أمسكتْ القلم َبتحدٍ، وأخذتْ تترقبُ كل انحناءات قراره، تتعمدُ حواس شغفها محاكاة نبضه، لتراقبَ مدى توافق ما سجلته مع الهدف المنشود، اعتلتْ ملامحها اللهفة، ثم الدهشة، والثقة، كانتْ تتلفتُ في حذر أن يراها أحدهم وهي تخفق، لم تكن تتخيل أن الطفلة بداخلها مازالت تتعطش لمزيد من العناد، انتابتها ثورة مشاعر كانت ظنت أنها خمدتْ، توالت ضحكات خيالها، ما هذا الذي يحدثُ لها بحق السماء ؟!
أكل هذا التوتر الممزوج بالسعادة لأنها استطاعت أن ترسم حرف الحاء الذي أنهك طاقة فكرها؟
أم أنه روعة التغير وبهجة التجديد؟
بكل ثبات وقفت في قاعة التدريب وقالت: يبدو أني تمكنت من الحرف كما الرسام.
جلست تُفكر وتسألُ نفسها: وكيف كنت أكتب نفس الحرف منذ سنوات بطريقة عفوية فوضاوية، وأنا سعيدة؟!
يبدو لها أنها كانت تتعايش معه، فقط من أجل البقاء في سكينة الرضا، لكنها لم تنسجم يومًا معه، ربما لم تسحرها تفاصيله التي تشبه الكثيرين، فبات نسْخًا مكررًا قبيحًا، أو ربما لم تكن تمتلكُ وقتًا لتُمعن النظر فيه، كي تدرك أنه لا يُمثلها مطلقًا، فهو يخلو من أي جمال.
انتهى وقت التدريب ودعتْ زميلاتها، لملمتْ أقلام الرسم والخط، وضعتها في حقيبتها بعد أن وعدتها بالعودة لها لاحقًا، عادتْ لعملها أمسكتْ بقلمها المعتاد رسمتْ حرف الحاء بنفس القبح الذي اعتادت عليه، وقالت له: لا تحزن يا صديقي، إن من عدم الوفاء أن أتخلى عنكَ لمجرد أني أتقنت نوعًا جديدًا من الخط، فما أسوأ أن يثب الحُلم متأخرًا ليخالف كل حدود المنطق، ويجاهد كل زلات الاعتياد، فيتركك بين أمل أفنى شوق انتظارك، وواقع لا يستحي من وأد بقايا حلم أمنياتك..
نشرت فى 29 فبراير 2020
بواسطة yasminmoghieb
عدد زيارات الموقع
11,853