النعمة الباه:الناطق الرسمي باسم السياحة بإقليم السمارة في حوار مع ج.a.h.e.d
<!-- / icon and title --><!-- message -->
نـص الحـوار
عرف إقليم السمارة ميلاد مشروعين سياحيين مهمين عبارة عن مخيمين أو منتجعين سياحيين، عانى القائمون عليهما الأمرين في إنجازهما وإخراجهما إلى الوجود. الأول بوادي الساقية الحمراء، والثاني بسيدي أحمد العروصي، سرعان ما توقفا لظروف مجهولة . ما سبب هذا المصير التراجيدي ؟
أولا صحيح هما مشروعان ولدا بتفاوت، وإن كانا قد ولدا ولادة عسيرة وقيصرية.الفكرة كانت سابقة لأوانها باعتبار أن مدينة السمارة في مرحلة تاريخية معينة، عرفت شيوع ثقافة العيش على إتاوات الدولة، أو ما تمنحه الدولة للساكنة، بالتالي كل فكرة تحاول أن تغير أو تنحو منحى آخر في هذا التوجه ربما يكون ذلك ظاهرا ومستترا، يكون سببا في خلق مشاريع من هذا النوع، على اعتبار أن المشاريع من هذا الصنف خارج إستراتيجية الدولة غالبا ما تكون مسايرتها صعبة ، فعادة ما تقوم الدولة بمسارتها ورعايتها حتى تقف، ناهيك عن أن الشخص المعني بالأمر هو الذي حاول من ماله الخاص أن يقوم بمثل هذه المشاريع، وطيلة سنوات لم يجد من يحرك ساكنا في مساعدته.. محاولة كهاته، ربما تكون وراءها ظروف عديدة فيها الذاتي والموضوعي، فالذاتي لا تنقصه الإرادة والاقتناع على اعتبار أن هذه مفاتيح العمل. وهناك أسباب موضوعية قلتها منها: الرؤية، ومنها أن المشكل بالنسبة للمشروع الأول، يكمن في كونه استغرق مدة سنتين بإمكانيات ذاتية، لكن لما تم اللجوء إلى البنك كان مصير القرض الذي كان من المفترض أن يخصص للمشروع أن سرق من طرف القائمين على مؤسسة البنك الشعبي آنذاك. وهذا مشكل سبق وان عرفه الجميع وتداوله الجميع كما أود أن أشير إلى أن الأمر لا يزال قائما باعتبار أن المعني بالأمر( عبد ربه) لم يعد بمقدوره أن يرعى مشروعا ، ولا يجد من يمد له يد المساعدة، ولا يستطيع هو الإنفاق من ماله الخاص... باختصار فالمشروع لا يعرف نهايته ومصيره. أما المشروع الثاني والذي جاء على أنقاض المشروع الأول ( سابقه) في طريق العيون، هو نفس الفكرة.. والذي صادف مشاكل مأساوية إن صح التعبير، فقد بدأ التفكير فيه خاصة بعدما كان هناك تراكم تجربة كبيرة جدا عبر سنوات عديدة.. كان على الخط فرنسي أراد هو الآخر الانخراط فيه، لكنه صدم بملف القرض المخصص للمشروع، إضافة إلى طرف ثالث كان يهتم هو الآخر بصفة خاصة بالقطاع، ويتعلق الأمر بالفرنسي " باتريك " الذي جاء إلى الصحراء لاقتفاء آثر الرحالة الفرنسي الشاب" فيوشانج" الذي دخل إلى السمارة متخفيا في زي امرأة سنة 1930. كان خلف هذه القصة مجموعة أشخاص قصة الرحالة الفرنسي: فيوشانج، التف حولها مجموعة أشخاص ذوو اهتمام مشترك ( رحلة هذا الفرنسي)، كان من بين المجموعة شاب من مدينة أكادير ، فارتأينا سويا أن ننجز مشروعا أخر ، والذي لم يكتب له أن يرى النور هو الآخر لأسباب عديدة ومتعددة، قد يكون أهمها أولا كون الفرنسي توفي.... بعد ذلك ظلت الأمور على حالها ولم يبارح المشروع منذ ذلك الحين مكانه ودون أن يحرك أحد ساكنا. لكنه، بمجيء السيد العامل الجديد، الذي هو ابن المنطقة، والذي يتبين أنه يحمل رؤية مغايرة ومخالفة نتوسم فيها خيرا، وقد تكون هي الأفق الذي ينتظره الكثير من أصحاب المشاريع، الذين يحاولون جادين اختراق جدار الصمت.. أو جدار الرؤية الأخرى.. من أجل أن يتكون هناك أفق يكون في مستوى تطلعات الساكنة، ويكون في مستوى السمارة باعتبارها قطبا من أقطاب السياحة مستقبلا.
مشروعان سياحيـان من الحجم الذي صمم لهمـا، وبالمواصفـات الدقيقة التي أنيطت بهما ومـا يتضمنانه من حمولة ثقافية وسياحية، من شأنها أن تؤهل الإقليم إلى مصاف متميز، جديران بالاهتمام من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووكالة تنمية أقاليم الجنوب، والمنتخبين والمجتمع المدني. لماذا لم يتم الشروع في هذا الملف- ونحن نعلم أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مضى على انطلاقتها أربع سنوات ونيف ؟
هذا سؤال وجيه. أحيانا يتساءل المرء - وهنا تحضرني فكرة أنه في بعض الأحيان يتم تجميع بعض الطلبة العاطلين، ويعقد لهم اجتماع مع مؤسسات مالية، يكون الخطاب دائما هو أن هذه المؤسسات ستقرضهم مالا لانجاز مشاريع معينة . لكن نظرا للواقع الذي يرونه أمامهم فهم محظوظون... فيما نجد أن أشخاصا آخرين سبقوهم، قاموا بمشاريع من مالهم الخاص ولم يساعدهم أحد.
