العلم أساس التطوير
د. زياد موسى عبد المعطي
العلم أساس التطور والتقدم والرقي الذي حدث والذي يحدث الآن والذي سوف يحدث في المستقبل. العلم ليس رفاهية بل ضرورة للأفراد والدول، العلم غير ويغير وسوف يغير أسلوب وشكل الحياة على وجه الأرض وتحت الأرض وفوق الأرض. العلماء رسموا خريطة الماضي والحاضر، وسوف يغيرون شكلها في المستقبل.
ما الذي غير صور المواصلات التي كان يستخدمها الإنسان في القرون السابقة من الخيل والبغال والحمير والجمال إلى وسائل مواصلات حديثة كالقطارات والسيارات والطائرات؟
ما الذي غير شكل الإضاءة في البيوت والشوارع والمنازل والمصانع؟ وما الذي صمم الكهرباء التي أضاءت العالم؟
ما الذي صمم المصانع وطور شكل السلع المختلفة الموجودة في الأسواق؟
ما الذي أمدنا بأنواع الطاقة المختلفة (المستنفذة والمتجددة) التي تستخدم في توليد الكهرباء وتسيير وسائل المواصلات.
وما الذي جعل الإنسان يصنع الراديو والتلفاز والهاتف والكمبيوتر وغير ذلك من الأجهزة الحديثة؟
ما الذي جعل الإنسان يرسل سفن فضاء لسطح القمر ويرسل أقماراً صناعية لأغراض مختلفة؟
ما الذي طور أجهزة الحروب من السيوف والدروع إلى البنادق والدبابات والطائرات والصواريخ؟
ما الذي جعل الإنسان يطور من إنتاجه الزراعي من محاصيل نباتية أو إنتاج حيواني ويضاعف الإنتاجية لمواجهة الزيادة السكانية؟
ما الذي جعل الدول المتقدمة تخطو خطوات واسعة نحو التقدم، بينما غيرها من الدول لا تفعل ذلك؟
إنه العلم، نعم العلم غير الماضي وغير نمط الحياة، والعلماء بذلوا مجهود وأفنوا عمرهم في خدمة البشرية، ولأن الدول المتقدمة تقدر العلم، فهي تكرم العلماء، وتوفر لهم الإمكانات اللازمة لإبداعهم، وتوفر لهم حياة كريمة، فهم يخطون خطوات متسارعة نحو التقدم والازدهار، بينما غيرهم من الدول لا يحذو حذوهم، ومن ثم لا يجنون ثماراً مثلهم.
وكما قال الشاعر:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم .... على الهدى لمن استهدى أدلاّء
لقد ساهمت العلوم الإنسانية بشكل كبير في تغيير أنماط الحياة، فالدول المتقدمة تعتمد في اتخاذ قراراتها على العلماء في شتى الميادين، فمثلاً علماء العلوم السياسية والاستراتيجية يؤدون دوراً مهماً في صنع القرارات التي تتخذها الحكومات، وكذلك علماء الاقتصاد، وعلماء التاريخ يساهمون في رسم مسارات المستقبل بالاستفادة من دروس التاريخ، بتجنب أخطاء الماضي والاستفادة من إيجابيات من سبقونا، وغير ذلك من فروع العلم المختلفة.
العلم تهتم به الشركات الكبرى في العالم التي تحقق أعلى المبيعات، وتحقق من الأرباح المليارات، فمثلاً شركات السيارات تنتج كل عام موديلات جديدة من السيارات، وشركات الكمبيوتر تنتج تحديثات لمكونات الكمبيوتر وتنتج برامج جديدة، وشركات الأدوية تنتج عقاقير جديدة، وغير ذلك من الأمثلة. بل أيضاً الناحية التسويقية لكبرى الشركات تنمو وتزداد بالاهتمام بالعلم، فمثلاً من المعلوم أن بعض المنتجات التي يستهلكها المسلمون مثل السبح وسجادات الصلاة وفوانيس رمضان تنتجها دول ليست مسلمة، وتطورها باستمرار حسب احتياجات الدول المستهلكة لهذه السلع وفق استطلاعات لحاجات أسواق هذه الدول.
ولكي تتقدم أي دولة، لابد أن تهتم بالعلم والعلماء، وتطور من مناهج التعليم في المراحل التعليمية المختلفة لكي ينتج التعليم أناسا يستطيعون أن يفكروا، ويكون من بينهم علماء مبدعون، يجعلون دولهم في مصاف الدول المتقدمة، ولكي تكون هناك شركات ومؤسسات عملاقة وعلى مستوى عالمي لابد من استعانتها بالعلماء لتطوير منتجاتها مثل الشركات العالمية الموجودة الآن في شتى المجالات.
وكما قال الشاعر:
العلم يبني بيوتا لا عماد لها ....... والجهل يهدم بيت العز والكرم
وديننا الإسلامي يحض على العلم، فأول آية في القرآن "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، ويقول الله عز وجل "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات"، والعلم طريق إلى الجنة، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له طريقاً إلى الجنة "، والأمة الإسلامية حملت مشعل العلم الذي أنار للعالم ظلمة الجهل في القرون التي كانت أوربا تعاني فيها ظلمة الجهل، وحملت مشعل العلم بعدها أوربا، وتشترك معها الآن الولايات المتحدة، واليابان، ودخلت دول أخرى في مصاف الدول المتقدمة نتيجة اهتمامها بالعلم والعلماء مثل الصين والبرازيل والهند.
نحلم بوقت قريب نرى فيه دول العالم العربي والإسلامي في مصاف الدول المتقدمة علمياً؛ تنتج وتصدر العلم والتكنولوجيا، نتيجة اهتمامها بالعلم والعلماء.