فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

رسائل الشبح الصغير

فراس حج محمد 

ماذا حلّ بالحداثة يا ولدي؟

يقولون إنها أضحت في مأزقٍ وجوديٍّ كبير

يقف الشبح الصغير المحتال ضاحكا من بارودة الجنديِّ في مشهدٍ عبثيٍّ لطيف

مؤلم في الحالتين

الشبح الصغير يحقّق انتصاراته دون عناء يذكر

يجلس مرتاح البال يلتقط الضحايا في كل مكان

يحاصر المحاصرين

لا أحد في هذا العالم يستطيع التعامل معه

حادٌّ

شرسٌ

لا يهادن الأطباء ولا السياسيين

لا يعرف الهدنة مع صغير أو كبير

مع غنيّ أو فقير

مع المشاهير والمغبونين

هذا الصغير الجليل يوحّد العالم على طريقته الجنونيّة هذه

يا له من عبقريّ!

هذا الشبح الصغير يا ولدي غيّر وجه العالم المتحضّر

كشف الأوراق

عرّى الغرف السرية

أرجعنا ألفي سنة على الأقل حيث كنا عاجزين وجاهلين وسذّجا

ماذا تقول الحداثة الآن أيتها الطبيعة؟

أظن أن هذا السؤال الآن صار معضلة فلسفية كبرى

الكل مهيّأ ليموت اليوم أو غدا أو بعد غد على الأكثر

الشبح الصغير المتجبّر أفسد وجه العالم

يا له من متمرد جبار!

رغم كل شيء يخرج من بين الجدران ويحتل الرئةْ

يمنع الاقتصاد من التنفس

ويشلّ السوق السوداء

ويحطّم برميل النفط ومسكوكات الذهب الأصفر

ينعش قرصنة الأدوات الطبية وأجهزة التنفس والشرائح والكمامات

أرأيتم كيف انقلب العالم إلى كائن بدائي

يقف على رجلين من خشب ويسائل (كانت) و(هيجل) و(هايدجر) و(نيتشه)؟

ويصرخ شاحبا:

"أين هم أنبياؤك أيها العالم الحرّ الحضاريّ الجديد؟

ماذا صنعوا بنا وبك وبأنفسهم؟

خدعونا إذ تركوا الشبح الصغير يسبح في رئات الخلق دون حساب"

لا يتحمّل الله تبعات الغباء العالميّ

لماذا ينقذ العالم... ليعودوا إلى مصّ الدماء؟

وحدها الحداثة تتحمل بؤس الحداثة

ووحدهم أنبياء السوق الكاذّبين هم من جعلونا فرائس هذا الكائن المجنون

لا شيء يفلح في ردّه إلى نقطة الصفر أو المربّع الأوّل

وحدنا عاجزين نرحّب بالشبح الصغير ليدخل أجسادنا

ويكتب نهاية كل حداثة زائفة تأكل الإنسان لحما وترميه عظاما باليةْ

فكر معي يا ولدي...

حتما "هذا الوقت سيمضي" ويكون للعالم وجه آخر

أبريل 2020

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 181 مشاهدة
نشرت فى 4 إبريل 2020 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

725,684

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.