فكيف لمؤسسات مالية أن تعطي المال لأشخاص - يعني هكذا جزافا؟
والمقارنة تبين لنا الفرق... صحيح أنه عادة ما يشاد بالمستوى الذي وصلت إليه مخططات معينة في بعض الأقاليم... فوكالة تنمية أقاليم الجنوب، طبيعي جدا أن تقوم بزيارة لمناطق وعمالات وأقاليم، وطبيعي جدا أنها تطرح أسئلة من هذا النوع، وتتساءل ما هي المشاريع المستقبلية المنجزة أو التي لم تنجز أو كذا أو كذا... لا أدري ما هي الأجوبة..على اعتبار أنه لحد الساعة لم نسمع بأي تحرك يُعـنـَى بهذه المشاريع التي تم إنجازها، أو محاولة حتى معرفة لماذا لم تشتغل بعد.. علما أن الكل يطرح أن السمارة هي المستقبل السياحي، وأنها في حاجة إلى متنفس وأنها كذا وكذا... دائما نفس الخطاب، لكن على مستوى الواقع شيء آخر.
اطلع الرأي العام المحلي والوطني على خبر اكتشاف مواقع أثرية لنقوش صخرية تعود إلى حقبة زمنية غابرة ولإنسان العصور البدائية، وذلك بكل من جماعة سيدي أحمد العروصي وجماعة حوزة، صدر في حقه كتاب باللغة الفرنسية، بحيث عرفت زيارة لوفد حكومي ووكالة تنمية أقاليم الجنوب والعمالة الإقليمية. هل من توضيح لهذا الموضوع؟
هو طبيعي جدا، هو ليس كتابا فرنسيا، بل سبقته كتابات قديمة جدا في العهد الكولونيالي، تم تجميعها من حين لآخر، وهناك دائما محاولات جادة حول هذا الموضوع باعتبار أن هذه المآثر التاريخية معروفة، ومعروف بها إقليم السمارة، وهي ليست بسيدي أحمد العروصي وحده، وإنما في مناطق كثيرة من السمارة، اعتبارا أن السمارة تحوي العديد من المواقع خاصة النقوش الصخرية والقديمة، وهي ترجع إلى 4000 سنة قبل الميلاد، وهي تشي بحضارة قديمة جدا يمكن اعتبارها على المستوى السياحي- يعني Une potentialité (قطب) يمكن الاعتماد عليها في السياحة مستقبلا خاصة السياحة الثقافية، وهي موجودة بالجديرية بحوزة، بميران وامكالة -يعني- التابعة لسيدي العروصي.
طبيعي جدا أن يتم الاهتمام بمعلم ثقافي كهذا، وبثه للمستقبل وتسهيل قراءته، وبعدم مسح آثار مرور الوقت، هذا مع إخضاعه لترميم ينبني على احترام المادة الأصلية وكل العناصر ذات الأهمية التاريخية والفنية والبيئية، ومأسسة ثقافة المآثر والتحف وكيفية التعامل معها والحفاظ عليها، فالمواقع تحتوي على كتابات قديمة جدا... وباعتبار أن هذه المآثر التاريخية معروفة بإقليم السمارة، فهي ليست بالجماعة القروية سيدي أحمد العروصي وحدها فحسب، بل هي متواجدة في مناطق كثيرة بالسمارة، تحمل العديد من المواقع الأثرية، خاصة النقوش الصخرية. وهي جغرافيا، تقع جنوب جبال الأطلس الصغير الذي يتميز عن باقي جبال الأطلس بطبيعة جباله التي تسود فيها صخور ما قبل الكمبري، والزمن الجيولوجي الأول، ومناظره المفتوحة التي تشرف عليها أعراف يوحي اصطفافها بنموذج التكوين الأبلاشي، حيث يمتد الجنوب والجنوب الشرقي، ومجاله المَا قبل الصحراوي و الصحراوي، المكوَّن من سهول وهضاب تشرف عليها أحيانا أعراف طولية أو مرتفعات. ويتعلق الأمر هنا بوسط جاف وصعب تسود فيه درجة الحرارة المفرطة، وندرة المياه ، و بالتالي هزالة الغطاء النباتي . كل هذه المعطيات هي ترجمة حرفية لحضارة ضاربة في القدم، يمكن اعتبارها على المستوى السياحي تميزا يمكن استثماره سياحيا مستقبلا، خاصة فيما يتعلق بجانب السياحة الثقافية. وهذه المواقع الأثرية للنقوش الصخرية تتواجد بالجديرية وحوزة وتازمغار وأمكالة بسيدي أحمد العروصي، وبمواقع متفرقة هنا وهناك بالتراب الإقليمي للسمارة .. وطبيعي جدا أن يبدأ الحديث عنها والتحرك حول التحسيس بوجودها، وذلك بأن تحركت السلطة بدورها في هذا المجال، حيث أقدم السيد العامل الإقليمي الجديد على ايلاء القطاع السياحي اهتماما خاصا، بعد استناده على رؤية واضحة ومكتملة. إنه حينما نتكلم عن القطاع السياحي، فإننا نتكلم عن كل ما يمكنه أن يساعد على تنمية هذا القطاع. وما ينبغي أن يُنظر إليه بعين الاعتبار هو أن السيد العامل قد تحرك في اتجاهات عدة في هذا المجال. هناك يعني طبعا زيارات ميدانية للمواقع المشار إليها، تم ذلك بعد توجيه سلسلة من المراسلات إلى كل من وزارة الثقافة والسياحة ووزارة الداخلية. تحرُّكٌ نأمل منه خيرا إن شاء الله.
وصل إلى علم المتتبعين والمهتمين بالشأن المحلي أن العمالة الإقليمية للسمارة وقعت عقدي شراكة مع كل من جماعة سيدي أحمد العروصي وجماعة حوزة بخصوص الموقعين الأثريين السالف ذكرهما في السؤال السابق. باعتباركم رئيسا لقسم السياحة، المنصب الجديد الذي قلدكم إياه السيد العامل الإقليمي للسمارة: محمد سالم الصبطي، ما فحوى عقدي الشراكة؟
في حدود علمي أنه ليس هناك عقدا مع سيدي أحمد العروصي أو حوزة.. في حدود علمي أنه حاليا بالنسبة لحوزة، هناك محاولة معرفة اهتمامات هذا القسم قبلا... فهناك اتفاقية مع مديرية الآثار التابعة لوزارة الثقافة، حول بناء ما يشبه المتحف في منطقة هي تابعة لمعدنها ( أي موطنها الأصلي )، قطعت أشواطا مهمة على مستوى الرؤية المستقبلية...وهو ما يندرج ضمن اتفاق مباشر مع وزارة الثقافة بخصوص المواقع المتواجدة على تراب إقليم السمارة.
