سمارة :آفاق المقاولة الثقافية والسياحية للتراث المادي واللامادي بالسمارة وعلاقتها بالتنمية المستدامة والهندسة الاجتماعية
<!-- / icon and title --><!-- message -->
عرض بعنوان
السمارة :آفاق المقاولة الثقافية والسياحية للتراث المادي واللامادي بالسمارة وعلاقتها بالتنمية المستدامة والهندسة الاجتماعية
-------------------------------------------
تقع مدينة السمارة المغربية ضمن الأقاليم الجنوبية، بين خطي الطول والعرض 26 درجة و11 درجة، فيعلو الإقليم عن سطح البحر بـ: 110 متر، ويبعد عنه بحوالي 220 كلم، يحده شمالا إقليم طانطان وآسا الزاك، وجنوبا إقليم بوجدور والحدود الدولية مع موريتانيا، وغربا ولاية العيون، ومن الشرق الحدود الجزائرية والموريتانية. وتبلغ مساحته حوالي 61.760 كلم2، ويخترقه طريقان أساسيان : الأول يربطه بالعيون إلى الغرب، والثاني بطانطان، وعبرها إلى الأقاليم الشمالية، مرورا بكلميم حاضرة وادي نون.
أما من الناحية الديموغرافية، فحسب تقديرات مديرية الإحصاء لسنة 2004م، فإن عدد السكان بإقليم السمارة يتجاوز 60415 ن، السكان الحضريون : 40340 نسمة، والسكان القرويون : 20075 نسمة، وما زال الإقليم عامة والمدينة خاصة تعرف نموا سكانيا سريعا بسبب الهجرة إليها من مناطق الجوار والمدن الشمالية.
ينتسب الإقليم من الوجهة الطبيعية والجيولوجية إلى منطقة الساقية الحمراء، فتضاريس هذه المنطقة وتشكيلاتها الصخرية الموجودة في الوقت الراهن هي نتيجة لحركات وتغيرات عرفتها القشرة الأرضية خلال الأزمنة الجيولوجية الثالثة، أي قبيل العصور الرابعة الحديثة، بقطع النظر عن تغييرات طفيفة اقتضتها عوامل النحت العادية.
يتكون الإقليم من هضاب صخرية صلبة في الشرق، وهضاب رملية هشة في الغرب مسطحة وشاسعة، يخترقها وادي الساقية الحمراء الذي يبلغ طوله اعتبارا من مرتفعات زمور حتى المحيط 540 كلم.
تتصف طبيعة المنطقة بقساوة بالغة، فمناخ الإقليم قاري، حار صيفا وبارد شتاء، ويلاحظ أن المدى الحراري قد يصل صيفا إلى ما يفوق 50 درجة حرارية، وفي فصل الشتاء إلى 15 درجة حرارية. أما التساقطات فلا تتعدى 50 ملمتر في السنة. والوديان التي تقطع هذه الجهة جافة، تعرف جريانا موسميا خلال الفترات الممطرة، وهي عبارة حاليا عن أخاديد عميقة تشهد على شبكة مائية غنية وغزيرة في الماضي، وهذا ينعكس على الغطاء النباتي والنشاط الفلاحي، حيث يقتصر على تربية الماشية التي تعتبر أهم نشاط يمارس في هذه الظروف، حيث يتم حصرها في تربية قطعان الإبل والتي يبلغ عددها حوالي 12000 رأسا (زايلة) والماعز يزيد عن 25000 رأسا.
إن إقليم السمارة من الناحية التاريخية والأركيولوجية يتوفر على عدد مهم من المباني التاريخية والمواقع الأثرية التي ترجع إلى فترات من عهود ما قبل التاريخ إلى بداية القرن العشرين. إضافة إلى المعالم الصامدة بمرور التاريخ في المدينة هناك مواقع أركيولوجية هامة بالضواحي، أهمها جريزم، الدار الحمراء، العصلي بوكرش...
النقوش الصخرية :
تتنوع المواقع الأثرية الني ترجع إلى فترات ما قبل الإسلام وخاصة فترات ما قبل التاريخ : شجرة ميرات، الفارسية، حوزة، واد ميران، واد وين سلوان، العصلي بوكراش... وغيرها.
