قصيدتان
(1)
زبد
"أعدتُ قراءتي فعرفتُ غيريَ فيَّ"
سيقطعون الطّريق إلى آخره
وأقطع التّاريخَ وحدي
وأمرّرُ اللّغةَ الغبار بين الأرصفةْ
وأجوب عمقي أَفْتِشُ أردية القمرْ
وأسمع صوتكِ القابع في الأغاني
كطيفِ صورْ
سيرحلونَ
فقد رحلوا إذنْ
وبقيتِ مع أصواتهم شبحاً
لا يعلّق في جدار أو وترْ
ذهبوا بعيدا، قاطعين مرورهم
بغرورهم
فكنتِ غصناً ميّتاً ولهى السّفرْ
رحل الكبارْ
ولم يعطوك وعدا غير نارْ
رحلوا إلى نجوى الجوى المخضرّْ
يغتسلون من سفاح يديكِ في ذاكَ النهارْ
ومات صوتك مثل طير من حذرْ
سيقطعون ما قطعوا
وأقطع ما قطعتُ
ولست بناظرٍ غيري أحدْ
وستقطعين مسافة الوهم البليدة
كلّما مرّت ببالكِ
كل أوهام الأبدْ
وستدركين عند حلول العيدْ
أنّ كأسهمُ كانت
- كما كانت-
وما زالتْ
وحولا من زبدْ
وحدي سيبقى النّهرُ لي
وغزالتي الّتي ربّيتها تأتي إليَّ
آتيها
وتشربُ من يديّْ
في طهر محرابِ المطرْ
(2)
أغنية لتشرينَ الجميل
تشرينُ يا حلو الملامحِ مرمري
يا أزهري
يا كأس شعرٍ سكّري
قم ههناك مصلّياً
هادٍ لوصل مُسكرِ
تشرينُ يا دفق السّحاب الممطرِ
قد سحّ يغسلني
حبّا يفيض بأنهري
عطراً شهيّاً هائما في قلب هذي الأسطرِ
تشرين يا وَردي
ويا وِردي
أناجيلي
مزامير الخلودِ
صداه معنىً عبقري
سيظلّ يحكي للهوى هذا الفؤادُ الأشعري
غجريّة مثلى
صوفيّة الأنفاسِ إغراق الجموح المبصرِ
تشرين يا ولدي الأبيَّ
ويا أبي
ويا بهيَّ المنظرِ
حلو العناقِ على جنون توتّري
ببنوّة كبرى
وأبوّة عظمى
تعلّق في انبلاج تحرّري
تشرينُ فلسفتي العميقة في براح أخضرِ
شجري الطّويلُ
بفيءِ ظلّ شاسعٍ متعطّرِ
متعمّد بندى الصّباح المسفرِ
تشرينُ فارق أصفر الأوراق
في فصل الخريف الأبكرِ
أسودي حزني ولوني الأصفرِ
ليكون أمتع من ربيع سابح
في شهد معنى أبجديّ راقص متزنّرِ
تشرين يا ليلي الطّهورَ
ويا نعيم تطهُّري
نهاراتي
مهاراتي
وأفراس الذّكاء المبهرِ
سرّ تغلغل في القصيدة حاملاً
شوقي وأحلامي
وبعض تستّري…!
تشرين الثاني/ 2018