هل التعيين الجديد هو بداية مشوار الهرولة بالسيد النعمة إلى منصب مندوب إقليمي للسياحة ، في غياب مندوبية بالإقليم، وأنك الشخص الوحيد والمؤهل الذي استطاع أن يقدم خدمات مهمة لقطاع السياحة الإقليمية وأن يميط اللثام عن مكنونها الثر محليا ووطنيا ودوليا؟
تعييني هذا لا يدخل في إطار الرؤية التي ذكرت ، فالسيد العامل الجديد، كما أشرت يحمل رؤية مستقبلية واعدة. وتعييني في هذا القسم ليس إلا تعيينا شابه تعيينات أخرى طالت العديد من الكوادر التي تنحدر من الأقاليم الجنوبية، والتي كانت إلى عهد قريب مهمشة..هذا دليل آخر على أن الرؤية المستقبلية يمكن أن تعطي ثمارها في المستقبل القريب.
ماذا يمكن أن يجلبه تعيينكم الجديد من قيمة مضافة إلى قطاع السياحة بالإقليم؟
طبيعي جدا ولاعتبار أنه حينما أقول: " المحلي " لا أعني به بالطبع الشوفينية المجالية الضيقة، بقدر ما أركز على كل ما يرتبط بالحيز المكاني للإقليم ورقعته الجغرافية.. ولكي نتكلم عن المحلي باعتبار أنه في إطار تدبير الشأن المحلي ، فإن الاعتماد على الطاقات البشرية لمنطقة معينة بعينها من شأنه أن يخدم المنطقة أكثر، بحيث أنه وكما أثبتت العديد من التجارب، فإن كل منطقة تقوم بسواعد أبنائها. والتجارب السابقة كانت خير معبر عن حالة كهذه...ورجوعا إلى الأمس القريب ورغم كل الجهود التي بذلت فإن معظم المحاولات لم تلاق النجاح المأمول.. ومع الثقة التي وضعت أخيرا في الكفاءات المحلية، فإنه بات ملحوظا التطور المتسارع الذي عرفته وثيرة ملف التنمية السياحية المحلية. لكن كما سبق وأن قلت فالمبادرة الطيبة التي صدرت عن السيد العامل اشتملت في البداية على الجانب التحسيسي، لتأتي بعده مراحل أخرى تصنعها الإرادة والعزيمة والطاقة اللازمة طبعا...
حسب ما تناقلتـه مصادر مطلعة، فإن الموقعين الأثريين لم يسلما من آفة السرقة والنهب، الأمر الذي دفع بالسيد العامل الإقليمي إلى تعيين حراس يشتغلون بنظام المداومة لحراسة الموقعين وحمايتهما من اللصوصية والإتلاف والعبث. ما تعليقكم حول هذه الظاهرة؟
حاليا هناك محاولة لرعاية هذه المواقع والمحافظة عليها، التي لم تسلم هي الأخرى من النهب والإتلاف. لكن هذه السرقة يبقى عنوانها البارز هو الجهل.. بحيث يظن معظم الناس والذين ليست لهم دراية بوقائع الأمور، أن هذه القبور تحتوي في باطنها على كنوز لمعادن نفيسة، علما أن هذه القبور سابقة جدا على عصر ظهور الذهب... وبالتالي هناك من يبحثون عن الكنوز وهم لا يعرفون الحقبة التاريخية لهذه القبور.. والمواقع كما أسلفت ، من الصعب جدا تغطيتها جميعها ومراقبتها بشكل دائم، وذلك راجع إلى شساعة الإقليم، وإلى توزيعها المتناثر هنا وهناك على خريطة التراب الإقليمي..
في نشاطها التواصلي الأول لجمعية آفاق للمقاولة والتنمية، تم تسليط الضوء على الصناعة التقليدية.. وتحدث ناطق باسمها بضرورة الاهتمام بهذا القطاع باعتباره قطاعا استراتيجيا مهما. كيف تفسرون الارتباك الذي يعيشه قطاع الصناعة التقليدية محليا، وهو الذي يشكل قطبا مهما من أقطاب السياحة الإقليمية والجهوية، والذي يتجلى في ضعف القدرة على التجديد، وعصرنة المنتوج، وصعوبة التسويق؟
أكيد جدا أن الصناعة التقليدية ركيزة من ركائز التنمية القوية جدا..مصاحبة لركائز أخرى، لكنه إن لم يتم المزج بينها لتكون الرؤية موحدة، أظن..من وجهة نظري أن قطاع الصناعة التقليدية سيصاب كغيره من القطاعات الأخرى بالشلل، وبالتالي عندما ننظر إلى قطاع الصناعة التقليدية بالأقاليم الجنوبية..حينما ننظر إلى جوهر القطاع أحيانا ( رؤية خاصة ) وإلى السمارة كمدينة وإقليم، وموقعها الجغرافي وإنتاجها لنوع مشابه لأقاليم أخرى، هنا يُطرح تساؤلٌ كبيرٌ : لماذا هكذا منتوج؟ خاصة وأنه لا داعي للمقارنة بينها وبين موقع كلميم على سبيل المثال، الذي يُعـَدُّ موقعا استراتيجيا، باعتبارها مدينة كبيرة جدا.. بها رؤوس أموال.. إضافة إلى مجالات حيوية ، فيها انفتاح مهم على الخارج وعلى الداخل، مثل: العيون والداخلة وبوجدور الخ... لكن، نجد أن الموقع الجغرافي للسمارة المنفتح فقط على مدينتي العيون غربا ومدينة طانطان شمالا، يحد من فرص انخراطها الفعلي في المنافسة التي يفرضها قطاع الصناعة التقليدية على المستوى الجهوي والوطني، وبالتالي لا تستطيع مسايرة الركب، نظرا لقوة المنافسة التي تبديها الأطراف الأخرى الأكثر قوة.. السؤال الآخر المطروح هو كيفية السبيل للوصول إلى تطوير المنتوج، حتى يضمن موطئ قدم في موكب المنافسة، فتشابه المنتوج واستنساخه لا يعدو مجرد استهلاك رتيب، لا ينطوي على إبداع، في حين ينبغي أن يخضع للمسات فنية خاصة، تعتمد على الصبغة المحلية وبكل ما له علاقة بالسمارة، تبلوره أيادي صناعها التقليديين ذوي الملكات الإبداعية الرائعة، والذين تتفاوت مهاراتهم وعبقريتهم وكعبهم العالي.. بمعنى آخر: إضفاء التميز على المنتوج، تختص به السمارة دون غيرها من المدن الأخرى... يعني أن هذا المخطط ينبغي التأسيس له من الآن فمستقبلا، وهذا طبعا من العوامل والأسباب التي تجعل