فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

من خوازيق السياسة الفلسطينية:

السلطة الفلسطينية عرّاب التطبيع السعودي

فراس حج محمد| فلسطين

يبدو- والله أعلى وأعلم- أن السلطة الفلسطينية شعرت بالملل دون أن يكون لها دور أو حصة في كعكة التطبيع العربي الزاحف بقوة من كل فجّ عميق، ليشهدوا لهم منافع فيه، فبدلا من أن تشجب وتولول وتحرد، وتخسر مالا وسفرا، وامتيازات، فأعربت عن مساعداتها لتكون عرّابا هذه المرة لتطبيع السعودية مع الاحتلال. السلطة بهذا الإجراء السياسي التكتيكي "البراغماتي جداً" تتحاشى ما كانت تفعله بنا أمهاتنا ونحن أطفال، عندما كنا نحرد عن الطعام أو الشراب أو عطية ما، فيُدِرن وجوههن عنّا غير آبهات بحردنا، وتذهب الحصة لغيرنا من "الواقعيين" العمليين من أشقائنا، أما الحردان، فالله لا يقيمه، وراحت عليه! هكذا ببساطة لعبة السياسة اليوم، طفل سياسة أو أحمق لا فرق، يريد أن يكون له نصيب لأنه جرّب الحرد مع الإمارات فراحت عليه، ورجع صاغرا ذليلا يشمشم من فتات المال الإماراتي. لقد تعلموا أخيرا أن الحرد لا يجدي نفعا، فعليك أن تنخرط باللعبة، وعليّ وعلى أعدائي يا شعبنا المناضل! وكما قالت ستي الله يرحمها: "وَهُو يا ستي قطعة ولا القطيعة". كانت ستي رحمها الله أيضا تفهم بالسياسة، هذا ما اكتشفته بعد رحيلها.

أما السعودية، فالحق يقال والله، إنها "حريصة على ألا تغضب السلطة من التطبيع"، لذا فإن التطبيع القادم لن يتم إلا برضا السلطة، وإشراكها في الرشف من صحن "الشوربة" ولو بملعقة صغيرة، كملعقة دواء الأكامول الإسرائيلي للأطفال، فقد أثبت نجاعته ضد الحمى! فها هي السلطة كما جاء في الخبر تطالب السعودية "بتجديد المساعدات المالية التي أوقفتها الرياض قبل عدة سنوات". فالرياض أيضا "تعطي وتحرم زيّ هواك"- هوى نتنياهو وهوى بايدين ملك الروم المعظّم.

وليس التطبيع السعودي، بل كل "التطبيعات" القادمة لن تسمح السلطة بمرورها دون أن يكون لها "حصة ما" أو "امتياز ما". أما كونهم طالبوا بطلبات "وطنية" كهذه الواردة في خبر صحيفة القدس على صدر صفحتها الأولى يوم الجمعة في الفاتح من سبتمبر 2023، والقاضية بتبادل أراضٍ والدفع إلى استئناف مفاوضات فهي طلبات خيالية تعرف مسبقا أن "اليهود الغلابى" الذين يعانون من الاضطهاد لن يوافقوا عليها مطلقا، بل سيسخرون منها، هذا إن كان ما طرح إعلاميا فعلا وحقا سيقال خلف الأبواب الموصودة، فالاحتلال انتهك أ و ب و ج وانتهك حرمة الأموات قبل الأحياء، وسرق الماء والتراب والهواء، فهل سيعطينا أراضي بدلا من أراضٍ! فالنتنياهو غير معني بتقديم مثل هذه "التنازلات"، ولن يكون مستعدا لبحثها مع نفسه حتى، فهي بالنسبة له، نكتة مثيرة للقرف، فقد "شاخ على التيوس بلا فلوس" فما الذي يجبره لتقديم هكذا تنازلات؟

عدا أن منطق الاستبدال الوارد في الخبر بحد ذاته جريمة، كأن الأرض الفلسطينية قطعة قماش ملك شخصي لأزلام السلطة القابعين في المقاطعة الراملّاوية يبادلونها ويستعملونها ويتصدقون بها كما يشاءون، وعلى أي أساس يتم الاستبدال؟ أليست كل الأرض لنا؟ إنهم يتعاملون مع الموضوع بمنطق الغباء العام، واستعباد العباد، دون أدنى إحساس بالكرامة الوطنية، أو الشخصية على أقل تقدير.

أي استغباء هذا؟ وأي استحمار لهذا الشعب الذي يدفع يوميا من دمه وعرق جبينه ثمن فواتير المقاطعة والسفراء والمحافظين الجدد والقدماء وامتيازات الوزراء والأعيان وأبنائهم في الداخل والخارج.

السلطة تعلم أن طلبها بتبادل الأراضي سيضاف إلى قائمة المستحيلات، (بما فيها المساعدات السعودية إلا إذا أوعز بايدن بدفعها أو بتقديم جزء منها كرشوة سياسية داخلية)، لتصبح تسعة مستحيلات بعد أن أضاف وائل كفوري قبل سنوات مستحيله الثامن "لما ضحكت وخصرك مال" على رأيه. وبهذا سيصبح المستحيل التاسع لما "إسرائيل تضحك وخصرها يميل" من طلب السلطة غير المعقول والجنوني، فالأرض كل الأرض تحت سيطرتها، بل وكل من قي المقاطعة وما حول المقاطعة يأتمرون بأمر نتنياهو ومن هو أحقر من نتنياهو رتبة ومرتبة.

وبهذا القرار السياسي الفلسطيني تكون السلطة الفلسطينية قد دقت خازوقا آخر من خوازيقها السياسية في لحم الإنسان الفلسطيني وعظمه قبل أرضه وقضيته، وصارت تلحق "الأخضر" لتنتفخ جيوب القادة من جهة، وتنتفخ السجون بالأحرار المناضلين من جهة أخرى. وكلّ ميسر لما خلق له، فالسلطة خلقت للتطبيع، والشرفاء خلقوا للنضال والتحرير. إنها قسمة ليست "ضيزى" إنها القسمة العادلة، فهنيئا لكل طرف بما قسمه الله له!

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 230 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2023 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

727,231

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.