ومع ذلك تبقى تلك الحفرة أعمق حفرة وصل إليها البشر في تاريخهم، وخلال المشروع قام العلماء بانزال ميكروفانات شديدة الحساسية في الحفرة لسماع حركات طبقات الأرض ولكن ذهلوا لما سجلته الميكروفات ، يقول أزاكوف الذي أشرف عل المشروع :" كرجل شيوعي لا أؤمن بالكتب السماوية أو يوم الحساب لكن كعالم أؤمن بوجود الجحيم ، ولا حاجة للقول بأننا صدمنا لذلك الاكتشاف ولكننا نعلم بما رأيناه وسمعناه ومقتنعون الآن بأننا حفرنا عبر بوابة جهنم".
ما هي حقيقة تلك الأصوات ؟ هل هي مجرد أكذوبة ؟
وفي الواقع تضخمت أحداث تلك القصة عندما روج أستاذ مدرسة نرويجي يدعى آغي رندالن عن مخلوقات تشبه الخفافيش تخرج من الحفرة على أمل أن تلتقطها وسائل الإعلام دون التأكد من حقيقتها وفعلاً حدث ما أراد وانتشر خبر "صراخ المعذبين" Sreams of Damned على شبكة الإنترنت كالنارفي الهشيم مع تسجيل صوتي يزعم أنه نفس التسجيل الذي التقطه علماء الأرض عندما أدخلوا ميكروفونات حساسة في الحفرة.
وهكذا أصبحت كل جماعة دينية تعتمد على ذلك التسجيل والخبر الذي أعيد إنتاجه بلغة صحف الإثارة فقط لاثبات وجود جهنم الأرضية، أو عذاب القبر، ومن ضمن المتحمسين لذلك الخبر كان الشيخ العلامة اليمني عبد المجيد الزنداني حيث علق عليه في التلفزيون. وكان قد نشر سابقاً على اليوتيوب.
- في الواقع لم يحدث أن أكد أو برهن العلماء في مشروع كولا على سماع تلك الأصوات المزعومة ، فالخبر الأصلي تناول فقط اختراق قشرة الأرض وسماع أصوات من الحفرة (أصوات حركة طبقات الأرض ) ثم تبعه ايقاف كامل لعمليات الحفر.
ما هي حقيقة التسجيل الصوتي ؟ قامت هيئة مستقلة اشتهرت في إجراء بحوث في الظواهر الغامضة في سنغافورة ويرمز لها إختصاراً بـ SPI باجراء تحاليل لأمواج الأصوات التي زعم أنها تخص أصوات الملايين من البشر المعذبين وتبين أن تلك الأصوات المسجلة ليست إلا نتيجة مزج متعمد لعدد ضئيل من الأصوات البشرية ، حتى أن للكثير من تلك الأصوات نفس الشكل الموجي والتردد ولكنها مزاحة عن بعضها البعض ، ومن المعروف أنه يصعب جداُ أن يكون لاثنين من البشر نفس النمط الموجي للصوت إلا أن الأصوات احتوت على تطابقات فريدة لا توجد عادة لدى سماع جمهرة من الناس. للمزيد من المعلومات التحليلية لموجات الصوت يمكنك القراءة هنا .
الكل يعلم أن ذلك الأمر لم يعد صعباً نظراً لتوفر البرمجيات المتقدمة التي تضفي مؤثرات صوتية وحتى أنها تغير صوت الرجل إلى امرأة أو حتى طفل. وعملية مضاعفة الصوت الواحد إلى مجموعة من الأصوات لن تكون أيضاً صعبة فهي صف لنفس موجة الصوت ووضع عدة نسخ منه في قنوات متوازية متزامنة على المسار الزمني Timeline ليتم تركيب الصوت النهائي والذي وصفته الصحف على أنه "صراخ الملايين من المعذبين" .
دراسة الأهدافربما أراد آغي رندالن الشهرة لنفسه من وراء تلفيق تلك الأخبار التي لم يؤكدها أحد، وربما قام بنفسه بإنتاج تلك الأصوات عن طريق الكومبيوتر وقدمها للصحافة التي نشرته على هذا الأساس ، ما هو الهدف ؟ ربما كان له خلفية دينية و رغبة في لمحاربة الفكر المادي (الغير روحاني ) في الشيوعية التي تعتبر الدين أفيون الشعوب ، فاستغل كلمات أزاكوف وفي نفسه يقول :" انظروا يا عالم ، حتى الملحدين الماديين من الشيوعيين يصدقون بحقيقة جهنم " وبالتالي يدعم وجهة نظر الإيمان الديني ضد المتشككين فيه، على أية حال نجح هدف آغي رندالن لأنه انتشر في بعض الاوساط الدينية المسيحية والإسلامية التي لم تأخذ وقتاُ كافياً للتحقق من الخبر بل سارعت إلى استخدامه وفق المعتقدات التي تنطلق منها كموضوع عذاب القبر في المنظور الإسلامي أو فكرة الملعونين في جهنم في المنظور المسيحي ، وهنا أقول : " هل يتحقق الهدف الدعوي من وراء تبني أخبار لم يتم التأكد أصلاً من صحتها خصوصاً أن مكان جهنم أو عالم البرزخ أمر غيبي ؟ ! " ، لمزيد من المعلومات إقراً عن الادلة المزيفة وأهدافها.
مصير مشروع الحفر
ساحة النقاش