الهروب من "العلوم" ضد مستقبل الوطن
بقلم: زياد موسي عبد المعطي
كتب الكثير من الكتاب والمفكرين في الآونة الأخيرة عن أسباب كراهية كليات العلوم وتناقص اعداد طلاب القسم العلمي في الثانوية العامة ويذكرون حقيقة ان اغلب من يدخلون كليات العلوم يدخلونها وهم لها كارهون ولدخول هذه الكليات محبطون ويدخلونها وهم مرغمون بعد أن فاتهم قطار كليات القمة الطب والصيدلة والهندسة ويصفون هذه الكراهية لدي الطلاب بالكارثة الخطيرة التي تهدد مستقبل وطننا الغالي مصر وجدت ان هذه المقالات هي محاولة لوصف هذه المشكلة التي تمثل داء عضالا يصيب جسم الوطن ويصيب مستقبلها بالخطر ووجدت محاولات لوصف العلاج الناجع لهذه المشكلة.
اتفق مع هذه الآراء في ان هذه المشكلة عويصة تحتاج لفريق من الخبراء في ميادين مختلفة لحل هذه المشكلة واختلف مع من كتبوا الدواء في هذه المشكلة من المفكرين والصحفيين فرأيت أن أكتب في هذا الموضوع بصفتي من خريجي كليات العلوم وألمس معاناة خريجي هذه الكليات وخلال السطور التالية أقدم بعض المقترحات التي أراها من وجهة نظري ومن وجهة نظر آخرين حلا وعلاجا لهذه المشكلة.
فكليات العلوم كما يعلم الكثير هي أم الكليات العملية الأخرى وتقدم الفروع التي تدرسها هذه الكليات أساسي لتقدم العلوم الأخرى كالطب والصيدلة والهندسة والزراعة تتداخل مع فروع العلم في كلية العلوم من الكيمياء والأحياء والفيزياء والرياضيات والجيولوجيا.
أهم حل لهذه المشكلة من وجهة نظري هو توفير فرص عمل لخريجي هذه الكليات تناسب تخصصاتهم ومجال دراستهم وبدخل مرتفع فتوافر فرص العمل بدخل مرتفع يجعل الطلبة يقبلون علي أي كلية ويجعلها من كليات القمة ولنا في كلية هندسة البترول والتعدين في السويس مثل حي لذلك فلأول مرة تصبح هذه الكلية هي الكلية رقم واحد في مكتب التنسيق في مصر في العام الدراسي الحالي وزاد الحد الأدنى لها عن كليات الطب والصيدلة وكذلك كليات التربية عندما كان هناك تكليف لخريجيها كانت من كليات القمة في القسمين العلمي والأدبي وعندما تم رفع التكليف عن خريجي كليات التربية انخفضت مكانة كليات التربية في ترتيب رغبات الطلاب في مكتب التنسيق وانخفض معدل تقدم الطلاب المتفوقين إليها وتوفر فرص العمل رفع مكانة كليات التمريض لمكانة كليات القمة بل وأيضا المعهد الفني الصحي ارتفع الحد الأدنى للقبول به في مكتب التنسيق وصار أعلي من الكثير من الكليات لوجود تكليف لخريجيه بل ووجود فرص للإعارة لخريجيه إلي دول الخليج فهل تتوافر فرص عمل كثيرة لخريجي كليات العلوم تستوعب خريجيها حتي يقبل عليها الطلاب ويحبون الالتحاق بها؟
أجد ان حصول طلاب هذه الكليات علي فرصة عمل في الوقت الحالي أمر صعب المنال ويحتاج لبحث وجهد ونضال أو واسطة في أغلب الأحوال والعمل المناسب لخريجي كليات العلوم في مجال تخصصاتهم في المصانع أو شركات البترول يحصل عليه الأقلية والكثير من خريجي كليات العلوم في مصر عانوا ويعانون من البطالة لسنوات طويلة وأغلب من يجدون فرص عمل يواجهون صعوبات ويجدون من يصفهم بأنهم يعملون في غير تخصصهم فمن يعمل من خريجي العلوم في التدريس يجد من يقول له هذا ليس مجالك بل مجال خريجي كليات التربية ومن يعمل في شركات الأدوية يجد من يقول هذا ليس مجالك بل مجال خريجي الصيدلة ومن يعمل في التحاليل الطبية يجد من يقول له انه ليس مجالك ولكن مجال خريجي كليات الطب ومن يعمل في قطاع الزراعة يجد من يقول له هذا ليس مجالك بل مجال كليات الزراعة بل اني أعرف خريجين من كليات العلوم يعملون تمرجية عند أطباء وآخرين يعملون سكرتارية عند محامين وآخرين يعملون أعمالا حرفية يدوية فهل من يري مصير مثل هؤلاء يفكر في الالتحاق بكليات العلوم؟؟!!
