لأننا نعيش عصرًا يشهد كل يوم تطورًا جديدًا في الحياة فقد اكتسبت أشكال العلاقات الإنسانية الصفةَ نفسها وأصبحت تتطور بسرعةٍ مذهلةٍ؛ فالأبناء قد لا يلتقون بوالدهم إلا يومًا واحدًا طوال الأسبوع، وأحيانًا أكثر من ذلك، وعلاقتهم بوالدتهم لم تكن كالعهودِ السابقة، فسرعةُ الحياة جعلت العلاقات أيضًا سريعة "تيك أواي"، فلا حديث طويل ولا سهرة تجمع أفراد الأسرة ولا...إلخ.
وهو الأمر الذي انسحب على نمطِ التفكير لدى الأبناء؛ من ذلك مثلاً علاقة الفتاة بأمها، والتي كانت في الماضي المثال الجيد على احتذاءِ الفتاة لنهجِ أمها، وهو مغزى المثل السائر "اكفِ القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"، إلا أنَّ عالمَ اليوم افتقد أسمى المعاني وأبسط قواعد الفطرة، ولم نعد نتعجب من أن تتصارع الأمهات وبناتهن.
وكأي علاقةٍ أخرى هناك أسباب، وهناك مخطئ، ودائمًا الدوافع ليست مبررةً للذنوب؛ فحينما تبتعد الأم عن ابنتها وتدفعها للبحث عن بدائل تُوجِّه فيها مشاعرها واحتياجها النفسي حينها فقط نستطيع أن نقول إنَّ تلك الأم فشلت في وظيفتها الأولى وفقدت رسالتها الأسمى.
سندس (24 عامًا) تقول إنها تحب والدتها حبًّا جمًّا، وإنهما كانتا في قمةِ التفاهم والوفاق، ولكن فجأةً اختلف الوضع وأصبحت أمها تُسيء معاملتها، على حدِّ قولها، رغم أنها تحاول إرضائها ومساعدتها في أعمال المنزل رغم أعبائها في العمل، ورغم ذلك دائمًا هي غاضبه منها، وترى سندس أنَّ أمها تحبها "حب امتلاك" يختلط بعاطفة الحنان، وتقول: "أخذت قرارًا مع نفسي أن أحتفظ بأسراري عنها، وأن أبدو لها غامضةً حتى تشعر أنها تُؤذيني بشدةٍ؛ فأنا متضايقة جدًّا منها".
وتضيف فاتن (23 عامًا): أشعر بعدم الثقة في نفسي وبالاضطراب، وأشعر أنني غير قادرة على مواجهة الحياة، وأعلم يقينًا أنَّ أمي علمتني أن أتبعها في كل شيء وفي خطواتها، وصادرت رأيي وحياتي مرارًا، واستسلمتُ لها، واليوم أشعر حقًّا بالضعفِ وعدم القدرة على تحمُّل المسئوليات، وأرى أنها فجأةً أدركت أنني شابة، فبدأت تُطالبني بأداءِ دوري، ولكني لم أشعر يومًا بذلك، ولم يكن لي رأي أو قرار من قبل، ودائمًا ما كانت تُصادره ولا زالت تفعل، ولا أعلم ماذا يفترض بي أن أفعل الآن حتى ترضى وتتوقف عن الغضب وعن استنكار كل سلوكياتي الطيب منها والسيئ.
وتقول إسراء (18 عامًا): إنَّ أمها تحاول أن تُجبرها على العيش في حياتها، وأن تلغي شخصيتها وتتجاهل عقلها، ولا تسمح لها بالإفصاحِ عن رأيها أبدًا، وإن فعلت ترفضه بشدةٍ وتحقره، وتقول إسراء: "دائمًا أمي تُسيء لي أمام الآخرين، وتكون إساءتها أشد قسوةً وأكثر إيلامًا عندما نكون على انفرادٍ ولا يرانا أو يسمعنا أحد، فكثيرًا ما تقول لي: "أنتِ حشرة؛ أدوسك برجلي"!!.