قطاع الصناعة التقليدية بالسمارة ما زال لم يلق مبتغاه المنشود، كعنصر قيادي في التنمية. وكما هو معروف محليا فالصناعة التقليدية بالسمارة تطغى عليها الاحتفالية هي الأخرى، وتنتعش على المساعدة الرئيسية ومساعدات العمالة وكذا المجالس المنتخبة .. ليتسنى بالكاد لهذا القطاع الوقوف على قدمين ثابتين، ويحافظ على استمراريته. فهذا القطاع وللأسف الشديد لم يسع إلى ضخ شحنات تجديد في شرايينه، بل اكتفى بالإبقاء على إمكاناته المواضعة والمتقادمة، في وقت تسارعت فيه وثيرة الإنتاج ، وما رافقه من تحديث وعصرنة ،احتدمت حدة منافستها بين روادها ، كالذي شهدته الأقاليم المجاورة للسمارة . ولكي لا أعلق الاندحار الحاصل على شماعة القطاع، فإن السمارة تكتنف بين ظهرانيها صناعا تقليديين مبدعين ومهرة، يستطيعون بفضل لمساتهم السحرية تحقيق إقلاع حقيقي وشامل، يفضي بهم إلى مراتب جد مشرفة ، تمكنهم من إثبات ذاتهم في المحافل والملتقيات والمعارض المحلية الجهوية الوطنية والدولية، والانفراد بالتميز.
علمنا من مصادر مطلعة أن طريقا معبدة ستمتد بين العيون وتندوف مرورا بالسمارة تحت إشراف الأمم المتحدة ومفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة الصليب الأحمر، ستسهل عملية تبادل الزيارات بين العائلات بالصحراء، كذلك شق طريق من السمارة إلى الزويرات بالشقيقة موريتانيا. وتحرير الأجواء من وإلى السمارة في اتجاهات مناطق بالداخل أو بالخارج . ألا ترى أن هذا المستجد سيساهم في فك الحصار الطبيعي على السمارة، وسيلحقها بركب التنمية؟
لا يمكنني أن أدلي بجواب عن هذا السؤال، سوى فقط كمواطن تحدوه رغبة في أن تتحقق مثل هذه المشاريع، التي وبدون شك سترفع الحصار التي عرفته جغرافية إقليم السمارة، البعيدة عن المحاور الرئيسة للتنمية إسوة ببقية الأقاليم الجنوبية. وإنه في إطار التأهيل الحضري الذي تعرفه كل جهات المغرب بدون استثناء، يمكن أن تساهم كل من الطريق المزمع مدها بين السمارة والزويرات (بالجارة موريتانيا). وكذا الطريق بين العيون وتندوف مرورا بالسمارة، نهاية بتحرير الأجواء بفتح خطوط جوية مدنية بالسمارة، التي تتوفر على مطار صغير من مقدوره استقبال طائرات صغيرة تفي بالغرض لنقل المسافرين من وإلى السمارة في أقل مدة زمنية ممكنة، شأنها في ذلك شأن ما عرفته أجواء كل من العيون والداخلة وطانطان وكلميم، حيث بُوشرت بها رحلات جوية إضافية منذ بضعة أشهر. كل هذا يمكن تحقيقه اعتبارا لما للسمارة من موقع جغرافي يجعلها بوابة خلفية للأقاليم الجنوبية في اتجاه دول الجوار ودول جنوب الصحراء، ستعيد للسمارة تاريخها كما كان مع تجارة القوافل، بعدما كانت في سالف الزمن محورا رئيسيا لسبلها التجارية. والجهات المعنية بهذه المشاريع هي من لها اليد الطولى في تمكين ساكنة السمارة من معانقة حلمهم، في أن ترى حاضرَتها وهي تصبح قطبا مهما من أقاليم الجنوب، من شأنه أن يُعيد لها أمجادها وبريقها سواء على المستوى الميكرو- اقتصادي آو السوسيو- ثقافى.. الأمر الذي سيدفع لا محالة بقاطرة تنميتها بدلا من بقائها عالة تثقل كاهل الدولة وتستنزف ميزانيتها.
تعد المؤهلات الجيولوجية والسوسيوثقافية لإقليم السمارة ميزة تنفرد بها على بقية جهات المغرب. ما خلفية عدم انخراطها الفعلي وانخراطها في استراتيجيات كل من وزارة السياحة ووزارة الثقافة؟ ولماذا لم يُباشَر في تخليقها، والسعي إلى خلق وكالة أسفار وفندق مصنف، وفسح المجال للاستثمار الوطني والأجنبي، والاشتغال عليهما ؟
بصفة عامة وعلى مستوى أكاد أنعته بالشمولي، فإن الاستثمار بالعالم الثالث يبقى استثمارا جبانا.. وطبعا، إذا كانت مسيرة سنوات عديدة مضت دون أن تظهر على الساحة الإقليمية مشاريع استثمارية من حجم مشرف.فإن ذلك انعكس سلبا على المستوى الاقتصادي ... أما المستويات المعنية المأمولة ....فهي بعيدة المنال عن تفكير مثل هؤلاء.. خاصة وأن الرؤى تختلف، فكل يتراءى له موضوع الاستثمار بالسمارة من زاويته الخاصة، الأمر الذي نتج عنه ركود ملحوظ في سوق الاستثمار... إذا قمنا بإعادة عقارب الساعة إلى السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم، فإننا نجد أن السمارة لم تكن تعرف ومنذ هذا التاريخ سوى استثمارات ضعيفة ومتواضعة كانت تتماشى والقدرة الشرائية لساكنتها . لكنه ومع التغيير الذي عرفته هذه المدينة، فإنه أضحى التفكير مواتيا في إنجاز وحدات أكثر تأهيلا، لاسيما وأنها لم تعد تقتصر في انفتاحها ليس فقط على الوافد الأجنبي، بل تعدته إلى المواطن الوافد من أقاليم الشمال والمناطق المجاورة. وهذه ترجمة واضحة لما عرفته الحياة بالصحراء من استقرار، والتغيير الذي طرأ على نمط العيش، انطلاقا من حياة البداوة والترحال، ووصولا إلى حياة المدنية والاستقرار. وأمام التزايد السكاني الملحوظ والمستمر الذي تعرفه السمارة، فإنه أمسى واجبا بذل المزيد من الجهد لتأهيلها على جميع الأصعدة.. وعلى هذا القبيل ، فالمنتجعات السياحية وبقية المرافق المرتبطة بها ، أصبحت ضرورة وواقعا لا مناص عنهما.