فإذا كان هناك رغبة ملحة في الحفاظ على كليات العلوم وخريجيها من أجل مصلحة هذا الوطن فيجب البدء في اصلاح شئون هذه الكليات وتنظيم قانون ينظم عمل خريجيها ويمنحهم فرص عمل في مجالهم.
ولكي نصل لهدف توفير فرص عمل يجب تطوير وتغيير المناهج بما يتناسب مع سوق العمل ويجب تطوير الدراسة في كليات العلوم واني أعلم ان هناك تطوير في المناهج النظرية وفق منظومة الجودة التي تتبناها وزارة التعليم العالي وهذا شيء جميل ونطمع في المزيد من التطوير كذلك في المناهج العملية وتطوير معامل هذه الكليات والأكثر أهمية هو التدريب العملي والذي أعلمه ان التدريب العملي يكون فقط في الاجازة الصيفية الأخيرة للطلاب "أي بعد امتحانات العام الدراسي الثالث وقبل بداية العام الدراسي الرابع" ومن وجهة نظري هذا غير كاف فأري أن يكون التدريب بداية من أول اجازة صيفية في المؤسسات والشركات والمصانع والأماكن المختلفة التي تناسب التخصصات التي تقوم الكلية بتدريسها ويجب أن يكون التدريب فعلا لا تدريب علي الورق كما يحدث أحيانا حيث يذهب الطلاب إلي مكان التدريب فيوقعون في دفاتر حضور وانصراف وينصرفون مباشرة دون أي استفادة أو تدريب واقعي وهناك أصوات تطالب بجعل كليات العلوم خمسة سنوات دراسية وذلك بجعل العام الدراسي الخامس للتدريب في الأماكن الميدانية ولكني أري ان التدريب الصيفي من أول اجازة صيفية يكفي بالإضافة إلي التدريب العملي يوم في الاسبوع في العام الدراسي الرابع بالإضافة إلي مادة البحث والمقال التي يأخذها الطلاب.
وكذلك يجب تطوير كليات العلوم باستحداث أقسام جديدة تناسب سوق العمل وأن يكون تطوير هذه الكليات يتم بناء على الاحتياج الفعلي لسوق العمل في الحكومة والقطاعين العام والخاص فالتعليم بصفة عامة يجب أن ينتج خريجين بما يتلاءم مع احتياجات السوق فيجب أن ننتج خريجين يمتلكون مهارات تتناسب مع احتياجات سوق العمل لا أن ننتج خريجين والسلام أو خريجين يشرعون بعد التخرج في تأهيل أنفسهم لسوق العمل.
هذا بالإضافة لبعض الحلول لعلاج هروب الطلاب من القسم العلمي في الثانوية مثل اعداد مناهج شيقة وجذابة لطلاب الثانوية في العلوم وتفعيل دور المعامل في المدارس الثانوية وأن يدرس الطلاب العملي في هذه المعامل لا أن تكون ديكورا أو أن يخاف المدرسون ومديرو المدارس على العهدة فيغلقون المعامل وكذلك عدم وضع امتحانات تعجيزية في المواد العلمية في الثانوية العامة فنجد كل عام الطلاب يصرخون ويبكون من صعوبة امتحانات الكيمياء والفيزياء.
وكذلك صورة العلماء والعلميين في الدراما يجب أن تتغير لصورة واقعية فهؤلاء ناس طبيعيون لا كما تصورهم بعض الأعمال الدرامية بأنهم غير طبيعيين أشبه بالمجانين فمن يعمل في معمل تجده يفرقع المعمل وتجده "أبله وعبيط وشعره منكوش".
وأرجو من الله أن يهتم المسئولون في بلدنا بأمر العلم وكليات العلوم والقسم العلمي في الثانوية العامة لأن بقاء الوضع على ما هو عليه يمثل خطرا جسيما على مستقبل هذا الوطن وأن يتم تغيير الواقع لما هو أفضل حتى تتقدم مصر فالعلم أساس التنمية في أي وطن.