يتميز إقليم السمارة بأكثر من أربعة وثلاثين موقعا للنقوش الصخرية والتي يعتقد أنها تعود إلى 4000 سنة ق- م / 8000- سنة ق.م ، وتعد هذه المواقع سجلات مرئية ومتاحف في الهواء الطلق تعرض آلاف التحف الفنية التي خلفتها المجموعات البشرية المتعاقبة على المنطقة. وتعد هذه النقوش تعبيرا فكريا قديما يعطي معلومات ثمينة عن انتروبولوجيا الفن والتفاعلات البيئية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن حضارة الانسان القديم بهذه الربوع من المملكة .
ولقد كتب الكثير من الباحثين في الميدان عن هذه النقوش نذكرمنهم د الماكرو - كامبس – مونود تيدور فروبينس - فلاماند - مصطفي اعشي - عفراء الخطيب
أبرز المواقع الأركيولوجية : العصلي بوكراش
بالإضافة إلى مجموعة من المقابر الجماعية Tumuli التي يصل عددها إلي خمسة مقابر، كلها مبنية بالأحجار، ويحيط بها صف من اللوحات الصخرية في شكل عمودي لتشكل دائرة تحيط بالقبر، وربما ترسم حدوده.
يبعد عن السمارة بحوالي 15 كلم على الطريق المؤدي إلى العيون وهو شريط صخري يمتد من وادي الساقية على مسافة طولها 34 كلم، يختزن بقايا أثرية ونقوش صخرية تجسد لوحات صخرية منقوشة لمجموعة من الحيوانات مثل الزرافة، الفيل، الغزال...
وبعض النقوش تعود إلى فترات ما قبل التاريخ، والموقع من أهم متاحف بالمنطقة ومن أطول الأشرطة المعروفة بالنقوش في الشمال الأفريقي كما يتميز بهيمنة تقنية :la béquille أي تنقير المقابر والمدافن tumulus الكثيرة العدد بالمنطقة.
وفي حواره مع رئيس جمعية آفاق للمقاولة والتنمية في إطار ترويجها لمقاربة المقاولة السياحية بالإقليم تناول الناطق الرسمي باسم السياحة بالإقليم ورئيس قسم السياحة التابع للعمالة الإقليمية للسمارة موضوع خبر اكتشاف مواقع أثرية لنقوش صخرية تعود إلى حقبة زمنية غابرة ولإنسان العصور البدائية، وذلك بكل من جماعة سيدي أحمد العروصي وجماعة حوزة، صدر في حقه كتاب باللغة الفرنسية، الموقعين اللذين عرفا زيارة وفد حكومي ووكالة تنمية أقاليم الجنوب وعمالة الإقليم، وهو يطلع الرأي العام المحلي والوطني والدولي على حقيقتهما.
ذكر النعمة الباه أن الأمر مثار جدل واهتمام من طرف المهتمين مغاربة وأجانب وهذه مسألة طبيعية جدا على حد قوله، كما هو أردف أن المؤلـَّف ليس فرنسيا، بل سبقته كتابات قديمة جدا في العهد الكولونيالي، تم تجميعها من حين لآخر، وهناك دائما محاولات جادة حول هذا الموضوع باعتبار أن هذه المآثر التاريخية معروفة، ومعروف بها إقليم السمارة، وهي ليست بسيدي أحمد العروصي وحده، وإنما في مناطق كثيرة من السمارة، اعتبارا أن السمارة تحوي العديد من المواقع خاصة النقوش الصخرية والقديمة، وهي ترجع إلى 4000 سنة قبل الميلاد، وهي تشي عموما بحضارة قديمة جدا يمكن اعتبارها على المستوى السياحي قطبا- Une potentialité ، يمكن الاعتماد عليها في السياحة مستقبلا خاصة السياحة الثقافية، وهي موجودة بالجديرية بحوزة، بميران وأمكالة التابعة لسيدي أحمد العروصي.
واعتبر المسؤول السياحي الرفيع المستوى أنه من الطبيعي جدا أن يتم الاهتمام بمعلم ثقافي كهذا، وبثـِّه للمستقبل وتسهيل قراءته، وبعدم مسح آثار مرور الوقت، هذا مع إخضاعه لترميم ينبني على احترام المادة الأصلية وكل العناصر ذات الأهمية التاريخية والفنية والبيئية، ومأسَسَة ثقافة المآثر والتحف وكيفية التعامل معها والحفاظ عليها، فالمواقع تحتوي على كتابات قديمة جدا...