في إطار المخطط السياحي الأزرق، يعرف الشريط الساحلي: وادي اشبيكة التابع لإقليم طانطان والشاطئ الأبيض بكلميم، تأهيلا شـُرع في إنجازه منذ مدة، ، وهما اللذان يقعان في التقسيم الجغرافي لجهة كلميم السمارة، ناهيك عن الإعلان عن ميلاد مشاريع سياحية كبرى هنا وهناك، تتوزع على بقية جهات الصحراء، وأخص بالذكر جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء وجهة الداخلة أوسرد وادي الذهب الكويرة. ما السر في الالتحاق الباهت والمتعثر لإقليم السمارة بركب الورشات الكبرى التي تعرفها مناطق الجوار؟
من جميل الصدف أن يتزامن اليوم الذي تحاورني فيه مع افتتاح الموقع السياحي موكادور( 15 أكتوبر 2009). أولا أستسمح - وهذا رأيي الخاص- ، إذا قلت: " إن الخليط البشري للسمارة غير متجانس، ويعبر بشكل مكشوف عن شتات واضح المعالم " ، بحيث نجد أن سكان المناطق الجنوبية وافدون من المناطق الشمالية للسمارة، وهذا ما جعل ابن السمارة الغيور غير موجود.. بمعنى أن كل فرد يفكر في المغادرة بعد أربع أو خمس سنوات. وهي قناعة مستشرية ومتفشية بين الساكنة بشكل كبير، وتكاد أن تدخل في إطار العرف أو القاعدة ( ثقافة اللااستقرار)، وهذا ما جعل السمارة بهذه المعطيات تتأخر كثيرا في شتى مناحي الحياة.. وذلك أن كل واحد يعتبر نفسه غير مسؤول عن ما يقع وعن ما يحدث، في حين أن التغيير مسؤولية الجميع. والغريب في الأمر أنه بعد مضي 20 سنة، يجد المرء نفسه وقد أمضى في المدينة التي يقطن بها مدة التهمت الجزء الكبير من عمره.. ناهيك عن العشرات من المتقاعدين الذين قفلوا عائدين إلى السمارة بعد رحيلهم عنها، وذلك لعدم اندماجهم الاجتماعي والاقتصادي والفعلي مع مسقط رأسهم الأصلي، بحيث أصبح عددهم يفوق الثلثين.... فمسؤولية الإبداع ينبغي أن تكون للساكنة أنفسهم...ساكنة تعنى بواقعها وتساهم في تغيير هذا الواقع...أظن أن المشكل يكمن في الساكنة نفسها ...فحينما تتحمل الساكنة مسؤوليتها، فإني أظن أن السمارة ستكون مؤهلة كغيرها من المدن الأخرى، بما في ذلك الدار البيضاء، التي تعد العاصمة الاقتصادية للمغرب، والتي نجد أنها بدأت كنواة سكنية صغيرة لدور الصفيح وغيرها... فمع التقدم المعماري أضحت المدينة من كـُبريات المدن كما هي عليه الآن. وما نأسف له هو أن ساكنة السمارة لم توقع بعد عقد تصالح مع وضعيتها الحالية، فالمسألة مسألة تحمل مسؤوليات.
