فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

هل من تفسير لسحر الصورة؟

فراس حج محمد/ فلسطين

لعلكم تعرفون قصة لوحة المونليزا للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، فمن كان الأجمل يا ترى اللوحة أم صاحبة اللوحة؟ سؤال يخطر على البال كلما شاهدت تلك اللوحة العجيبة التي أبدعها ذلك الفنان ومنح الألوان والظلال شيئا من روحه وإحساسه، فجاءت أعجوبة فنية فائقة التأثير.

كثيرة هي الاحتمالات التي تجعلك تقف متأملا وجها في صورة ما، وما هي تلك الأفكار التي ارتسمت على هذا الوجه لحظة التصوير وحجب ظلها لتثير تلك الملامح أشجانك وتفكيرك، فدائما وأبدا يظل للصور وقع خاص في النفس، فعلى الرغم من أنك قد ترى الشخص عيانا كل يوم، إلا أنه عندما يمنحك صورته الشخصية لتكون رفيقتك في حلك وترحالك ولتكون أنيستك في وحدتك، هو شخص يعزك ويقدرك، ويراك أهلا لثقة مطلقة، ولولا ذلك ما فعل.

وعلى ذلك تفعل الصورة مفعولها فيك؛ فتحرك إحساساتك ومشاعرك، فتفيض بكل معاني الحب والألفة، لتغدو معتادا على رؤية أحبابك كل وقت، ولذلك كان للصور كل هذا السحر وذلك الألق، فلا تستطيع بعدها أن تتخلى عنها مهما حدث من بُعْدٍ وقطيعة وخصام، فالغرام أسبق وتغلغله في النفس لا يزيله ولا يزحزحه ظرف طارئ، لله در هذا الاختراع كما أشقانا، ولله دره كم أسعدنا، فهو في الحالتين ذو فعل عجيب، يدوم سحره ما دمت حيا تتنفس وجدا!!

تحاول أن تقرأ الوجه وما يستكن فيه؛ فإن رأيت غموضا تحاول معرفة أسبابه، وإن رأيت وضوحا وتلألأ يملأ فضاء اللوحة تحاول أن تعلل ذلك رابطا ما تعرفه بما تتوقعه، لتنتج صورة متخيلة أخرى تستقر بوعيك تاركا لعقلك الحبل على غاربه ليسرح في ملكوت التفسير والتأويل، فتتشرب تلك الملامح لتعود تسكنك ولا تبرحك في أي وقت!!

تتداعى الخواطر شتى في تأمل الأعمال الفنية الرائقة، والصور البديعة، واللوحات الفنية، تحس بجمالها، تحاول التفسير، تحاول أن تقتنع بشيء ما، لكنك تعجز بالتأكيد أن توضح لنفسك ما تريده، وكأنه السحر، يفيض بعقلك وقلبك ووجدانك فيغمر أركانك بشيء ما تحسه نورا يملأ جنبات النفس دون أن تستطيع وصفه، أليس ذلك هو السحر، فمن منا يستطيع أن يعلل السحر أو يفهمه؟

والآن: فلنوازن، مع أنني لا أحب الموازنة بين الأشياء المختلفة، لأن لكل شيء ميزته وسحره، ولكن نحاول ذلك سريعا عقد تلك الموازنة غير المنصفة بين الطبيعة الخالدة واللوحة الفنية، فلعلنا نجد في اللوحة ما هو أبعد من الطبيعة الصامتة، فالعمل الفني الإبداعي لا يمكن أن يكون صامتا ولا بد أن يتميز عن الجمال الطبيعي بتلك الروح وذلك الإحساس المودعين فيها، لذلك كله:

فالإبداع والسحر والغموض والتأثير والحياة المستكنة في الصور والأعمال الفنية عموماً، كل تلك الاحتمالات هي التي تجعلنا نحتفي بالصور فنعجب بها، ولا ننفك نستمتع بجمالها، فتعيش معنا ظلالها الساطعة كالنور إن غاب أشخاصها أو ابتعدوا عنا مكرهين لظروف وادعاءات لعلها غير واقعية.

ومع ذلك يبقى في الأمر سر لا أستطيع أن أفهمه، فهل سيفهمه الآخرون ويقدرونه لعلهم هم الأذكى مني والأوفر حظا في التأويل والتفسير وخلق الحقائق؟ وما زال في النفس شيء من سحر الصورة، وخاصة تلك الصورة الأولى التي تحتل في القلب مكانا لا يمكن أن يتغير أو يتبدل.  

المصدر: خاص بالكاتب فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 175 مشاهدة
نشرت فى 31 أكتوبر 2012 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

726,455

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.