وباعتبار أن هذه المآثر التاريخية معروفة بإقليم السمارة، فهي ليست بالجماعة القروية سيدي أحمد العروصي وحدها فحسب، بل هي متواجدة في مناطق كثيرة بالسمارة، تحمل العديد من المواقع الأثرية، خاصة النقوش الصخرية. وهي جغرافيا، تقع جنوب جبال الأطلس الصغير الذي يتميز عن باقي جبال الأطلس بطبيعة جباله التي تسود فيها صخور ما قبل الكمبري، والزمن الجيولوجي الأول، ومناظره المفتوحة التي تشرف عليها أعراف يوحي اصطفافها بنموذج التكوين الأبلاشي، حيث يمتد الجنوب والجنوب الشرقي، ومجاله المَا قبل الصحراوي و الصحراوي، المكوَّن من سهول وهضاب تشرف عليها أحيانا أعراف طولية أو مرتفعات. ويتعلق الأمر هنا بوسط جاف وصعب تسود فيه درجة الحرارة المفرطة، وندرة المياه ، و بالتالي هزالة الغطاء النباتي .
كل هذه المعطيات هي ترجمة حرفية لحضارة ضاربة في القدم، يمكن اعتبارها على المستوى السياحي تميزا يمكن استثماره سياحيا مستقبلا، خاصة فيما يتعلق بجانب السياحة الثقافية. وهذه المواقع الأثرية للنقوش الصخرية تتواجد بالجديرية وحوزة وتازمغار وأمكالة بسيدي أحمد العروصي، وبمواقع متفرقة هنا وهناك بالتراب الإقليمي للسمارة ..
ومقاربة لأهمية المواقع الأثرية الصخرية اعتبر النعمة الباه أنه من الطبيعي جدا كذلك أن يبدأ الحديث عنها والتحرك حول التحسيس بوجودها، مشيرا إلى التحركات التي قامت بها السلطات في هذا المجال، حيث أقدم السيد العامل الإقليمي الحالي على ايلاء القطاع السياحي اهتماما خاصا، بعد استناده على رؤية واضحة ومكتملة.
وتذييلا لتفسيراته المستفيضة ذكر الناطق الرسمي باسم القسم السياحي بالإقليم، أنه حينما نتكلم عن القطاع السياحي، فإننا نتكلم عن كل ما يمكنه أن يساعد على تنمية هذا القطاع. وما ينبغي أن يُنظر إليه بعين الاعتبار - من منظوره الخاص - هو أن السيد العامل قد تحرك في اتجاهات عدة في هذا المجال. اشتملت على زيارات ميدانية للمواقع المشار إليها، بعد توجيه سلسلة من المراسلات إلى كل من وزارة الثقافة والسياحة ووزارة الداخلية.
وفي استفساره عن إقدام عمالة الإقليم على توقيع عقدي شراكة مع كل من جماعة سيدي أحمد العروصي وجماعة حوزة بخصوص الموقعين الأثريين حسب ما تم استقاؤه من المتتبعين والمهتمين بالشأن المحليذ، وباعتباره رئيسا لقسم السياحة، المنصب الجديد الذي قلده إياه السيد العامل الإقليمي، ورد جواب النعمة الباه ينفي ما تم تناقله من أخبار- منبها سائله - أنه في حدود علمه ليس هناك ثمة أي عقد تم إبرامه مع سيدي أحمد العروصي أو حوزة.. وأنه وفي حدود علمه أنه ، هناك محاولة معرفة اهتمامات هذا القسم قبلا... فهناك اتفاقية مع مديرية الآثار التابعة لوزارة الثقافة، حول بناء ما يشبه المتحف في منطقة هي تابعة لمعدنها ( أي موطنها الأصلي ) حاليا بالنسبة لحوزة ، اتفاقية قطعت أشواطا مهمة على مستوى الرؤية المستقبلية...وهو ما يندرج ضمن اتفاق مباشر مع وزارة الثقافة بخصوص المواقع المتواجدة على تراب إقليم السمارة. كخطوة جريئة تميط اللثام عن مكنون السياحة الإقليمية الثر محليا وطنيا ودوليا.