" ميشيل فيوشانج " اسم ارتبط ارتباطا وثيقا بالبرنامج الذائع الصيت: " أمودو " ، الذي تربطكم به علاقة جدلية ، البرنامج التابع لشركة : فوزي فيزيون التي يوجد مقرها بأكادير. كيف ذلك ؟
أولا "فيوشانج " شاب فرنسي قدم إلى السمارة متخفيا في زي امرأة صحراوية سنة 1930، وعمره آنذاك كان 26 سنة، تحدوه رغبة شديدة في الاكتشاف والمغامرة، شأنه في ذلك شأن الكثير من مجايليه من شباب ذلك العصر، لكن ليس دائما تسلم الجرة، فالمغامرة هاته انتهت بموته بعد إصابته بمرض عضال . ارتباط اسمه بشركة فوزي فيزيون يعود الفضل فيه إلى عبد ربه، بحيث أمضيت وقتا طويلا في البحث الانتربولجي عن الصحراء، وإلى زميلين أحدهما فرنسي يدعى: باتريك ، الذي جاء خصيصا للسمارة مقتفيا أثر مواطنه الراحل مشيل فيوشانج ، والذي تعذر عليه المضي في نفس المسار الذي مضى فيه فيوشانج بمفرده. التقيت لأول مرة ب : باتريك عندما دارت رحى محاسن الصدف و كلفني السيد العامل الإقليمي السابق: عبد الغني الصبار بالتعاون مع الأجنبي الفرنسي باتريك، ومده بالمساعدة اللازمة،باعتباري مهتما وباحثا في المجال السياحي . وبعد عمل مشترك شاق وطويل تطرق باتريك في حديثه معي إلى موضوع رحلة فيوشانج إلى السمارة... باتريك هذا جاء ليتمم ما بدأه فيوشانج، فقمنا معا بإعادة توظيب الأحداث والوقائع من جديد، وصححنا التحريفات التي طالتها، ليضمها باتريك في نهاية مشواره إلى مؤلفاته التي دونها عن مراحل الرحلة التي قام بها فيوشانج انطلاقا من باريس وصولا إلى السمارة، وقد صدر لـ : باتريك كتاب بهذا الخصوص حمل عنوان :” على خطى فيوشانج " . تضمن ذكر اسمي وما قدمته من مساعدات لمُؤلـِّفِه، وما ساهمتُ به شخصيا من معالجات ذاتية وموضوعية، تفاوتت ما بين الكائن والممكن حينا، وبين الصعب والسهل الممتنع حينا آخر. خطوة كهاته، والتي شهدها إقليم السمارة كسابقة في تاريخه الحديث، أطلق الشرارة الأولى في مسار الاهتمام بقطاع السياحة وترتيب أوراقه، وتسليط الضوء على ما يمكن أن يجلبه هذا القطاع من خدمات ومنافع تعود بالخير العميم على المنطقة وساكنتها. فالسائح الأجنبي على وجه الخصوص لم يعد يفكر في الطاجين والك*** المغربيين، ما دام أنهما متواجدان في كل العواصم السياحية في العالم ، بقدر ما بات يهتم بما هـو تاريخي وثقافي، وبكل ما له علاقة بعادات وتقاليد الشعوب على وجه التحديد. وإنه بعد صدور كتاب باتريك ، عمدت شركة فوزي فيزيون إلى الاشتغال عليه انطلاقا من سنة 2004، وإعداد ريبورتاجات حول عادات وتقاليد الصحراء.. وهي تشتغل كان طاقمها يستفسر الأهالي عن ميشيل فيوشانج... وللإشارة فمن خلال البرنامج الشهير: أمودو - البرنامج الوثائقي المغربي - الذي هو عبارة عن سلسلة من الأشرطة الوثائقية المتميزة التي تبث على القناة الأولى المغربية، و قناة المغربية والإذاعة والتلفزة الجهوية للعيون، من إخراج حسن بوفوس وتنفيذ الإنتاج شركة فوزي فيزيون، كل حلقة من حلقات البرنامج تدوم 26 دقيقة، بلغت الحلقات 106 حلقة مقسمة إلى 6 مواسم. وابتداء من الموسم السابع وصلت مدة الحلقة إلى 52 دقيقة، هذا بعد النجاح الذي لقيه البرنامج داخل المغرب وخارجه.
انطلاقا من مهمتكم الجديدة في المجال السياحي على المستوى الإقليمي، هلا فكرتم في التعامل مع شركات الصناعة السينمائية بغية إنتاج ريبورطاجات وأفلام وثائقية وسينمائية وطنية ودولية أخرى، غير شركة فوزي فيزون ؟
التعامل مع شركة فوزي فيزيون كان تقليعتنا الأولى نحو المضي قدما بقطاع السياحة بالإقليم إلى مراتب مشرفة تستجيب لساكنة المنطقة خصوصا ولتطلعات السياحة الجهوية والوطنية عموما. وما دامت الأفكار العظيمة تبدأ بفكرة ، فإنه من البديهي أن يواكب التطور والعصرنة والإبداع الإستراتيجية المنوطة بقطاع نراهن عليه، والسعي بها سيرا حثيثا نحو تحقيق الأهداف المسطرة مستقبلا. ونظرا لاعتبار السياحة الصحراوية المنافس الأول لسياحة المدن العتيقة بعد السياحة الجبلية، في تراتبية تنازلية لبقية الأصناف الأخرى، كالسياحة الرياضية والسياحة الدينية والسياحة الشاطئية . وما حظيت به ورزازات من عناية واهتمام، وحصولها على لقب عاصمة السياحة المغربية، وما جلبته من اهتمام كبار المنتجين السينمائيين العالميين، حتى أصبحت " هوليوود أفريقيا ". وما ضاعف من رحلاتها المنظمة التي تنقل زبناءها من فرانكفورت إلى ورزازات مباشرة، ثم تعود رأسا من حيث أتت. حيث يغوص السائح بين قصبات الجنوب وواحات النخيل وكثبان الرمال والوديان الجافة، يكتشف عالم الرحل، ويزور حقول بعض الزراعات الخاصة كالحناء والزعفران والورد البلدي. فإن السائح الأجنبي ولعقود من الزمن ظل يخال أن السياحة الصحراوية بالجنوب المغربي تختصر فقط على هذه المناطق. وهذا ما أجهض حقوق هذه الربوع الشاسعة حينا من الزمن. لكنه ومع الجهود المبذولة والثورة التي عرفها مجال الإعلام السمعي البصري، وتأسيس قناة العيون الجهوية والازدهار الذي عرفته الأقاليم الجنوبية، فان اهتمام السياح تزايد باطراد وعرفت المنطقة الجنوبية انتعاشة ملحوظة ...
