الفساد سم قاتل
د. زياد موسى عبد المعطي
صاحب بيت ملأ بيته القامة المتعفنة، مما أدى إلى تراكم الذباب والبعوض، فلم يعبأ بذلك صاحب البيت، ثم ظهرت بعض الفئران، ولم يعبأ صاحب البيت، ثم ما لبثت أن ظهرت بعض الثعابين، وتركهم صاحب البيت يترعون ويمرحون.
فانتشرت في المنطقة كلها المحيطة بالبيت الذباب والبعوض والفئران والأفاعي، يؤذون من يعيشون بجوار البيت.
فما كان من أهل المنطقة المحيطة بالبيت إلا أن صبروا لعل ساكن البيت ومن معه يقومون بتنظيف البيت والقضاء على ما به من ذباب وبعوض وفئران وأفاعي، أو لعل هذه الكائنات الناتجة عن العفن تقضي على صاحب البيت بمرض عضال أو قرصة ثعبان، ويأتي بعده من يصلح حال البيت، وطال صبرهم لعل الأمر ينصلح ويزول هذا العفن الذي يؤذيهم وسبب لهم الأمراض وكاد أن يقتلهم هم وذويهم.
ولما طال صبرهم، ونالهم الكثير مما يخرج من البيت نتيجة وجود القمامة المتعفنة من روائح نتنة أو كائنات ضارة، هب الجيران من الضرر الواقع عليهم، وطالبوا صاحب الدار بالرحيل، ولكنه رفض فتجمعوا وأصروا على رحيله، وهو يصر على البقاء في هذا الجو المتعفن، ويشحن مع مؤيدين لبقائه في هذه الدار، ومع إصرارهم على رحيله، ومع تخلي مؤيديه عنه، ومع عدم وجود سند له يحميه اضطر على الرحيل.
أرى هذا القصة أمامي تلخص ما حدث في العهد السابق، فرئيس مصر السابق كان يرى الفساد يتراكم أمامه، ويرى المفسدين أمامه يزدادون قوة ونفوذ، وتشجع الكثيرون من المفسدون فتحول بعضهم من مقدار بعوضة إلى مقدار فأر ثم إلى ثعبان كبير، وكثر المفسدون بأنواعهم المختلفة كلٍ على حسب حجمه.
الفساد الذي انتشر في عهد الرئيس السابق وبدأت تظهر بعض ملامحه في وسائل الاعلام المختلفة بعد تنحي الرئيس أراه يمثل عبرة للتاريخ، للرؤساء والزعماء، وغيرهم في المواقع القيادية في الحكومات في العالم، أقرأ أمامي حكمة يمكن أن يكتبها التاريخ "الفساد يقتل من يرعاه" أو "الفساد يقتل صاحبه" أو "الفساد ابن عاق يقضي على أبيه".
فإلى كل مسئول في موقعه كبر أو صغر هذا الموقع أقول: "احترس من الفساد، ولا تتستر على فساد، الفساد فيه سم قاتل".