وتصف سناء (16 عامًا) علاقتها بوالدتها قائلةً: أمي دائمة الخلاف مع والدي، وهي تستاء كثيرًا من قوةِ الصلة بيني وبين والدي، وأنا أحب والدي كثيرًا، وأشعر أنَّ أمي تكره حبي له داخلها، وأنَّ هذا سبب صدامها معي كأني خصم لها ولستُ ابنتها".
والآن ما رأي المتخصصين في مثل هذه الحالات؟
لم تفهم بعد..!!
يوضح د. هشام رامي أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس أن أساس المشكلة هو أنَّ الأم لا تدرك أنَّ كل مرحلة في حياةِ ابنتها تتميز بظروفٍ خاصة ومعقدة تحتاج منها اهتمامًا كبيرًا وفهمًا واسعًا وإدراكًا وتخطيطًا، فيكون الالتصاق والامتزاج الشديدين في طورِ الطفولة؛ حيث الابنة المهذبة المطيعة التي تحتاج للأم في كل صغيرةٍ وكبيرة، وتدريجيًّا تكبر الطفلة ويسمح لها الأهل بمساحةٍ من الحرية والاختيار فتختار نوعَ الطعام الذي تأكله ثم تبدأ في اختيار لونِ ملابسها ثم نوعها، وهكذا في كل مرحلةٍ تزيد مساحة الحرية حتى تصل العلاقة من التعليم والتلقين إلى الرقابةِ والإشراف، ثم إلى الصداقة والمشاركة والتحاور؛ لأنَّ الأمَ تكون قد أتمت دورها ووظيفتها الأمومية، وعلَّمت ابنتها السلوك الصحيح وفن التعامل مع البشر والقيم والأخلاق.
وفي حالاتٍ أخري يكون سبب هذا النفور بين الأم وابنتها عدم قدرة الأم على التعبيرِ عن حبها سواء لفظيًّا أو جسديًّا؛ فيولد لدى الابنة شعور أنَّ أمها لا تحبها؛ لأنها لا تراها إلا في صورتها الجادة بين الأمر والنهى والتوبيخ.
غيرة الأم!!
ويشير إلى بعض الحالات الاستثنائية، والتي لا يكون فيها حب الأم وخوفها هو الدافع لحصار ابنتها، ولكن قد يكون السبب الخلل النفسي لدى الأم؛ فقد تكون الأم تعاني إحباطًا أو اضطرابًا في حياتها الزوجية أو العملية مما يُعيقها من تكوين علاقةٍ نفسيةٍ سليمةٍ مع أولادها، وخاصةً ابنتها.
وكذلك نجد إحدى الأمهات تعتبر ابنتها منافسةً وخصمًا لها، وترى في براءتها وانطلاقها تحديًّا لها، فتبدأ في قهرِ ابنتها وممارسة التسلطِ عليها ومحاولة مسح شخصيتها.
ويستنكر الطبيبُ خوفَ الأم الزائد النابع من إحساسِ الحب؛ لأنه قد يصل لدرجة إصابة ابنتها بخللٍ نفسي، ويقول: حتى هذا الخوف والحرص إذا تخطَّى حدوده فهو تدميرٌ لشخصيةِ الابنة؛ لأنه سوف يُخيفها وسوف تصبح امتدادًا لشخصية الأم.
اضطرابات المراهقة
ومن ناحيةٍ أخرى قد تكون المشكلة من ناحية الفتاة؛ فبعض الفتيات يُولدن بمزاجٍ عصبي يُؤثِّر على علاقتهن بأمهاتهن أو على العكس، فقد يكونون أطفالاً طبيعيين ولكن تأتي فترة المراهقة بتغيراتٍ واضطراباتٍ يصحبها تأثر بالعالم الخارجي، سواء الإعلام أو الأصدقاء، مما يدفعها لتحدي أُمها؛ فتدريجيًّا تبدأ كلٌّ من الأم والفتاه في الانتماءِ لمنظومة قيمية مختلفة عن الأخرى؛ لأن الأم لم تُطوِّر نفسها لتتقارب مع الابنة، ولأن الأخيرة تفتقر الخبرةَ وبعد النظر لفهم نفسها وفهم أمها، ولأنها تأخذ الإطار الفكري لوالدتها بعدوانيةٍ وتحدٍّ.