مشاركتكم في فيلم : " Quatre pierres - الأحجار الأربعة " من إنتاج شركة فوزي فيزيون، خلال شهر رمضان ما قبل الأخير مؤشر قوي على المضي قدما في مسار تأهيل إقليم السمارة سينمائيا، ورسالة واضحة موجهة لأهل السينما والمستثمرين. ما هي قراءتكم لهذا المنحى ؟
النجاح ليس دائما هو الأهم، فالنجاح الحقيقي أولا وقبل كل شيء هو اقتناع المرء بما يفعل، وبما يود الوصول إليه.. بالتالي قبل أن أكون مكلفا بالقطاع السياحي بالإقليم اشتغلت بادئ الأمر على ما هو تاريخي، ثقافي و سياحي في الإقليم. وانتقالا إلى ما هو فني وله علاقة مباشرة بالسينما، فإننا قمنا بالعمل في المنطقة بالاشتغال على عمل درامي حول عادات وتقاليد المنطقة ، ركزنا فيه على مقاربة إبراز المعالم الجيولوجية، البيولوجية، البيئية، والسوسيو- ثقافية، التي تزخر بها المنطقة، والتي تعد معلمتها المتميزة ، تنفرد بها عن غيرها من مناطق الجوار. ونظرا لما تتميز به السينما من مرونة في التعبير وفي التوظيف الجيد لعنصري الزمان والمكان ، وفقا لمقتضيات سرد أحداث رواية الفيلم، وما يتيحه من ميزة نقل المُشاهد الذي تعود على الحكاية والأسطورة والحلقة المتوارثة جيلا عن جيل، إلى قلب الأحداث ليعايشها بصورة أقوى، ويندمج معها بصورة أشد تأثيرا من المسرح الذي يُخضِع عنصرَيْ الزمان والمكان لوحدة موضوعية . قمنا بتصوير فيلم : Quatre pierres » " أربعة حجرات " « بعدما راعينا الإعداد الجيد للسيناريو ومواقفه المتطورة بصورة تقريبية، تحمل في جوهرها الخط الرئيسي للفيلم، وطريقة تسلسل أجزائه الأساسية. تدور مشاهد الفيلم في مضارب قبيلتين صحراويتين. حاولنا من خلالها أن نسلط الضوء على العادات والتقاليد في زمن معين من تاريخ الصحراء بمنطقة الساقية الحمراء، إبان فترة اللااستقرار والترحال وانتجاع مواقع الكلأ ومواسم الأمطار. فبعد اتصال هاتفي مع منتج الفيلم " أربعة حجرات " لشركة فوزي فزيون، تمكنت من الحصول على السيناريو الذي كتب بداية باللهجة الحسانية لمنطقة طاطا ومحاميد الغزلان. ونظرا لأن العمل مسجل بالمركز السينمائي المغربي ، واعتبارا لتقارب لهجة وعادات وتقاليد هذه المنطقة بعادات وتقاليد ولهجة إقليم السمارة، فقد قمت بإعادة كتابة السيناريو باللغة العربية الفصحى على شاكلة النسخة التي توصلت بها، بحيث غيرت ما أمكن تغييره من حيث اللهجة والعادات والتقاليد ، كما قمت بتحسين الفكرة الأصلية، وصولا به في النهاية إلى سيناريو تنفيذي، قبل أن أحيله على شركة فوزي فيزيون. ومباشرة بعد إتمام العمل تحركت الشركة في اتجاه إقليم السمارة للتصوير. ولا أخفيكم سرا فإن جل القائمين على إنتاج الفيلم وتصويره شُدِهُوا بما وقعت عليه أبصارهم من سحر مناطق التصوير وجماليتها الخلابة، واعتبروها بلاطوات جديدة لأفلام وأشرطة وثائقية وتاريخية ستنضاف إلى مثيلتها بورزازات وزاكورة ومرزوكة ومناطق أخرى من التراب المغربي. لكن رغم كل هذا، فالجانب السينمائي جبان في ما هو ثقافي وسياحي، فيما تتوفر السمارة على إمكانات هائلة يمكن للصناعة السينمائية أن تجد ضالتها بربوعها. ونظرا للتجربة الكبيرة التي راكمتها الشركة، فإنها تمكنت بترسانتها المتمثلة في عناصر تشكيل السينما من: سيناريو وحوار وتصوير وديكور و هندسة المناظر والمونتاج والمؤثرات السمعية والمؤثرات البصرية والموسيقى التصويرية، وما برع فيه الممثلون أبناء الإقليم ، من إنجاح الفيلم وتسويقه للقناة الأولى المغربية. وانطلاقا من هذه الزاوية، فإمكانية إعادة هيكلة نمط العيش التقليدي– النسقي (نشاط رعوي، صناعة تقليدية، تجارة) وتوظيفها على نحو أمثل، سيساهم حتما في تقليص محدوديتها المتواضعة، خدمة لتنمية سياحة بيئية وثقافية متمحورة حول المحميات الطبيعية ، خاصة وأن المجال شاسع ويسمح بذلك. الصحراء الداخلية لم تستفد من برامج اقتصادية إنمائية حقيقية، قادرة على خلق التوازن بين المدن المكتظة والبوادي الفارغة، مما ساهم في تفسخ البنيات التقليدية التي كان من المفروض استثمارها في صناعة سياحة بيئية، كما تتحقق وظيفيا، والسمارة اليوم لا تكاد تظهر على الخريطة السياحية، لكن مع الاهتمام الذي أبداه السيد العامل الجديد : محمد سالم الصبطي لقطاع السياحة سيشكل لا محالة رافعة حقيقية للسياحة الإقليمية، على غرار المناطق المجاورة.
ساهمت قناة العيون الجهوية إلى حد جد مشرف بالتعريف بالمنطقة الجنوبية، وبعادات وتقاليد أهل الصحراء وطنيا ودوليا. كيف ترون مجهودا مبذولا كهذا ؟
طبيعي جدا أن كل مولود قبل يصبح واقعا يتعرض لانتقادات، في كثير من الأحيان تكون غير صائبة، لكن حينما يصبح واقعا يبدأ النقد .. أولا ومن المحمود لها اعتمادها على الكفاءات المحلية..طبيعي جدا أن البداية تكون دائما صعبة . أما بالنسبة للبرامج فشأنها شان جميع القنوات تخفق هنا وتصيب هنا وتصيب هناك مائة في المائة ..وذلك حسب المشاهد أولا، وخلفيته لأنه هو من يـُقيـِّمُ العمل. ومن هذا الجانب شأني شأن كل المشاهدين، قد أنتقـد سلبا هذا الموضوع أو ذاك، وقد أنتقد إيجابا هذا الموضوع أو ذاك . بالتالي في مسارها حينما تراكم محطة من هذا النوع خبرة، يجب أن تراكم تجربة معينة. أكيد أنه على المستوى المستقبلي يجب أن تكون رائدة وستكون لها كلمتها. لكن الوضع الحالي نظرا لكثير من الظروف التي قد لا نؤاخذ القائمين عليها –يعني- بحكم المرحلة التي ظهرت فيها وكذا الأشغال الخ... يعني هناك من المسائل ما تشفع للقناة في كثير من المَشاهد إن صح التعبير. ولكن صحيح أن هناك برامج بسيطة، وهناك برامج واعدة. وهناك قيمة مضافة على مستويات معينة، وفي برامج أخرى تنقل الأشياء إلى المُشاهد بعضها ما تاريخي.. ما هو عادات.. ما هو تقاليد.. فعلى الأقل تمكن الناشئة من فهم اللهجات القديمة التي بدأت تنأى وتبتعد عن أصولها وعن تقاليدها، وأظن أنها تلعب دورا مهما.
