فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

رأيٌ وموقف:

وحدهم من يتحمل مسؤولية العنف في فلسطين!

فراس حج محمد| فلسطين

 

هذا العنوان ليس إعادة للخطاب الذي قد يتشدق به بعض السياسيين الواقعيين، الواقعين بين "الصير والباب"، ومجبرين على مسك العصا من الوسط، ليرضوا الشعب ولا يغضبوا جنرالات الاحتلال. إنما هو في واقع الحال حقيقة سياسية نراها ونعيشها يوميا، في البيوت، وعلى الطرقات، وفي المواسم كافة؛ الاجتماعية والزراعية والثقافية والدينية، فالاحتلال والتعسف والعنجهية البغيضة هي التي صنعت الكره، وهي الدافع لكل هذه الأعمال، وسيشهدون وسنشهد المزيد منها في قادم الأيام والأشهر والسنوات، ما يجعل "آخرين" يفكرون بالمزيد من عمليات الانتقام، وهم يرون المستوطنين و"جنودهم" يتمادون، والسلطة الفلسطينية لا تفعل شيئاً سوى أن تستنكر وتدين دفاع الناس عن أنفسهم، سلطة ضعيفة ومستكينة وشبه ميتة، ولا تريد لأي أحد أن يتململ ويعبر عن سخطه، كأن سياسييها وتصريحاتهم "غير الوطنية" و"غير المسؤولة" والشاذة والمربكة، خناجر مغروسة في خاصرة الشعب المقهور، والمسلوب، والمسجون، والمقتول، والرازح تحت الاحتلالين وسعار الغلاء وشظف العيش، تطارده الأشباح في المنام واليقظة.

أحد عشر شخصاً قضوا نحبهم في ثلاث عمليات مسلحة، نفذها فلسطينيون غاضبون، لهم تجاربهم الخاصة مع الاحتلال، هذه التجارب السيئة جدا تقول للاحتلال: "إنك لا تجني من الشوك العنب"، على قادة الاحتلال أن يفهموا ذلك جيدا، وأظنّ أنهم لن يفهموا ذلك، فهم بعد كل عملية يزدادون عنجهية وتجبرا، ما يعني إقدام آخرين على القيام بعمليات نوعية، على الأقل تشفي صدورهم وصدور أهاليهم مما تعرضوا له من جنون صلف الاستعمار الصهيوني اللاإنساني، وتماهي السلطة الفلسطينية مع هذا المحتل في قهر الناس وتعذيبهم بطرق معلنة وأخرى مخفيّة.

الاحتلال بشع، وتزداد بشاعته عندما يتحدى شعبا كاملا ويريد أن يضربه في أعماقه الروحية والثقافية والتاريخية، كما فعل الاحتلال من استقدام الوزراء العرب ليجتمعوا عند قبر المؤسس الأول لكيان الاحتلال المدعو (بن غوريون). هذا حادث لئيم جدا ومستفز وكان يلزمه أن يرد عليه سياسيا ويمنعه أو على الأقل يحتج عليه، ملك الأردن أو ملك رام الله، أو الفرعون المصري.

بشاعة الاحتلال ليست في الدم فقط وإراقته في كل وقت وفي كل مكان، بشاعة الاحتلال الصهيوني تكمن في الكره المنهجي للعربي والفلسطيني. سياسية الاحتلال وتفكيره قائمة على عدم الاحترام لكل ما هو غير صهيوني وغير يهودي، عربا وغير عرب، فكر يقوم على الكراهية الإنسانية ولا يعترف إلا بهم وحدهم، والجميع مسخر لخدمتهم، إنها "نازية جديدة".

من يتأمل التجربتين "الصهيونية اليهودية" والنازية يجد أنهما تتقاربان جدا في النظرة إلى الآخر المختلف، لذلك فهما تجربتان غير إنسانيتين، وكما لعن التاريخ التجربة النازية سيلعن التجربة الصهيو-يهودية، فهي وبال على العالم وشر لا كابح لجماحه، وما هذه العمليات إلا نفثة مصدور ومقهور، والحل الحقيقي يكمن في إزالة هذا الكيان غير الشرعي وغير الإنساني الذي لا يقوم إلا على استعباد العالم والسيطرة عليه.

أحيانا أقول إن المشكلة ليست في الاحتلال من حيث هو، فالعالم مليء بالاحتلالات، لكن المشكلة في هذا الاحتلال أن قادته مجردون من كل مسؤولية إنسانية ولا يشتركون مع غيرهم ولا يتقاطعون مع بني البشر في شيء من قيم عامة، فصنعوا لأنفسهم قيما ومعايير تختلف عن باقي العالم، فأصبحوا هم في جهة والعالم في الجهة المقابلة، فلا يعترفون بالحق والخير والجمال كقيم إنسانية عامة، بل لهم حقهم وخيرهم وجمالهم، تلك القيم التي لا تعني سوى الشر في مآلات الواقع المعيش، فمتى أصبح الإسقاط وتوظيف العاهرات والجنس وممارسته من أجل الحصول على المعلومات والمكاسب السياسية والعسكرية "عملا وطنيا ترعاه السياسة" إلا مع هذا "الشر" الاحتلالي، مارسوا ذلك مع الكل، معنا نحن الفلسطينيين، ومع العرب من الأمراء والسياسيين المساكين، ومع الإيرانيين، ومع قادة آخرين في العالم، فأي شر هذا الذي تقوم عليه الحركة الصهيونية وهي تدمر العالم سياسيا وأخلاقيا، لتتربع على عرش قيادة الشر. هذه ليست إنشائية ولا مبالغة، إنها حقيقة الإجرام الصهيوني الذي لوث اليهودية معه، ليقوم على أكتافها.

على العالم جميعا أن يحذر من هذا الشر ويقاومه وبكل ما يستطيع، فالقضاء على الشر ضرورة إنسانية وبشرية وقيمية غاية في حد ذاتها، وهذه ليست مهمة الفلسطينيين وحدهم، بل مهمة العالم أجمع. فلنبادر إلى ذلك لإنهاء هذا الشر وإزالته، ألا يكفي العالم ما يعيشه من بلاء نتيجة رعايته هذا الفكر المجبول بالشر على مدى قرن وأكثر. فليعد للعالم رشده، وللسياسة الدولية حكمتها، وللناس احترامهم لقيمهم!

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 196 مشاهدة
نشرت فى 30 مارس 2022 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

724,895

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.