ويوضح د. هشام رامي أن آثار ضعف وتوتر العلاقة بين الأم والابنة هي إصابة الابنة بعدم تقدير ذاتها الذي قد يصل بها إلى التحقير وعدم الثقة بالنفس والانعزال والميل للوحدة، وتصبح هذه الفتاه أكثر من غيرها عرضةً للإصابة بالاكتئاب، وكذلك تصبح أقل من غيرها استعدادًا لأن تُصبح أمًّا؛ لأنها لم ترَ الأمومة الصحيحة.
وكذلك تصبح شرهة للعلاقاتِ الاجتماعية فتهرع للصداقات والعلاقات الخارجية، وأكد أنَّ أسوءَ الآثار على الإطلاق هو بحث الفتاة عن البديل الذي قد ينتهي بعلاقاتٍ مدمرةٍ مع صديقاتٍ أو أمهاتٍ أُخريات أو حتى رجالٍ قد يتربصوا لتلك الحالاتِ لاستغلالها على أسوءِ صورة.
ويؤكد أن أفضل شكلٍ للعلاقة بين الأم وابنتها هو الوسطية التي تقوم على أساسٍ من الحوار والتفاهم وتوجيهِ النصائح الممتزجة بالحب، وأكد ضرورة توفير مساحةٍ من الخصوصية وحرية الاختيار للفتاة على أن لا تخرج عن إطارِ التقاليد والعرف التي تحكم المجتمع.
ويقول: إن أفضلَ علاجٍ لهذه الحالة هو الوقاية منها بأن تراقب الأم نفسها وأسلوبها مع ابنتها، وتتبع فن التعامل وذوقياته معها، وأن تلجأ لجلساتِ الإرشاد النفسي والتعلم السلوكي، وأكد أن إدراكَ الأم لمشكلتها هو نصف علاجها.
حكاية الأسرار
ويوضح د. إمام حسين الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الفتاةَ تقوم بسلوكياتٍ تعلم أنها خاطئة وتخشى أن تُفصح عنها لأمها؛ وذلك لاتساع المسافةِ بينهما أو قد تُجرِّب أن تخبر أمها مرةً فتصدمها الأخرى بأن تُفشي سرها إلى والدها أو أصدقائهم، وهنا تعاني الفتاة جرحًا؛ لأنها غالبًا لا تريد أن يعلم الجميع ما تشعر بأنه سرٌّ قوي أفصحت عنه.
وأرجع حسين هذه الفجوةَ لخروج المرأة للعمل وانشغالها عن ابنتها وعن متابعتها ومشاركتها أمور حياتها، فنجد العلاقة منحصرةً في مجرَّد تنفيذ الأم لطلباتِ ابنتها دون حوارٍ أو نقاشٍ، هذا بالإضافةِ لدور الإعلام في إفقاد أي حوار يحدث لمضمون أن الإعلام غالبًا يقدم عادات وتقاليد تنافي أعراف المجتمع وتناهض سلطة الآباء، وتدعو للتحرر والانفتاح فنجد الشابات في الدراما يسعين للتحرر من قيود أمهاتهن ويهرعن للاستقلال، وبالتالي تبدأ المراهقة في العمل على محاكاةِ هذا الاستقلال الذي يشعرها بذاتها كامرأة.
ويشير د. إمام حسين إلى أهمية التواصل بين الأم والابنة، ولكن على أن تحتفظ الابنة في إطار هذه العلاقة بشخصيتها المستقلة، وأن تراعي الدين والعادات والتقاليد حتى لا تصبح نسخة أخرى من أمها.
ويحذر د. إمام حسين من الاندماج والذوبان المفرط للفتاة في أمها الذي يصحبه تسلط وسيطرة من الأخرى؛ لأن الأولى سوف تفقد شخصيتها تدريجيًّا وتصبح اتكاليةً غير قادرة على اتخاذِ أي قرارٍ، وقد يصل الأمر لعدم قدرتها على أداء أي مهمة وحدها حتى مهام المنزل، وهنا تأتي المشكلة الأكبر وهي عندما تتزوج الفتاة.
