أريد حلاً في التعامل مع زوجتي، فأنا شخص هادئ، أعامل الجميع بمبدأ أن الجميع يستحق الاحترام والمعاملة الحسنة، ومستعد دوماً أن أعتذر وأن أبتلع جزءاً من كرامتي عندما يحدث خلاف مع أي شخص قريب، ودوما أتوقع حُسن المعاملة مع من أحسنت إليهم، ودائماً أجد مبتغاي، لكن مع زوجتي الوضع مختلف تماماً؛ فكلما أحسنت إليها قابلتني بسوء معاملة، وفي بعض الأحيان إساءة وتجريح، وترفض دائماً الاعتذار حتى لو كانت مخطئة، لكني في كثير من الأحيان أتنازل لكي تعود الأمور إلى مجراها، وتفتعل المشاكل في كثير من الأحيان، فأنا منذ بداية زواجنا أوضحت لها ما يُغضبني ويضايقني حتى تبتعد عنه، لكنها في أثناء قمة عطائي لها تأتي هذه الأمور وتظهر الحزن والبكاء إذا غضبت، مع كثرة تكراري لها بالحذر من الأمور التي تغضبني، مع حرصي الشديد من جانبي على عدم الإتيان بالأمور التي تغضبها، دوماً أحاول تحسين الأوضاع ولكنها لا تريد ذلك، أفكر بالزواج عليها؛ لأنني تزوجت لكي أستقر ليس لكي تضفي على حياتي مزيداً من النكد والغضب.
الإجابة
إن الإنسان يؤجر على صبره على زوجته، وقد صبر بعض السلف على سوء معاملة زوجته خمسة عشر عاماً، ثم توفيت زوجته، فلما حضرته الوفاة وذكروه بأعماله الصالحة حتى يموت وهو يحسن الظن بالله تعالى قال لهم: إن أرجى عمل عندي هو صبري على زوجتي فلانة!! .
وهذا آخر كانت زوجته تؤذيه فيصبر عليها؛ فقيل له: لماذا لا تطلقها؟ فقال: أخشى إن طلقتها أن يتزوجها من لا يصبر عليها.
فتأمل يا أخي ما كان عليه أولئك الكرام من حسن الخلق وكمال العشرة التي يدخل فيها يذل الندى وكف الأذى والصبر على مُرِّ الجفى.
ولا شك أن الإنسان خارج البيت يجد الكثير من الاحترام؛ لأن معاملته مع الناس سطحية ومحدودة، ولا تخلو من المجاملات، أما بالنسبة للزوجة فهو معها في الليل والنهار، وفي حُلْوِ الحياة ومرِّها، وإنما تتولد المشاكل من كثرة المعاشرة، ولذلك فإن أخلاق الناس لا تُعرف حقيقتها إلا بالأسفار وطول المعاملة والجوار، ولا يعرف الصديق إلا لحظة الضيق، وقد أحسنت عندما وضحت لها الأمور التي تغضبك وتلك التي ترضيك، وأحسنت بحرصك على تجنب ما يُغضبها، ولكن لا بد أن تعلم أن هذا الأمر قد يحتاج لبعض الوقت؛ فإن السنوات الأولى للحياة الزوجية فيها شد وجذب حتى يعتاد كل طرف على شريكه، وأرجو أن لا تُكثر في إعلان رغبتك في الزواج عليها؛ فإن ذلك يربك حياتها ويؤثر على تصرفاتها، كما أرجو أن تحاول أن تتذكر الجوانب الإيجابية في هذه المرأة، فإذا كانت إيجابياتها كثيرة فكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه، وهذا هو الإنصاف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم القائل: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)، ويقول الله تعالى: {فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}.
كما أن هذا النفور قد يكون له أسباب، وعليه أرجو مراجعة أسلوبك وطريقتك في الحياة، كما أرجو أن تزيد من اهتمامك بمظهرك، وأن تحاول إظهار كلمات الود، واحرص على أن تقدم بين يدي معاشرتك لزوجتك كلمات لطيفة ومداعبات جميلة، وتذكر أن النجاح في فراش الزوجية ينعكس على حياتكما، والفشل في الفراش يورث الكراهية ويُلقي بظلاله وظلامه على مسيرة الحياة.
واحرص على تجنب المعاصي والذنوب؛ فإن من آثار المعاصي والذنوب النكد في الحياة الزوجية، قال قائلٌ من السلف: (والله إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وخلق امرأتي)، وأكثر من الصالحات وواظب على رضى رب الأرض والسموات، واعلم أن الله يقول: {وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} [الأنبياء:90].
ساحة النقاش