد الأستاذ الباحث في العلوم القانونية السيد: اللود الكاسمي، أن المشروع الأمريكي أقبر في المهد، معتبرا أن عدول أمريكا عن قرارها صنعته الدبلوماسية المغربية التي انتصرت في آخر المطاف على مناورات الخصوم، وطمأنت الشعب المغربي الأكثر تماسكا، وهو ما عبر عنه الفاعلون السياسيون والهيئات الحقوقية في أرجاء المغرب وخارجه، قائلين للعالم أجمع أن قضية الصحراء خط أحمر لا يمكن التساهل معه. كما أضاف أن هذه النكسة هي إخفاق جديد ينضاف إلى انتكاسات سابقة للبوليزاريو وحليفتها الجزائر.
ووقوفا على كل هذه المعطيات، فالآثار أضحت جلية المساوئ، وأرخت بضلالها على ملف الصحراء. وشوشت بالتالي عل مساره الذي تاه بين رفوف هيأة الأمم المتحدة، في سياق لا يتماشى وتطلعات المغرب إلى طي الملف وتسوية النزاع.
خلاصة، فإن انتقاد الموقف الأمريكي الأول قبل التراجع عنه يُهدف من ورائه المزيد من ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بالمناطق الجنوبية المغربية، وسائر جهات المملكة.
حلحلة المواقف المغربية وخلخلتها، فرصة لالتقاط الرسائل وإعادة ترتيب البيت الداخلي المغربي، ومراجعة دبلوماسيته الموازية، وتوسيع ديمقراطيته التشاركية، بالإقحام الفعلي لفعاليات المجتمع المدني في صناعة القرار الوطني وتحمل مسؤولياته، وفسح المجال للنخب الشابة لولوج المعترك السياسي والإسهام في إيجاد الحلول وتقاسم المهام والعبء القومي، والمصلحة العليا للوطن، تحت القيادة الرشيدة لمولانا أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 201 مشاهدة
نشرت فى 29 إبريل 2013 بواسطة AFAKSMARA

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

54,634