وتطالب بتحمل مسئولية بيت مستقل فلن تكون قادرة على بدءِ الحياة بدون أمها؛ الأمر الذي قد يرفضه الزوج وأهله بشدة؛ حيث قد تتفاقم الحالة وتصل لإصرار الزوجة على بقاءِ أمها معها دائمًا، وفي بعض الحالات لا تنتقل الفتاة من بيت أمها رغم وجود بيت مستقل لها، ولكنها تشعر دائمًا بحاجتها للوجود في بيتها الأول بجوار تلك الأم وكنتيجةٍ أخرى أكثر خطورةً نجد الفتاة ترسل أبناءها لجدتهم؛ لأنها غير قادرة على أداءِ دورها ومسئوليتها فيتشبع الأطفال بحنان وعاطفة الجدة، ويفتقدون حنان الأم؛ الأمر الذي ينتج لنا أشخاصًا آخرين غير أسوياء؛ وبهذا تكون الأم التي أخطأت تربية ابنتها وعملت على إلغاءِ شخصيتها قد أنتجتها للحياةِ امرأةً غير سوية، وكذلك أخرجت منها أبناءً غير أسوياء.
أزمة الزواج
ويقول د. إمام حسين: إنَّ الأمرَ يتفاقم ويصل كذلك لعلاقةِ الابنة بزوجها؛ فلأنها تربَّت على القهرِ والتسلط ومصادرة آرائها وتجاهل شخصيتها نجد أنها تسلك أحد ثلاث طرق مع زوجها؛ إما تصبح امرأةً خاضعةً للقهر وتستسلم لأي نوعٍ من العنف، وإما تثور على كلِّ ما مارسته عليها أمها فنجدها تتمرد على كل شيء العادات والتقاليد وكذلك تتمرد على الزوج، وإما تحتفظ بتقاليدها وعادتها ولكن تبدأ في تقمص دور التسلط والسيطرة وتحاول مصادرة رأي زوجها وأولادها. وفي كل الحالات يكون انهيار الأسرة.
ويُقدِّم نصيحةً لكل أم بأن تعلم أنها وجب عليها في فترةِ مراهقة ابنتها أن تكون قريبةً منها وليست رقيبةً عليها؛ لأن كل إنسانٍ يستطيع أن يتهرَّب من الرقابة ويفعل ما يريد طالما لا يوجد وازع داخلي يردعه؛ وإذا فعلت الفتاة خطأً فعلى الأم أن تُناقشها بهدوء، وأن تتبع معها نظام الحوار في كل لحظةٍ وكل موقف، وأن تصطنع لها مواقفَ وقصصًّا تخلط فيها بين الواقع والدروس الخفية؛ وذلك لأداءِ دور التربية دون أن تنفر الفتاة.
العودة لحضن أمها
ويوضح د. صلاح الفوال أستاذ علم الاجتماع أن العلاقةَ بين الأم وابنتها تعاني توترًا بقدر ما تعانيه الفتاة المراهقة من توترٍ، فهي تبدأ في النفور من توجيهِ أمها وتشعر أنها تعرف الحياةَ أفضل منها، ونجد مشاعرَ من الكره تنمو داخل الفتاة وعدوانيةً وتمردًّا، ويؤكد أهميةَ أسلوب التوجيه الذي لا بد أن يخرج عن إطارِ الأمر والنهي الذي هو غالبًا أسلوب فاشل، ولكن لا بد من سلوك أسلوب عملي غير مصاحب للموقف أو للخطأ الذي ارتكبته الفتاة؛ وأن يكون التوجيه في ظروفٍ تسمح بالتوجيه؛ أي تنتظر الأم حتى يمر الموقف وتبدأ بعدها بفترةٍ في المناقشة والحوار الهادئ دون أن تُشير إلى الموقف حتى تُربي داخل ابنتها احترام الذات والمسئولية، وأيضًا مراجعة الذات وجلدها في حالِ الخطأ.