وتثمينا لكل المجهودات المبذولة في هذا المضمار، والتقاطا للرسائل الموجهة للفعاليات الوطنية والدولية، وثمرة لكل الاستراتيجيات المعتمدة من طرف العمالة الاقليمية ، عرفت الحاضرة الروحية والعلمية للأقاليم الجنوبية – السمارة – بشراكة مع عمالة الاقليم، وكالة التنمية الاجتماعية و الاقتصادية بالجنوب، الجمعية المغربية لفن النقوش الصخرية، جمعية أمنير للتنمية والتعاون، جمعية ميران لحماية الآثار و المستحثات نظمت وزارة الثقافة، و مؤسسة TARA الدولية احتضان الورش الدولي الأول للمحافظة على النقوش الصخرية طيلة أيام 19-20-21 أكتوبر2010 .
ونقلا عن الزميل الإعلامي والحقوقي الحسين شهيب، فإن هذا الورش الدولي أشرف على افتتاحه صباح يوم الثلاثاء 19/ 10/ 2010 السادة : الكاتب العام لوزارة الثقافة، المدير العام لوكالة الجنوب، والي الجهة، عامل الإقليم ورئيس جمعية TARA المتواجد مقرها بنيروبي .
الورش يشارك فيه خبراء وباحثون متخصصون في المجال على الصعيد الدولي و الإفريقي بالاضافة إلى أساتذة متخصصين وفاعلين من جمعيات تشتغل في مجال الآثار و الفن، وباحثين في الانتربولوجيا الاجتماعية و البشرية على الصعيدين المحلي والوطني.
وتتجلى أهداف الورش الدولي المندرج موضوعه ضمن إطار التراث المادي في المحافظة على التراث الأثري و خصوصا الصخري وحمايته في وسطه الطبيعي ( مجاله الحيوي )، وإغناء إطاره القانوني المرتبط بحماية المواقع الأثرية والمحافظة عليها، والمساهمة في دمج هذا التراث في النسيج السوسيو- اقتصادي المحلي و الوطني، و نسج علاقات تبادل و تعاون مع مؤسسات و هيآت وطنية و دولية حكومية و غير حكومية لها نفس الاهتمام .
وبخصوص الثراث اللامادي أوجزت الفاعلة الجمعوية وذاكرة الثقافة الشفاهية الحسانية السيدة : راغية التكوتي شموليته ولامحدوديته في كونه موروث حضاري متميز تنفرد به قبائل الصحراء...
فالأقاليم الصحراوية على حد تعبير الناشطة الجمعوية والوجه القوي للمرأة الفاعلة الجمعوية الصحراوية، تعتبر من بين المناطق الجغرافية المعروفة بوفرة الخلاء، وقلة التساقطات المطرية سنوياً، ولذلك تقل فيها الحياة ويعيش فيها أناس تأقلموا على تلك الظروف القاسية يطلق عليهم البدو،لهم عادات وتقاليد خاصة .
وينفرد المجتمع الصحراوي بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية بمجموعة من العادات والتقاليد والاحتفاليات الخاصة، منها ما يرتبط بجوانب الحياة المتباينة من ولادة وعقيقة و سنة ختان الذكور من الأطفال التي يسميها الصحراويين" الطهارة " وخطبة وزواج وطلاق وموت ودفن، ومنها ما يرتبط بالمواسم والشهور الدينية خاصة مناسبتي عيدي الفطر والأضحى وشهري شعبان و رمضان.
بالإضافة إلى ذلك هناك عادات أخرى تتعلق بفنون الطبخ التقليدي أي المشروبات والمأكولات الشعبية واللباس الصحراوي التقليدي ومنه "الملحفة" التي تلبسها نساء الصحراء و" الدراعة" ***اس خاص بالرجال .
فضلا عن طقوس الكرم والضيافة والترفيه ومكونات وترتيب المسكن الخاص( الخيمة أو البيت العصري ) ومبادئ التربية وأدبيات التضامن مع الغير والعلاقة مع الماشية ومختلف الحيوانات ومنها بشكل رئيس الجمل سفينة الصحراء المتميزة التي لا تمل أو تكل أو تخون الصحراوي ومهما كانت الظروف.
إعداد : العربي الراي/ رئيس جمعية آفاق للمقاولة والتنمية
ساحة النقاش