ساهم إلى حد كبير حضوركم ومشاركتكم في انتخابات 2007 و 2009 كمراقب لفترتين متواليتين، في توفيير جو من الانضباط والالتزام والشفافية. إلى أي مدى تستطيعون تقديم تفسير لهذه المسألة ؟
طبعا ليست مشاركتي هي التي ضبطت، بل هي عامل من العوامل التي ضبطت، على اعتبار أنه ظهر بشكل لافت حياد السلطة، وإن كان في كثير من الأحيان حياد سلبي، ولكن على مستويات معينة أعتبرها قفزة نوعية ، - يعني - ظهر وعي غير مسبوق للمرشحين وغيرهم، خاصة أنه حين يبدأ الوعي بأنه هناك رقابة صارمة، على اعتبار أنه وجه من أوجه التوجه الكبير الذي سوف لن تنتظر ثماره حاليا، ولكن فالمستقبل يَعِد بتغيرات قد تـُسَهِّـلُ وُلـُوجَ طاقات شابة مثقفة في مجال الاستحقاقات والانتخابات إلخ...
ما علاقة منتداكم بحقوق الإنسان، علما أن هناك بالسمارة جمعية ناشئة تعنى بحقوق الإنسان؟
فعلى المستوى الفرعي في علاقاته بالخارج يعني بالعديد من المؤسسات والجمعيات ذات التوجه، وهو كذلك يعني خليط من المنتدى العالمي، باعتبار المنتدى الاجتماعي العالمي الذي يعقد كل سنة بالدول المناهضة للعولمة.. وعلى المستوى الفرعي نحن نعمل جادين أولا على إيجاد تصور مع ما يمكن أن يتحرك في إطاره، دون نخرج عن سياقه العام وعن دليله، وما رُسِمت في مخططاته على المستوى المركزي.
للسيد النعمة مؤلفان الأول صدر سنة 1992 والثاني قيد الطبع..كيف ذلك ؟
طبعا الكتاب الأول هناك الشعر الحساني باعتباره ديوان الصحراء من خلاله الحديث عن المتن..يعني عن القصائد الشعرية. يستطيع المرء أن ينفد إلى عادات وتقاليد المجتمع الصحراوي في فترة اللااستقرار البحث والتمحيص من خلال هذه القصائد الشعرية... الكتاب الثاني هو مغاير، وهو يُعنى بكل ألوان وأشكال الثقافة الحسانية. ارتأيت أن يكون دراسة وصفية، حتى يتسنى للباحثين الآخرين إيجاد أمثلة، ينبغي عليهم أن ينتبهوا لهذه الظواهر ليدرسها كل من موقعه، سواء على مستوى علم النفس، أو علم الاجتماع، أو الانتربوجيا، أو الايكولوجيا، أوالاقتصاد الاجتماعي ...الهدف منه توجيه الباحثين الشباب، على اعتبار أنه بالإمكان اللجوء بسهولة إلى موضوع معين، والوصول إلى ما يُرغـَبُ فيه.
هل سبق لك بحكم إلمامك بالصحراء وبثقافتها وبعادات وتقاليد المجتمع الصحراوي، وباعتبارك من أهل السمارة الأدرى بشعابها، أن أشرفت على رسالات إجازة ودراسات معمقة لطلبة باحثين يشتغلون على نفس توجهكم ؟
ساهمت في أحايين كثيرة في مد يد المساعدة لكثير من الطلبة الجامعيين على إعداد رسالاتهم، وخصوصا منهم الذين ينحدرون من الأقاليم الجنوبية، لكن على المستوى الرسمي لم أباشر أي التزام بعد.
شهدت مدينة السمارة أيام 10- 11-12و 13 شتنبر 2009 الموافق ل 20-21-22 و23 رمضان 1430 بإشراف من عمالة إقليم السمارة وبدعم من مجالسها المنتخبة وبتنظيم من جمعية السمارة للتراث والطرب الحساني، ملتقى السمارة للمديح النبوي الحساني تحت شعار: البعد الديني في الإبداع الفني بالأقاليم الجنوبية تكريس لوحدة المذهب والهوية. شابت مهرجان السمارة الثقافي والسياحي في نسختيه الأولى والثانية بعض الهفوات.كيف تقيمون تظاهرة ثقافية كالتي عرفها إقليم السمارة ؟
معروف أن السمارة عرفت مهرجانا ثقافيا وسياحيا في نسختيه الأولى والثانية. وطبعا منذ البداية فالفكرة كفكرة تبلورت مع الزمن. فالمهرجان في نسخته الأولى ليس هو المهرجان في نسخته الثانية فهناك تطور، لكنه من حيث الرؤية يختلف عن المهرجان الحالي، الذي هو ملتقى. على اعتبار أنه ذو طابع شمولي أما بخصوص ملتقى السمارة للمديح النبوي الحساني فالفكرة تعود إلى السيد العامل الإقليمي ..والمهرجان الثقافي والسياحي للسمارة في نسختيه الأولى والثانية، يختلف عن المهرجان الحالي ملتقى المديح النبوي الحساني ، وذلك اعتبارا للطابع الشمولي الذي يدخل في نطاق الإستراتيجية والرؤيا التي تبناها طبعا السيد العامل، من موقع أنه صاحب الفكرة، وانطلاقا من احتضانه من طرف جمعية: " السمارة للتراث والطرب الحساني " ، والمراد منها أساسا محاولة أن تسترجع السمارة مكانتها وإشعاعها الديني ، الذي تسترجِع من خلاله ما هو ثقافي، ما هو سياحي وما هو تنموي، فالفكرة في حد ذاتها استراتيجية. هكذا، وعلى مستوى التطبيق من حيث الزمن الذي تم فيه الملتقى - شهر رمضان الأبرك - فالظروف كانت مواتية.
حـاوره : العربـي الـراي/ رئيـس : جمعية آفاق للمقاولة والتنمية - A.H.E.D -
ساحة النقاش