ينظر بعض الناس إلى الإنترنت على أنه أسرع وأسهل من زيارة الطبيب، فنقرة زر عبر هاتف محمول تقود إلى مئات النتائج من مصادر مختلفة وصور متنوعة، وربما تجارب مماثلة أيضا. كما يستعجل المريض معرفة تشخيصه بسبب خوفه وقلقه، فيفضل أسرع الطرق وأقربها، على أن ينتظر موعد الطبيب في اليوم أو الأسبوع التالي.
أسباب اللجوء إلى التشخيص عبر الإنترنت
الخجل
الحرج والخجل، خصوصا في الأمراض أو الاستشارات المتعلقة بالصحة الجنسية، سبب شائع يدفع بالشخص نحو الإنترنت، فبعضهم يسأل الطبيب خلال الجلسة عن كل ما يتعلق بمرض السكري مثلا، بينما يترك بعض الأسئلة التي يتحرج طرحها للإنترنت، وهنا يأتي دور الطبيب في المبادرة لسؤال المريض وتبديد خجله. إضافة إلى أن آخرين يخجلون من كشف بعض أعضائهم أمام الطبيب فيحاولون طمأنة أو فحص أنفسهم من خلال الإنترنت.
العائق المادي
لا يمكن إغفال العامل المادي، حيث قد لا يتوفر الشخص على تأمين صحي مجاني، فيضطر البعض إلى دفع مقابل مادي لقاء الاستشارة أو الكشف الطبي، مما يؤدي إلى تفضيل التشخيص المجاني عبر الإنترنت.
الخوف
يسيطر الخوف أو التوقع النمطي المسبق على أذهان بعض المرضى، الذين يخافون زيارة الطبيب نتيجة تجارب سيئة من الماضي، أو يخشون من تلقي خبر سلبي حول نتيجة فحصهم، خصوصا إذا مر أحد أقربائهم أو أحبائهم بمرض مشابه، فيفضل المريض البحث عبر الإنترنت، وترجيح النتائج المرجوة، أو حشد الدلائل من مصادر شتى تدعم فرضيته.
سلبيات التشخيص عن بعد
الوهم الإلكتروني
إن التشخيص يختلف وفق حالة المريض وظروفه وسجله الطبي، فالنصائح الطبية عبر الإنترنت تكون عامة، وقد لا تناسب كل السائلين، فلا تتساوى الحلول بمجرد أنهم تشابهوا في بضعة عوارض، لذلك قد يقع السائل في شباك الوهم الإلكتروني، ففي حين أن حالته بسيطة مثلا، يقرأ عن حالات نادرة فيقلق ويتوتر ويبدأ بالتوسع سلبا، وقد يتقمص نفسيا المرض الذي قرأ عنه.
التشخيص الخاطئ
اللجوء إلى الإنترنت حصرا يؤخر التشخيص، حيث يخاف المريض أو يطمئن فيؤجل زيارة الطبيب، أو قد يقع في التشخيص الخاطئ، فالمعلومات والمصادر على الشبكة ليس دقيقة وموثوقة دائما، حتى لو كانت بغطاء "دراسة طبية"، فهناك بعض الدراسات تكون ممولة وموجهة من شركات لترويج منتجاتها، فهناك معايير خاصة للدراسات الطبية المحكمة، على عكس التي لا تشمل شريحة كبيرة أو تستند على أسس علمية ركيكة، فتؤدي إلى خلط وتشخيص غير دقيق.
كما أن التشخيص الطبي الصحيح هو عملية متكاملة لا يجوز أن تقتصر فقط على القراءة من الإنترنت، حيث تشمل الفحص السريري والمخبري، وتعتمد على تقييم حالة وسجل المريض، فالحساسية مثلا تختلف بين شخص سليم وآخر مصاب بمرض في الجهاز الهضمي.
علاج غير فعال
بعد التشخيص الطبي يلجأ المريض لوصفة علاجية عبر الإنترنت، قد تكون غير علمية أو غير مجدية، وفي بعض الأحيان تؤخر شفاء المريض، وأيضا فإن بعض الوصفات الطبيعية الشعبية يمكن أن تكون مفيدة، لكنها إضافة وليست بديلا عن الدواء الذي يصفه الطبيب المختص، لأن أمراضا مثل ارتفاع الكولسترول قد يكون مسببها وراثيا، ولا يجدي معها التزام نظام صحي فقط بمعزل عن الدواء.
انتهاك للخصوصية
يطرح البعض أسئلته ومشاكله الطبية أو ينشر صور مواضع الألم عبر مجموعات مواقع التواصل الخاصة والعامة، الأمر الذي يخترق خصوصيته ويعرضه لتحليلات وإجابات غير المختصين والهواة، فالتعليقات على مواقع التواصل لا تخضع للرقابة أو المسؤولية القانونية والطبية.
خسارة التهيئة والدعم النفسي
يحرص الطبيب عند تشخيص مريضه على اتباع طريقة مناسبة لإخباره بحقيقة مرضه إن كان خطيرا، بمساندة مختص نفسي مرافق ومشاركة بعض أقرباء المريض، وهذه الميزة يخسرها السائل عبر الإنترنت. فقد يتلقى بدون مقدمات نبأ مرضه، الذي قد لا يكون دقيقا، وقد تصاحبه معلومات خاطئة تخيف المريض وتعيقه عن التقدم في العلاج، ويقول الأطباء أن يشعرون بالجهد في بعض الأحيان مع المريض لتغيير الصور النمطية التي كونها من تصفحه العشوائي للإنترنت.
ذو حدين
رغم تداعياته السلبية لا يمكن إنكار الجانب الإيجابي في التوعية الطبية عبر الإنترنت -إن استخدمت بذكاء- وينصح الأطباء بالحصول أولا على التشخيص الصحيح من الطبيب، ومن ثم تبدأ مرحلة الاستزادة والتوعية بعد معرفة المرض وتوصية خطة علاجية احترافية.
والخلاصة أن هناك العديد من المقالات الطبية المحكمة عبر الإنترنت، لكنها تُذكر قارئها دائما أنها لا تغني عن زيارة الطبيب، جسمنا ليس حقل تجارب والطبيب المختص أفضل من (دكتور غوغل) دائما".
ساحة النقاش