ولا بد للأم أن تخلق أوقاتًا ممتعةً تشاركها لابنتها (خروج وحدهما- طبخ أكلة جديدة معًا- مناقشة مشكلة أحد الأصدقاء).
ويرى أن الإعلام أساء كثيرًا للأم وشوَّه صورتها، وأخرجها من إطارِ الاحترام والتبجيل إلى زاويةِ المناهضة والتمرد.
لم أعد طفلةً
أما د. هشام بحري أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهر فقال: إن الخطأَ يقع على الأم والأب معًا، ولا بد من تدريبهما على أسلوبِ التعامل الصحيح مع أولادهم، وخاصةً الأم لأنها تصبح أكثر عصبيةً مع ظروف عملها وبيتها وتصبُّ غضبها على ابنتها؛ وقال: إن هذا التعلم المطلوب كانت الأم تكتسبه من القدوةِ من خلال أمها أو جدتها أو أختها الكبرى؛ إلا أن المجتمعَ الآن أصبح يعاني التفكك الأسري، وأصبح كل طرفٍ في مكانٍ تأخذه مصاعب الحياة.
وأكد د. هشام أن أكبر خطأ تقع فيه الأم أنها تظن أن فتاتها لا زالت طفلةً، ولا ترى أنها كبرت، وأنها أصبحت شخصيةً جديدةً تمامًا عليها، وليست تلك الطفلة السابقة المطيعة التي لا تعرف سوى أمها؛ بل أصبحت فتاةً تستقبل من عالمها الخارجي ومن أصدقائها ومن زملائها ومن الشارع حولها، ومن المضامين الإعلامية التي تتلقاها يوميًّا الكثير.
فتاة تتمرد
. محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة سابقًا يؤكد أن الفجوةَ بين الأمهات وبناتهن أصبحت مشكلةً في المجتمع الآن بسبب البعد عن الدين، مشيرًا إلى أن تلك الظاهرة تقل بشدةٍ في البيوت التي تقوم على الأساس التربوي الصحيح؛ وقال إن الأم مطالبة بأن تُحسن إلى ابنتها وتعاملها عندما تبلغ مبلغ الشباب باحترامٍ لشخصيتها ومراعاة لعقليتها، وإذا كانت مختلفة معها فلا بد أن يكون الحوار هو الأساس للذهاب إلى رأي يرضيهما معًا.
ويقول إن أغلب تلك الحالات يكون السبب فيه هو تمرد الفتاة على نظام الأسرة، وهذا خطأ للفتاة لأنها تكون مهما كانت درجة استيعابها للحياة والأمور حولها فهي كثيرًا ما تغفل عن الأصح والصواب الذي هو جلي أمام الأب والأم أصحاب الخبرة الواسعة، وعلى الأم أن تلجأ إلى الإقناع المنطقي، وأن تعمل دائمًا بهمةٍ لتكون موضع ثقة ابنتها لتصبح أقرب صديقاتها، وليست مجرَّد أم وابنة لها الولاية عليها.
شيء من الحنان
وعلى الأم أن تدرك أنه لا شيء على الإطلاق ينبغي أن يحول بينها وبين منح ابنتها حاجتها الطبيعية من الحب والحنان والرعاية، وأنها تفسد كيانها كله إن حرمتها من هذه المشاعر الذي أودعها الله برحمته في كيانها، وأن تدرك أن هناك قدرًا مضبوطًا من الحب والحنان والرعاية هو المطلوب، وأن الزيادةَ فيها كالنقص، كلاهما مفسد لكيانِ الفتاة، وأكد أن الحسم ضروري كالحب تمامًا، فهو يُنمي عند الفتاة القدرة على الضبط والجدية في السلوك، وعلى الأم المسلمة أن تضبط الميزان بين الحب والحسم، وأن تغرس في الفتاة حب الله والتعلق به وأن تكون صلتها بالله أقوى الصلات وأغلى الروابط، وكذلك الخوف من غضب الله تعالى والشوق لرضاه حتى تخلق وازعًا ورادعًا ومرجعيةً للفتاة تحميها من مصاعب ومكائد الحياة
ساحة النقاش